مكانة المرأة الإيرانيّة في شعر ملك الشعراء بهار من منظور النقد الثقافي
الموضوعات :
محمودرضا توکلی محمدی
1
,
علی خالقی
2
,
علی باقر طاهری نیا
3
1 - أستاذ مساعد في قسم تعليم اللغة العربیة وآدابها بجامعة فرهنکیان، طهران، إیران
2 - أستاذ مساعد في قسم تعليم اللغة العربیة وآدابها بجامعة فرهنکیان، طهران، إیران
3 - أستاذ في قسم اللغة العربیة وآدابها بجامعة طهران، طهران، إیران
الکلمات المفتاحية: الشعر الفارسي, الحديث, النقد الثقافي, المرأة, ملك الشعراء بهار.,
ملخص المقالة :
إنَّ النقد الثقافي یتطرّق بالمعاني التي یخبؤها الأدیب وراء النصوص الأدبیّة و یعدّ الوعي الإجتماعي جانباً أساسیّاً لهذا المنهج. إنّ الأدب الفارسي في إيران بعد التحولات التي عُرفتْ بالثورة الدستوریة الإیرانیة التي حدثت بين عامي 1905 و1907م والتي أدّت إلى إقامة مجلس ایران، شاهد تطرّق الشعراء إلی كثير من الموضوعات الإجتماعیة الجديدة التي لانری مثيلاً لها في العصور السابقة. إنّ حبّ الوطن، مكافحة الاستبداد و الاستعمار، الدفاع عن الوطن أمام هجمة الغربيين، الدفاع عن الطبقات الكادحة كالعمّال والفلاحين والدفاع عن المرأة والدعوة إلی تعليمها ومشاركتها في الاجتماع تعدّ من أهم هذه المضامين. مع أنّ بعض شعراء هذه الحقبة من الأدب الإيراني - المتمثل في النصف الأول من القرن العشرين- قد تأثروا بالأفكار الماركسية والليبرالية والتيارات اليسارية وأتوا بما لا يلائم الإسلام وتعاليمه الإلهية، ولكن أكثرهم ما وقعوا في هذا الطریق أو أدركوا بطلان هذه التعاليم و تبرّأوا منها بعد أن دعوا إليها في بعض آثارهم. بما أنّ قضيّة المرأة وما يلمّ بها من الموضوعات كالحجاب والسفور، والمشاركة في النشاطات الاجتماعية، والحرية، وحقّ التعليم. تعدّ من أهم القضايا التي تطرّق إليها بعض أهم شعراء هذه الحقبة الأدبية في ايران، یحاول هذا المقال بأن يدرس انعكاس صورة المرأة و قضاياها تحت ظلّ القضية التي تدعي النسوية، في شعر أكبر شعراء عصر المشروطة أو ثورة الدستور في إيران وآخر شاعر دعي بلقب ملك الشعراء من بين الشعراء الإيرانيين، ألا وهو ملك الشعراء بهار. فیعکف هذا المقال علی أن يلقي الضوء علی عقائد الشاعر في هذا الإطار وفيما يُسمّی بنظرية النسوية أو المساواة بين الجنسين بصورة تحليلية ـ وصفية. إنَّ مكانة المرأة في المجتمع الإيراني، وحجاب المرأة الإيرانية، وسوء ظن الشاعر تجاه المرأة، والدعوة إلی تعليم المرأة وألخ تعدّ من أهم الموضوعات التي تدرس في هذا المجال.
القرآن الکریم#
آدميت، فريدون. (1340ش). افكار اجتماعي و سياسي در آثار دوره قاجار. طهران. سخن.#
آرين پور، يحيی. (1376ش). از نيما تا روزگار ما. طهران: زوار.#
احمدي گيوي، حسن. (1378ش). ستايشگر ميهن و آزادي. طهران: نشر قطره.#
اسلامي ندوشن، محمد علي. (1383ش). از رودكي تا بهار. طهران: نغمه زندگي.#
بهار، محمد تقي. (1368ش). ديوان اشعار. به كوشش مهرداد بهار. طهران: توس.#
ـــــــــــــــ. (1387ش). ديوان اشعار. طهران: انتشارات نگاه.#
حمداني، جمیل (2012م)، النقد الثقافي بین المطرقة والسندان، بحث منشور علی موقع دیوان العرب، الشبکة المعلوماتیة.#
رزاقي شاني، علي. (1386ش). ملك الشعراء بهار. طهران: تيرگان.#
زرقاني، سيد مهدي. (1387ش). چشم انداز شعر معاصر ايران. طهران: ثالث.#
سپانلو، محمد علي. (1382ش). شعر معاصر ايران. طهران: طرح نو.#
شوندي، حسن. (1389ش). المرأة عند بهار و الرصافي. فصلنامه دراسات الأدب المعاصر، العدد7. الخریف 1389. صص77ـ 92.#
عابدي، كاميار. (1376ش). زندگي و شعر ملك الشعراء. طهران: نشر ثالث.#
الغذامي، عبدالله (2000م)، النقد الثقافي قراءة في الانساق الثقافیة العربیة، المغرب: المرکز الثقافي العربي، الطبعة الأولی. #
مجله يغما. (1373ش). الرقم الثاني والثالث. السنة السادسة.#
ميرانصاري، علي. (1385ش). ارج نامه ملك الشعراء بهار. طهران: ميراث مكتوب.#
نوري علاء، پرتو. (1383ش) پروين فروغ سيمين در سه مرحله، زني با دامني گل (ذكری سيمين بهبهاني)، تنقیح علي دهباشي. طهران: نگاه.#
Oxford English Dictionary#
مكانة المرأة الإيرانيّة في شعر ملك الشعراء بهار من منظور النقد الثقافي
محمودرضا توكلي محمدي (الکاتب المسؤول)
أستاذ مساعد في قسم تعليم اللغة العربیة وآدابها بجامعة فرهنکیان، طهران، إیران
Mr.tavakoli@cfu.ac.ir
علي خالقي
أستاذ مساعد في قسم تعليم اللغة العربیة وآدابها بجامعة فرهنکیان، طهران، إیران
علی باقر طاهري نيا
أستاذ في قسم اللغة العربیة وآدابها بجامعة طهران، طهران، إیران
تاريخ الاستلام: 21/03/1446ق تاريخ القبول: 12/09/1446ق
الملخّص
إنَّ النقد الثقافي یتطرّق بالمعاني التي یخبؤها الأدیب وراء النصوص الأدبیّة و یعدّ الوعي الإجتماعي جانباً أساسیّاً لهذا المنهج. إنّ الأدب الفارسي في إيران بعد التحولات التي عُرفتْ بالثورة الدستوریة الإیرانیة التي حدثت بين عامي 1905 و1907م والتي أدّت إلى إقامة مجلس ایران، شاهد تطرّق الشعراء إلی كثير من الموضوعات الإجتماعیة الجديدة التي لانری مثيلاً لها في العصور السابقة. إنّ حبّ الوطن، مكافحة الاستبداد و الاستعمار، الدفاع عن الوطن أمام هجمة الغربيين، الدفاع عن الطبقات الكادحة كالعمّال والفلاحين والدفاع عن المرأة والدعوة إلی تعليمها ومشاركتها في الاجتماع تعدّ من أهم هذه المضامين. مع أنّ بعض شعراء هذه الحقبة من الأدب الإيراني - المتمثل في النصف الأول من القرن العشرين- قد تأثروا بالأفكار الماركسية والليبرالية والتيارات اليسارية وأتوا بما لا يلائم الإسلام وتعاليمه الإلهية، ولكن أكثرهم ما وقعوا في هذا الطریق أو أدركوا بطلان هذه التعاليم و تبرّأوا منها بعد أن دعوا إليها في بعض آثارهم. بما أنّ قضيّة المرأة وما يلمّ بها من الموضوعات كالحجاب والسفور، والمشاركة في النشاطات الاجتماعية، والحرية، وحقّ التعليم. تعدّ من أهم القضايا التي تطرّق إليها بعض أهم شعراء هذه الحقبة الأدبية في ايران، یحاول هذا المقال بأن يدرس انعكاس صورة المرأة و قضاياها تحت ظلّ القضية التي تدعي النسوية، في شعر أكبر شعراء عصر المشروطة أو ثورة الدستور في إيران وآخر شاعر دعي بلقب ملك الشعراء من بين الشعراء الإيرانيين، ألا وهو ملك الشعراء بهار. فیعکف هذا المقال علی أن يلقي الضوء علی عقائد الشاعر في هذا الإطار وفيما يُسمّی بنظرية النسوية أو المساواة بين الجنسين بصورة تحليلية ـ وصفية. إنَّ مكانة المرأة في المجتمع الإيراني، وحجاب المرأة الإيرانية، وسوء ظن الشاعر تجاه المرأة، والدعوة إلی تعليم المرأة وألخ تعدّ من أهم الموضوعات التي تدرس في هذا المجال.
الكلمات الدليلية: الشعر الفارسي الحديث، النقد الثقافي، المرأة، ملك الشعراء بهار.
1. المقدّمة
يشكّل النقد الثقافي ظاهرة بارزة رافقت فكر ما بعد الحداثة في ميدان الأدب والنقد، إذ ظهر في الغرب كردة فعل على النظريات
الحقل البنيوية والسيميائية وفوضى التفكيك، وتبعا لذلك فهو مجموعة من المقاربات المتعددة والاختصاصات التي ينصب عملها في الثقافي، وخدمة الأنساق المضمرة والأنظمة الأيديولوجية (حمداوي، 2012: 2)، ولذلك فهو نشاط واسع لاحدود له وليس مجالا مقيدًا بحدود، ويعرفه الغذامي بأنَّه «فرع من فروع النقد النصوصي العام، ومن ثم فهو أحد علوم اللغة وحقول (الألسنية)، معني بنقد الأنساق المضمرة التي ينطوي عليها الخطاب الثقافي بكل تجلياته وأنماطه وصيغه.» (الغذامي، 2000: 83) النقد الثقافي الذي يعد من أبرز تياراتها الفكرية المعاصرة، إذ نسعى فيه إلى الكشف عن الأنساق المضمرة والقابعة تحت أقنعة الجمالي الشعري؛ إنّ المرأة تعدّ مظهراً من مظاهر الجمال الإلهي، خلقها الله تعالی لكي تكوّن المجتمع الإنساني جنباً إلی جنب الرجل، فلهما حق التعايش والحياة معاً ولا يقع أيّ فارض أو فاصل بينهما في حياتهما الإنسانية. فعلی سبيل المثال طلب العلم فريضة علی كل مسلم ومسلمة في الإسلام ويجب رعاية حق الرجال في المجتمع كما يجب رعاية حق النساء، فإذا أدركت المرأة شأنها في الكيان الإنساني و احترمتْ حقها وقامتْ بواجبتها، يحترمها الرجل ويقوم هو بواجبها حيالها كما هو الحال في صدر الإسلام وفي المجتمع الذي يرشده النبيص نحو الصواب والهداية. ولكن هنا يطرح سؤال هام وهو: كيف نستطيع أن نحترم المرأة ونصونها من الآفات الإجتماعية التي نراها شائعة الآن في البلدان الغربية؟ بعبارة أخری ما هي كيفية حضور المرأة المسلمة في المجتمع، بحيث استطاعتْ أن تشارك في النشاطات الإجتماعية دون أن يحطّ هذه المشاركة من شأنها أو يمس بكرامتها كما نشاهدها في المجتمع الغربي؟ المكاتب الغربية برمتها تجيب بهذا السؤال أو تحلّ هذه المشكلة بالصورة التي لا تلائم وتعاليم الشريعة. أصحاب هذه المذاهب المادية ينظرون إلی المرأة بنظرتهم المادية ولا يحترمونها، بل يحسبونها - كما يحسبون الرجال - سلعةً تُستفاد في سبيل اكتساب ما يمكن من الأموال والثروات. فطبيعي أن ينظروا إلی المرأة كدمية جميلة يجب استغلالها في هذا السبيل. فطبقاً لهذه النظرية المعروفة لنيوتن بأنّ لكلّ عملٍ عملٌ يساويه في الشدة ولكن في خلاف جهته، في هذا الإطار شكلت نظرية فكرية في المجتمع الغربي فيما يرتبط بحق النساء وكيفية عيشهنّ في المجتمع. هذه النظرية تسمّي بالأنسوية أو المساواة بين الجنسين1، يعرف قاموس أكسفورد للغه الإنجليزيه هذا المصطلح علي أنّه «الدعوة إلي حقوق المرأة علي أساس المساواة بين الجنسين.» (Oxford English Dictionary، مادة Feminism) لهذه النظرية علي الرغم من ظاهرها المطلوبة، آثار هدّامة في البلدان الشرقية ومنها ايران، فأصحاب هذه النظرية خرجوا من فخّ وأوقعوا أنفسهم في فخّ آخر أعمق وأخطر، فبدل أن دافعوا عن حقوق المرأة، بدأوا نضالاً عنيفاً ضد الرجال في المجتماعات الغربية. فتسربّت هذه الأفكار إلي البلدان الشرقية ومنها ايران، فبعد تطلع الشعراء الإيرانيين علی هذه النظرية، دعا جماعة منهم في شعرهم علي مسائل تعارض في طبيعتها مع الإسلام والرؤية الدينية إلي المرأة المسلمة. أما التعاليم الدينية فتعارض وأكثر منطلقات ودعايات هذه العقيدة. الإسلام يعطي حق الحياة للمرأة كما يعطيها الرجل، فيريد من الناس رجالاً ونساء أن يظهروا في المجتمع مع العفاف والحياء وأن يغضوا من أبصارهم ولا ينظروا أو يتكلموا إلاّ بما هو أحسن. في عصرالمشروطة أو ثورة الدستور في إيران نری صراعا هاماً بين هذين التيارين المتباينين. فمن جهة نواجه جماعة تُسمّي نفسها نيّرة الفكر، تشكّلها عصبة إيرانية متأثرة بأفكار الغرب ومظاهرها ومناهجها دون أن تعمق فيها أو أن تدرك حقيقتها. هؤلاء الجاهلون يرون في الغرب مثالاً يجب الاقتداء به في جميع مظاهره ومنها وجوب سفور المرأة بين الرجال ومشاركتها في المجتمع بصورته التي يعتقدها الغربيون؛ ولكن من جهة أخری نری المفكرين والمصلحين الحقيقين وهم يعتقدون بمشاركة المرأة في المجتمع كما أمر بها الإسلام وكما بيّن لنا النبيص وأئمة الأطهارعليهم السلام كيفيتها وحيثيتها وإطارها. «إنّ عصر ثورة الدستور يُعدّ نقطة عطف فيما يرتبط بالنساء في إيران. فكثير من العوامل الداخلية والخارجية أدّت إلی تغيير رؤية المجتمع الإيراني ونظرته إلی المرأة وما يرتبط بها.» (زرقاني، 1387ش: 64) أما الشعراء الإيرانيون في هذا العصر أيضا لم يبعدوا أنفسهم عن هذا الموضوع، «ففي هذا العصر (المشروطة) لا نكاد نجد شاعراً أو كاتباً إلاّ وقد تطرّق إلی قضية المرأة في المجتمع الإيراني. لاهوتي، وايرج، وعشقي، وبروين، وكمالي، وبهار، وشهريار وشعراء آخرون لديهم أشعار كثيرة وجميلة في هذا الصدد... فإنهم حاربوا التعصبات والموهومات التي تنوء بكاهل النساء.» (آرين پور، 1376ش: 10) فنستطيع أن نقول «إنّ قضية حقوق المرأة وتشابه حقوق الرجال والنساء في المجتمع بدأت بالظهور ولأوّل مرة في هذا العصر وبدأ المفكّرون بتنديد الثقافة الحاكمة علی إيران، الثقافة التي لا تقيم للمرأة أي وزن في المجتمع وهذا الأمر فتح آفاقاً جديدة علی الأدب المعاصر الإيراني.» (نوري علاء، 1383ش: 110) فعدة من الشعراء في هذا العصر بسبب تأثّرهم بالتيّارات الغربية أو عدم تعمّقهم في التعاليم الإسلامية، دافعوا عن سفور المرأة في أشعارهم وعدة أخری أكدوا علی حجاب المرأة وحفظه كما أمر به الإسلام. يعدّ ملك الشعراء بهار من الشعراء الذين ساروا في سبيل حرية النساء، ولكنّه ضلّ الطريق في كثير من عقائده في هذا الصدد، فهو يدعو في أشعاره إلی سفور المرأة ومع أنّه اعتقد بأنّ الحياء يجب علی المرأة في جميع أنحاء حياته، ولكن عدّ الحجاب من العوائق التي تمنع من رقيّ المجتمع الإيراني. في هذا المقال وبعد الإتيان بنبذه من حياة الشاعر ندرس رؤية بهار تجاه هذا الأمر وتحت ظل نظرية الأنوسية، مستشهدين ببعض أبياته الشعرية في هذا الموضوع.
1-1. أسئلة البحث
أمّا الأسئلة التي تطرح في هذا البحث هي:
ما هي إتجاهات فکریّة لملک الشعراء بهار بالمرأة الإیرانیّة؟
کیف ینظر الشاعر إلی القضایا النسویّة؟ وهل یضیفنا المعلومات الجدیدة عن زمن الثورة الدستوریة؟
2-1. خلفیة البحث
فقا للأبحاث التي تم القيام بها، تم إنجاز العديد من الأعمال حول محمّدتقی بهار وأعماله، لكنه لم يكن أي منها عن قصائده، فقد تمت إشارات مختصرة وربما عامة في بعض الكتب والمجلات إلى موضوعات قريبة من هذا الموضوع وخاصة في مجال النقدي في الشعر العربي والفارسي المعاصر وأهمها المذكور أدناه:
-ضیاء الدینی دشتخاکی، علی ؛ حیدریان شهری، احمدرضا، (1393ش) انتشرت مقالة في موضوع «خوانش تطبیقی مفهوم آزادی در شعر محمود سامی البارودی و ملک الشعراء بهار» تمت كتابة هذا المقال بناءً على نظرية لوسيان غولدمان البنائية وبمنهج تحليلي مقارن. وبالإضافة إلى تحليل البنى النصية لقصيدتي هذين الشاعرين، مع الحركة العائمة بين الشعر والمجتمع، باعتبارهما بنيتين مرتبطتين، فإنَّه يوضح أسس خلق مفهوم الحرية في تعبيرهما الشعري في جزئين.
- طایفی، شیرزاد؛ فاتح دولت آبادی، آرمان؛ (1398ش) في مقالة موضوعها «درآمدی بر اندیشۀ میهنگرایی ایرانشهری در شعر ملکالشعراء بهار» حاول المؤلفان في هذا البحث الوصول إلى قراءة تاريخية أساسية لشعر بهار في فترات الحكم الثلاث محمد علي شاهي وأحمد شاه ورضا شاه من خلال الاعتماد على الدراسات المكتبية والوثائقية واستخدام أسلوب تحليل المضمون والتأكيد على " النقد التاريخي الأساسي" للسيد جواد الطباطبائي.
- بصیری، محمدصادق؛ نور محمدی، راضیه؛ (1390ش) انتشروا مقالة تحت عنوان «استعمارستیزی در اشعار ملک الشعراء بهار و جمیل صدقی الزهاوی» في هذا المقال وبعد مناقشة مختصرة حول الأدب والوضع السياسي والاجتماعي في إيران والعراق وحياة الشاعرين، سيتم دراسة مناهضة الاستعمار ومعارضة تدخل الأجانب في نظر الشاعرين ومناسبة سيتم إعطاء القصائد كدليل.
- صباغی، علی؛ حیدری، حسن؛ (1392ش) موضوع دراستهما «بررسی مقایسه ای آراء بهار و نیما یوشیج درباره ی شعر و شاعری»، يبحث هذا المقال ويقارن بين آراء شاعرين من نفس الفترة، مالك الشعار بهار باعتباره آخر ممثل بارز للشعر الكلاسيكي ونيما يوشيج باعتباره أول ممثل للشعر الحديث حول الشعر والشعر. ومن أهدافها إظهار الصراع على التقليد والحداثة في مجال الشعر والشعراء والذي نشأ حسب الجو العام للمجتمع.
وما يجدر بالذكر، لم يتم حتى الآن إجراء بحث شامل وكامل في هذا المجال، ولم يتم بعد دراسة أبعاده وزواياه بعناية وتحليل من قبل الباحثين. فقد كان البحث جديدا كل الجدة ويختلف اسلوب الباحث فــي تطرقه للموضوع اختلافاً عن الأعمال المذكورة.
2. الإطار النظري للبحث
1-2. ثورة الدستور و المرأة
مرّت المرأة بصورة عامة بتاريخ مظلم أفقدها حرّيتها و مكانتها اللائقة بها وجعلها سقط المتاع؛ تعيش الحرمان بكل معناه، فهي تباع و تشتری و تورث كما يورث المال بل و أحيانا يُحكم عليها بالموت عند موت زوجها فبقيت المرأة تنوء بثقل ما حمّلتْ به إلی وقت قريب. یتکوّن المجتمع الإنساني من الرجال و النساء معا، وكلّ مجتمع لا يُعطى فيه حقوق النساء ولم يهتم بها بشكل يناسب شأنها، فهذا المجتمع يشبه بالانسان الذي أصبح نصف بدنه مفلوجا بحیث لا يتمكّن للمجتمع في هذا الحال أن يصل إلى الرّقيّ والحضارة. أدی التعرف علی ثقافة الغرب من طريق إرسال البعثات العلمية وترجمة الآثار الأدبية الغربية إلی اللغة الفارسية في عصر ثورة الدستور (المشروطة)، إلی تطوّر الأدب الفارسي ودخول كثير من المضامين الجديدة فيه. إنّ ثورة الدستور أيضا بدورها أضفتْ كثيراً من المضامين الجديدة إلی الأدب الفارسي، فنستطيع أن نلاحظ هذه التطورات في شعر عصر(المشروطة) ونثره بصورة واضحة. في الحقيقة واجه أدب ( المشروطة) في إيران تيارين أساسيين، هما: «تيار يتبع التعاليم الإسلامية وزعيمه علماء الدين ومراجع الشيعة وتيار يتبع إيدئولوجية ديموقراطية وأصحابه هم الذين يتبعون الغرب وثقافته، ویسمّون منوّري الفكر.» (راجع: اسلامي ندوشن، 1383ش، 3: 381- 467) فيري بعض من متخرّجي الجامعات الغربية ومنوري الفكر، الحجابَ عاملاً في تخلّف المرأة وبعدها من النشاطات الإجتماعية. ومن هذا المنطلق نري انتشار صحف كثيرة في ايران منها: «صور إسرافيل، حبل المتين، مساوات وايران نو.» (آدميت، 1340ش: 157) في هذه الصحف مقالات يدافع الكاتب فيها بزعمه عن حقوق المرأة. (شوندي، 1389ش: 80)
كما نعلم أنّ بداية كل قضيه اجتماعية أو سياسيه جديدة في كلّ مجتمع يكون مع كثير من المحاولات والأخطاء حتّی يستتبّ الأمر ويهدأ الأوضاع ويصل الشعب إلی ما يريده من الحرية والسعادة. لا يستثنی عصر ثورة الدستور أيضاً من هذه القاعده الأساسية، فبعد تعرّف الإيرانيين علی حقوقهم الحقة، حاولوا في سبيل استعادتها واستعانوا بكل وسيلة في هذا الطريق فکان من البدیهي والطبیعي أن يصيب بعضٌ منهم ويخطئ البعض الآخر. دخل الشعراء في هذا الحقبة من تاريخ الأدب الفارسي، المجتمعَ بأسلحة أشعارهم ووقفوا جنباً إلی جنب الشعب في نضالهم المقدس في سبيل الوصول الی الحرية والاستقلال. تعتبر قضية المرأة الإيرانية وما تعاني منه المرأة في إيران، من أهم القضايا التي تطرق الشعراء إليها في شعرهم، ولكن بعض هذه الشعراء بسبب تأثّرهم بالثقافة الغربية من جهة وعدم إدراک سبب تخلف المرأة في المجتمع الإيراني من جهة أخری، ضلّوا الطريق؛ أضف إلی ذلک أنّه لم یکن لديهم أيّ خبرة في فهم العوائق التي انجرّت إلی هذا التخلف المرير. قد ظهر هذا الأمر بصورة واضحة في عقائد بعض شعراء هذا العصر فيما يرتبط بقضيه حجاب المرأة أو سفورها ودعوتهم إلی سفور المرأة ووجوب مشاركتها في المجتمع بلا حجابٍ حدّد الشرع الإسلامي حدوده.
2-2. حجاب المرأة في الإسلام
وضع الإسلام بعض القوانين التشريعية عن حجاب المرأة ودعا إلی رعايتها من قبل المسلمات حفظا وصیانة لكرامة المرأة في المجتمع الإنساني ولیقطع أیدي هؤلاء الذين يريدون استغلال المرأة في المجتمع. فقال الله تبارك و تعالی في القرآن الكريم: «قُل للمُؤمنات يَغضُضنَ مِن أبصارِهِنَّ و يَحفظنَ فُروجَهُنَّ و لا يُبدينَ زينَتَهُنَّ إلاّ ما ظَهرَ منها و ليَضربنَ بِخُمُرِهِنَّ علی جُيوبِهِنَّ و لا يُبدينَ زينَتَهُنَّ إلاّ لِبُعولَتهنَّ أو آبائِهنَّ أو آباء بُعولَتِهِنَّ أو أبنائهنّ أو أبنا بُعولَتِهنَّ أو إخوانِهِنَّ أو بَني إخوانِهِنَّ أو بَني أخَواتِهِنَّ أو نِسائِهِنَّ أو ما مَلَكَتْ أيمانُهُنّ أو التّابعينَ غَيرِ أولي الإربَةِ من الرّجالِ أو الطفل الّذينَ لَم يَظهرُوا عَلی عَوراتِ النّساء و لا يَضرِبنَ بأرجُلِهِنَّ ليُعلَمَ ما يُخفينَ مِن زينَتِهِنَّ و توبوا الی اللهِ جَميعاً ايُّه المؤمنونَ لَعَلَّكُم تُفلحونَ» (النور، 31) فعلی المرأة أن تحافظ علی حيائها وألاّ تبدي زينتها إلاّ لمحارمها. ولكن النظريات الغربية الحديثة برمّتها ـ و منها الأنسوية ـ تخالف هذه العقيدة ويري الحجاب عائقاً حال دون وصول المرأة إلي حريتها الحقيقية ومانعاً يردع المرأة من الوصول إلي حياة أفضل وأليق بها.هذا التعارض بين التعاليم الإسلامية والأفكار الغربية المتبلورة في نظرياتهم المختلفة فيما يرتبط بشأن المرأة في المجتمع ـ ومنها نظرية الأنسوية ـ لا ينحصر في الحجاب، بل يتعداها إلي ميادين أوسع وأرحب فيشتمل كل ما يتعلق بكيفية وحيثية حضور المرأة في المجتمع. فبعد تعرّف الشعراء الإيرانيين علي هذه الأفكار والمعتقدات وقعوا في برزخ بين قبول هذه العقائد أو الإتزام بالتعاليم الدينية وهذا الأمر أثّرت في أشعارهم، هذا المقال يبحث عن هذا الموضوع في أشعار ملك الشعراء بهار.
3-2. ملك الشعراء بهار
ولد محمد تقي بهار سنة 1304 الهجریة الشمسية في مدينة مشهد من محافظة خراسان في ايران. مات والده وهو ابن ثماني عشرة وبسبب أنّ والده كان ملك شعراء الأعتاب المقدسة في مدينة مشهد، صار هو ملك شعرائها بعد وفات والده وورث هذا المنصب منه. فأعطاه مظفر الدين شاه القاجاري، ملك ايران، هذا اللقب.» (رزاقي، 1386ش: 5) إنّه بعد أخذه بعض المناصب الرسمية وصفة ملك الشعراء، تطرّق إلی تعلّم اللغة العربية ومطالعة الكتب والمجلات المصرية، حیث أعطاه هذا الأمرُ رؤيةً جديدةً لما يجري حوله من التحولات السياسية والاجتماعية.» (سپانلو، 1382ش: 2/ 116) حينما اندلعتْ نار ثورة الدستور المشروطة في ايران، انضمّ بهار إلی صفوف مؤيدي هذه الحركة ودعمها بأشعاره الحماسية، وبعد ذلك وفي العشرين من عمره انضمّ إلی جمعية "سعادت" السريّة. (عابدي، 1376ش: 29) يمكننا أن نعدّ بهار رجلاً متعددة الشخصيات، دخل الساحة السياسية وهو ابن سبع عشرة أو ثماني عشرة، فظهر في المجتمع كأديب وشاعر و سياسيّ وصحفيّ وأستاذ، ولكن أهمّ صفة فيه شاعريّته، فهو يحبّ أن يتطرّق إلی كلّ ما هو جديد فيزمنه. (اسلامي ندوشن، 1383ش: 3/ 332) فهو في شعره كان مفكراً كلاسيكياً، بنی مدرسةً جديدة علی أصول الأدب الفارسي القديم. فعمله هذا أبهر الأبصار وأثار إعجابَ الناس، إذ استطاع أن يدخل المضامين الجديدة والحوادث المعاصرة في شعره وأدبه بعبارات ساذجة وتعبيرات شيّقة ولكنها في فخامة الشعر القديم وصلابته. (مجلة يغما، السنة السادسة، 1373ش، 2 /85- 57) يقسم أشعار بهار إلی قسمين هامين: أشعاره الدينية التي أنشدها الشاعر من صميم قلبه ومن نبع عقائده المذهبية وأشعاره السياسية التي يصرخ فيها أمام الاستبداد والاستعمار ويدافع فيها عن الحرية والوطن والحق. (احمدي گيوي، 1387ش: 16) كلّ من يقرأ أشعار الشاعر السياسية يری بأمّ عينيه بأنّه يموج في شعره مضامين الحرية، وحب الوطن، وتحرير النساء من قيود القديم، ومكافحة الاستبداد، والاستعمار. في الحقيقة یعتبر المدحُ، المضمونَ الرئيسي في أشعاره التي أنشدها في شبابه ـ حينما كان ملك شعراء الأعتاب المقدسة الرضويّة في مشهد ـ فمَدحَ الشاعرُ أئمةَ المعصومينعليهم السلام وخاصة الإمام الرضاءع كما مدح النبيص و نری في أشعاره مدح مظفرالدين شاه، الملك القاجاري الذي حكم إيران مدة طويلة، ولكنه بعد ثورة الدستور في إيران انضمّ إلی صفوف الثوّار وطالبي الحرية، فوقف شعره في الدفاع عن الوطن والحرية وحارب مع سلاح شعره، الاستبداد والاستعمار والأجهزة القمعية في إيران. فهو دعا في أشعاره إلی «مكافحة كل ما يهدّد حريّة إيران والتصدي للطغاة في الداخل أو الخارج واعتُقل عدة مرات بسبب أفكاره الثوروية وخاصة في عهد رضاشاه البهلوي. تقلب بهار في عدةِ مناصبَ، منها عضوية مجلس النواب والتدريس بالجامعة ووزارة التربية والتعليم، كما خلّف عدة كتب أدبية. في نهاية المطاف و بعد أن قضی كثيراً من حياته في سبيل الدفاع عن الوطن، نفي إلی اصفهان ومات فيها بسبب داء السل سنة 1370 القمرية المصادفة لشهر أرديبهشت سنة 1330 الشمسية وله من العمر ست وستون سنة، فدفن في مقبرة ظهير الدولة إلی جنب الشاعر الشهير ايرج ميرزا.» (ميرانصاري، 1385ش: 53)
3. الإطار التطبیقي للبحث
1-3. صورة الحجاب والسفور
كما مرّ بنا، في عصر ثورة الدستور، مشی بعض الشعراء وراء أهداف الدول الاستعمارية في إيران وحاولوا أن تصبح إيران برمّتها كمدينة غربية، فهؤلاء الشعراء إنما رأوا ظاهر الثقافة الغربية وما استطاعوا أن يدركوا سبب تقدم الغرب الرئیسي في مجال العلم والثقافة الحديثة. ففيما يرتبط بتخلّف المرأة الإيرانية، ظنّوا أنّ حجاب المسلمة هو سبب تخلّفها في المجتمع وكذلک سبب تخلّف المجتمع نفسه وهذا الأمر هو الذي تعتقده نظرية الأنسوية الغربية. إنّ بهار يعدّ من هذه الشعراء ولكن هنا يجب أن نذكر بأنّ هولاء الشعراء كانوا قسمين؛ القسم الأول يخطو وراء الغرب وسياسته الاستعمارية في إيران متعمدا بحیث یعتبر هذا القسم من الشعراء، أيادي الأجانب في إيران والقسم الثاني هم الذين ما أدركوا الحقيقة الكامنة وراء التفكرات الغربية، فبدأوا بنشر بعض هذه الأفكار لجهلهم. یُعدّ ملك الشعراء بهار من الطبقة الثانية وبهذا السبب نراه يدعو النساء في أشعاره إلی حفظ الحياء والعفة في المجتمع كما يدعوهنّ إلی السفور ونزع الحجاب من وجوههنّ. فهو في إحدی مقطوعاته الشعرية يطلب منهن نزع حجابهن ويعد الحجاب بمنزلة جهل النساء:
زناني كه به جهل در حجابند |
| زآداب و هنر بهره نيابند | ||
| چنين زن به جهان ثمر ندارد |
| ||
فروخوان كتاب را |
| برافكن حجاب را | ||
از اين بيشتر به گل |
| مپوش آفتاب را |
(بهار، 1368ش، 2: 1175)
إنّ المرأة التي تكون مقيّدة بالحجاب لا تستطیع أن تتمتع بالعلم والآداب و الفن، فهي عديمة الفائدة في العالم. فاقرئي كتابک هذا وانزعي حجابك. ولا تُغطیِّني وجهك الجميلة كالوردة عن ضوء الشمس أکثر من هذا.
ويقول في تصنيف آخر باسم المرأة ذات المواهب:
زن در زندان يا رب كه ديده
چه شد عزيزان كه حال نسوان بود بدينسان زار |
| سياه كاري و جهل و خواري بود مدامش کار |
(المصدر نفسه، 4: 117)
من رأی حتی الآن المرأة في السجن؟ أيها الأصدقاء، أية كارثة حصلت علی النساء فصارتْ أحوالهنّ سيئة هكذا، فعملهنّ لا يكون إلا جهالة ودناءة.
فهو يعتبر الحجاب سجن المرأة الإيرانية، وهذا المصطلح أيضا أخذها الشاعر من تعاليم وعقائد نظرية الأنسوية. یُرجِع الشاعر في قصيدة "المرأة شعر الله" سبب تخلف إيران من ركب الحضارة إلی حجاب المرأة و يعدّ البرقع والعباءة عبئاً للمرأة ويعتقد أنّ المرأة بلا حجاب تكون أكثر حرية و نشاطاً في المجتمع:
نشود منقطع از كشور ما اين حركات |
| تا كه زن بسته و پيچيده به چادر باشد |
حفظ ناموس زمعجر نتوان خواست «بهار» |
| كه زن آزادتر اندر پس معجر باشد |
(المصدر نفسه، 1: 354)
لا تستطيع إيران أن تخلص نفسها من التخلف مادام المرأة تكون محصورة في العباءة والحجاب. بهار! لايمكن للعباءة والحجاب أن يحفظ کرامة المرأة وحرمتها، لأنّ الحجاب یجعل المرأة أکثر حریة.
فالشاعر - مع نظرته الخاطئة أو التشاؤمية - يعتقد بأنّ المرأة المحجبة تستغل حجابها وتسعی وراء ما يناقض العفة والحياء بحیث يكون الحجاب ذريعتها في عملها هذا، ولكن لا يدعم عقيدته بأي مستند، والله لاندري من أين وكيف أتي الشاعر بهذه الرؤية الخاطئة. يقول بهار في قصيدة "صفة المرأة":
چادر و روي بند خوب نبود |
| زن چنان مستمند خوب نبود |
جهل اسباب عافيت نشود |
| زن روبسته تربيت نشود |
كار زن برتر است از اين اسباب |
| هست يكسان حجاب و رفع حجاب |
(المصدر نفسه، 2: 773)
ليس للعباءة والبرقع أي فائدة - في حفظ حياء المرأة - ولايجدر للنساء أن يكنّ رهينات السخافة. إنّ الجهل لا يُسبِّبُ الراحة والعافية كما أنّ المرأة المحجبة لایمکن تربیتها. سواء أکان المرأة محجبة أم غیر محجبة، إذ إنّ قیمة المرأة تکون أعلی من هذه الأحادیث.
كما نری لا يدعو الشاعر في هذه الأبيات إلی السفور ونزع الحجاب مباشرة، ولا يری أي فرق بين المرأة المحجبة والمرأة السافرة، ولكنه في البيت الأول لا يقيم للحجاب أي وزن ويعد المرأة المحجبة، عديمة الثقافة وهذا الأمر يثبت لنا نظرته السلبية إلی حجاب المرأة. فيمكن القول بأنّ الشاعر في نظرته إلي حجاب المرأة، كان تحت نير الأفكار الغربية والمنطلقات الأنسوية ورجّح كفة النظريات الغربية المزيفة في هذا الإطار علي التعاليم الإسلامية الحقّة.
2-3. النظرة السلبية والتشاؤمية إلی النساء
من الأمور التي نشاهدها بوضوح في أشعار بهار، هي نظرته التشاؤمية والسلبية إلی المرأة، بحیث لا نكاد نقرأ قصيدة من الشاعر حول المرأة حتّی نواجه نظرته هذه. من الطريف أنّه لا تخلو قصائده المدحية في شأن المرأة أيضا من هذه النظرة، فالشاعر في قصيدته "الخطاب إلی المرأة" وفي بيته الأخير يقول:
گاه خوب خوبي و گه زشت زشت |
| يا به چاه و يل يا صدر بهشت |
تارة تكونين إمرأة في نهایة الحسن والجمال وتارة أخری امرأة قبیحة جدا، فلن تُلقَی إلا في بئر الويل ـ أسفل مكان في الجهنّم ـ أو في أعلی الجنة.
وفي قصيدة "المرأة شعر الله" يقول:
زن شيرين به مذاق دل ارباب كمال |
| گرچه قند است نبايد كه مكرر باشد
|
(المصدر نفسه، 1: 428)
وإن كانت المرأة الحسناء لصاحبها حلوة المذاق كالسكّر ولكنّها إذا تكرّرتْ تفقد حسنها وجمالها.
أو يعدهنّ في مقطوعة "سجية المرأة" أهجيات ورموزاً:
راست خواهي زنان معمايند |
| پيچ در پيچ ولاي برلايند |
زن بود چون پياز تو در تو |
| كس ندارد خبر زباطن او |
إذا أردت الحقيقة في طبيعة المرأة فاعلم أنهنّ رموزٌ معقدة ملتوية. إنّ المرأة تكون كالبصل ذي بطون كثيرة ولا يعلم أحدٌ الحقيقة الكامنة فيها.یعتبر بهار في قصيدة "لا تقيم المرأة أي اعتبار للأصول" المرأةَ انساناً غير منطقي، لجوجاً، معانداً ويصفه بالعمی والصمم والطبيعة الجامدة التي لم تُخلق إلاّ من أجل أن تلد:
زن به معني طبيعتي دگر است |
| چون طبيعت عنود و كور و كر است |
هنرش جلب مايه و زاد است |
| شغل او امتزاج و ايجاد است |
إنّ المرأة في حقيقتها الوجودية تختلف مع الرجل کل الاختلاف إذ إنها عنودة، وصماء وعمياء كالجمادات.ليس لها فنّ إلاّ أخذ الأموال والثروات وليس لها مهنة إلاّ الامتزاج والإنجاب.
یعتبر الشاعر في قصيدته "صفة المرأة" المرأةَ انساناً لا يمكن إصلاحُه أو إرشاده إلی الطريق القويم وينعتها بالأنانية والتوجه إلی جمالها الخارجي ورشاقتها فقط، فهي التي ليس لديها أية حيلة إلاّ البكاء واللجوء إلی دموعها:
اي كه اصلاح كار زن خواهي |
| بي سبب عمر خويشتن كاهي |
زن از اوّل چنين كه بيني بود |
| هيچ تدبير، چاره اش ننمود |
كار او با جمال و زيبايي است |
| هنر و پيشه اش خود آراييست |
تو مپندار خوي منكر زن |
| رود از بيم دوزخ از سر زن |
لا به و آه و اشك و زاري او |
| هست هر جا با سلاح كاري او |
كار با اين سلاح برّنده |
| مي كند با خدا و با بنده |
(المصدر نفسه، 2: 773)
أيها الإنسان الذي تريد إصلاحَ أمور النساء، إعلم أنك تضرب في حدید بارد وتضيع عمرک بلاسبب.
إنّ المرأة كانت من بدء خلقتها هكذا ولم یستطع أي تدبیر إصلاحها.
لا يهمها إلاّ جمالها وليس لديه مهنة أو فنّ غير تزيين وجهها وجسدها.
فلا تظنّ أنّ المرأة تنسحب من سجيتها السيّئة خوفاً من نار جهنّم.
إنّ أسلحتها القتّالة أي: الدمع، والصراخ، والضجيج تكون في كل مكان معها.
فهي تحارب الله وخلقه ـ الرجال ـ بهذه الأسلحة الحادّة القتّالة.
في قصيدة أخری يحذّر الرجال من حسادة النساء وقدراتهنّ في إثارة الشهوات الجسديّة:
زان كه جنس لطيف بي باك است |
| هم حسود و هم هوسناك است |
حُسن زن گر شنيد رشک برد |
| حُسن مرد ار شنيد دل سپرد |
یصدر الحسد وإثارة الشهوة من طبیعة المرأة إذ إنها جمعت بین الجمال والجسارة معاً فهي إذا سمعت بصفة حسنة في امرأة أخری تحسدها وإذا سمعها أو رآها في رجل تتعلق به.
بهار في بيت آخر يعدّ المرأة ساذجة بعيدة عن التعقّل والإدارك وكأنّه يعدهنّ ناقصات غير واعيات بكنه الأمور:
زن كتاب طبيعت ساده است |
| زن ز دستور حكمت آزاده است |
ما المرأة إلاّ نصّاً ساذجاً من الطبيعة وليس بينها وبين الحكمة وما يتعلق بها أيّة صلة.
الشاعر في قطعته الشعريه "في أخلاق النساء وسجيتهن" يعدّ المرأة ضعيفةً رقيقةً بعيدة ًعن العلم والبحث وخاصة عن العلوم الجديدة ولكن تبهرها المباهج والجماليات:
هست بالطبع زن محافظه كار |
| مي كند از اصول تازه فرار |
هست اعصاب زن لطيف و رقيق |
| مي گريزد زبحث و از تحقيق |
زن به هر چيز تازه بندد دل |
| ليك گردد زفكر تازه كسل |
(المصدر نفسه، 2: 702)
من سجية المرأة التحفّظ، فهي متحفظة في سجيّتها وطبعها وتبعد نفسها عن كل جديد إنها ذات شيمة رقيقة لطيفة، وبهذا السبب تفرّ من البحث، والمناقشة العلمية والتدقيق في الأمور.تتعلّق المرأة بكل جديد رائع في الأشياء الجميلة ولكنها لا تروقها الأفكار الجديدة، ولا تقيم لها وزنا.
عرفنا فيما سبق رؤية بهار التشاؤمية إلی المرأة، فهو لا تحسبها عالمة ولا يری لها المشاركة في النشاطات الاجتماعية والعلمية، ومن المحتمل أنّه يرجع سبب هذه الرؤية التشاؤمية عند الشاعر إلی أمرين هامين؛ أولهما عدم مشاركة النساء في المجتمع الإيراني زمن حياة الشاعر بسبب المضايقات والعوائق التي يرفعها الرجال أمامهنّ وثانيهما عدم اطلاع الشاعر علی أحاسيس النساء والبون الشاسع بين رؤية المرأة والرجل إلی الحياة، فهو يريد من المرأة أن ينظر إلی المجتمع من منظار الرجال وهذا أمر لا يعقل. ففي هذا الموضوع، عقائد الشاعر لا ينطبق مع التعاليم الإسلامية كما لا يلائم وما نراها في النظرية الإنسوية الغربية، فكما قلنا، هذا الأمر يرجع سببه إلي الرؤية الخاطئة للشاعر حيال ما يرتبط بطبيعة النساء ونسائيتهنّ.
3-3. الدعوة إلی العلم
إنَّ الجهل، والكسل والبطالة تعد من الآفات الاجتماعية والأمراض التي لا تكون عاقبتها إلا موت المجتمع أو سقوطه في مهاوي الذل والهوان. کانت إيران تعاني في زمن بهار من الجهل والخمول وكان جمٌّ غفيرٌ من الإيرانيين أميّین لا يعرفون الكتابة ولا القراءة ولا يطلعون علی حقوقهم الفردية والاجتماعية، فكانت لهذه الكارثة جذور أعمق فيما يرتبط بالنساء، فهنّ أكثر تخلّفا وأشدّ جهلاً من الرجال بسبب المضايقة التي عانت منها المرأة الإيرانية آنذاك، فحُرمتْ من حقوقها الاجتماعية وأُغفلتْ في مجال التعليم. یعتقد ملك الشعراء بهار بأنّ أحد أهمّ أمراض المجتمع الإيراني هو جهل النساء وبعدهنّ عن ميدان العلم والتعليم، فالشاعر يشبه المجتمع الذي تعيش فیه النساء جاهلات غير متعلمات بإنسان أصيب نصف جسده بالفلج. فيخاطب الشاعر في قصيدة "أيتها المرأة" المرأة الإيرانية ويطلب منه السعي وراء اكتساب العلم في سبيل رقي المجتمع، فيقول:
دريغا گر تو با اين هوش و ادراك |
| به جهل از اين فزونتر پايي اي زن |
دريغا كز حساب خود، وطن را |
| به نيمه تن فلج فرمائي اي زن |
سوي علم و هنر بشتاب و كن شكر |
| كه در اين دوره والايي اي زن |
حجاب شرم و عفت بيشتر كن |
| كنون كازاد، ره پيمايي اي زن |
به كار علم و عفت كوش امروز |
| كه مام مردم فردايي اي زن |
(المصدر نفسه، 1: 503)
أنت ذكية وحسنة الإدراك، فلا یجدر بك أن تكوني مقيدة بالجهالة والتخلف أيتها المرأة. من المؤسف أن یصبح الوطن مشلولاً ومفلوجا بسبب جهلك و تخلفك. فاسعي إلی اكتساب العلوم والفنون وكوني شاكرة بسبب كونك تعيشين في هذا العصر فأکثري من حجاب العفة والحياء لأنك الآن تعيشين حياة أكثر حرية ونشاطاً. فاجتهدي في طريق العلم والعفة اليوم، ففي الغد تصبحين أماً للجيل القادم أيتها المرأة.
يقارن الشاعر في قصيدة أخری بين المرأة المتعلّمة وبين المرأة الجاهلة، فيبيّن البون الشاسع بينهما ويمدح المرأة التي تسعی وراء اكتساب العلوم الجديدة، فينشد:
زني كاو به جهان هنر ندارد |
| زحسن بشري خبر ندارد |
بناز اي زن باهنر كه عالم |
| گلي از تو شكفته تر ندارد |
(المصدر نفسه، 2: 1174)
إنّ المرأة التي لا تتمتع بالعلم والأدب في العالم، ليست لديها أيّة فكرة من الجمال البشري.أيتها المرأة الموهوبة، يجب أن تفتخري بنفسك وتعتزّي بها، لأنك أجمل وأحلی زهرة في الدهر.
يمكن القول بأنّ رؤية الشاعر في هذا الصدد يلائم التعاليم الشرعية كما يلائم العقائد الأنسوية، ولكن يجدر الإشارة إلي موضوع هام في هذا الصدد، ألا وهي أنّ الدعوة الإسلام إلي تعليم المرأة يهدف إلي حياة أفضل وأعلي للمجمتع ويهدف إلي تربية نسل أفضل في حضن أمهات متعلمات ناشطات، ولكن الأنسوية تدعو إلي هذا الأمر لكي تستطيع المرأة أن تنقذ نفسها من يوغ عبودية الرجال، فيمكن القول بأنّ عقيدة الشاعر في هذا الموضوع يساند الرؤية الإسلامية.
3-4. المرأة الجوهرة الفريدة
كما بيّنا آنفا، غلب التشاؤم علی نظرة بهار إلی المرأة في كثير من أشعاره، ولكنّه في بعض أشعاره يشيد بمكانة المرأة في المجتمع ويعتبرها زينة العالم وأم المجتمع. في بداية الأمر يمكن أن نری تناقضا في رؤية الشاعر إلی المرأة ولكن حقيقة الأمر ليس هكذا، لأنّ الشاعر يعتقد بوجود المرأة الحسنة والمرأة السيئة في أفكاره مع أنّ الغلبة هي للمرأة السيئة. یصف الشاعر في قصيدته "أيتها المرأة" المرأة بالصفات الحسنة الكريمة ويعلو بشأنها ويعدها جوهرة الحياة:
|
| جمال و زينت دنيايي اي زن |
تو يكتا گوهري در درج خانه |
| وزان بهتر كه گوهر زايي اي زن |
(المصدر نفسه، 1: 503)
أيتها المرأة! إنّک شابة الحظ ورونق العالم، کما أنک الجمال وزينة الدنيا بأسرها. أنت الجوهرة الفريدة في البيت وأفضل من ذلك أنک تلدین الجوهرة أيتها المرأة.
فيعدّ الشاعرُ مبدأَ الكون والحياة رهينةَ وجود النساء:
نبودي زندگي گر زن نبودي |
| وجود خلق را مبدايي اي زن |
لا يمكن للحياة أي وجود إذا لم يكن للمرأة وجود، فأنت مبدأ وجود الخلق وأساسه أيتها المرأة.
المرأة تصنع سعادة الناس وتضمن هذه السعادة لهم:
بناي نيك بختي را به گيتي |
| تو هم معمار وهم بنّايي اي زن |
أنت بانية صرح السعادة في العالم أيتها المرأة.
يعتبر بهار المرأةَ مظهرا بارزا من مظاهر العشق بل أهم مظهر في هذا الأمر بحيث إنّ الطبیعة تعلّمت العشق من المرأة:
طبيعت جذبهي عشق از تو آموخت |
| كه تو خود عشق را مبنايي اي زن |
بهشت واقعي جايي است كز مهر |
| تو با فرزندگان آنجايي اي زن |
إنّ العالم والطبيعة تعلّمت حلاوة العشق منك، لأنك مصدر العشق وأساسه. أیتها المرأة! إنّ الجنة الحقيقة تقع في المكان الذي أنت تعيشين فیه وأولادك مع المحبة والعطوفة.
بهار يعتقد بأنّ المرأة والرجل جنباً إلی جنبٍ يشكّلان حياة أفضل وأعلی:
زن بود شعر خدا مرد بود نثر خدا |
| مرد نثري سره و زن غزلي تر باشد |
نثر هرچند به تنهايي خود هست نكو |
| ليك با نظم چو پيوست نكوتر باشد |
(المصدر نفسه، 1: 354)
إنّ المرأة شِعرُ الله تعالی والرجل نثره، الرجل نثر مرسل والمرأة غزل رطب جميل مع أنّ النثر بنفسه يكون جميلا وممتعاً ولكنه إذا ما عانق الشعر يكون أجمل وأفضل من ذي قبل.
یری بهار في شعره "الخطاب إلی المرأة" المرأة بلبلاً حسن الصوت وزهرة جميلة طيبة الريح و... هذه الصفات التي أتی بها الشاعر في توصيف المرأة تثبت بأنّ بهار يعتقد أو يأمل مكانة عالية للمرأة في المجتمع الإيراني:
گوش كناي بلبل شيرين سخن |
| اي گل خوش نكهت باغ وطن | ||
دفتر راز طبيعت خوي توست |
| رمز هستي در سواد موي توست | ||
| روي گيتي سوي توست |
|
(المصدر نفسه، 2: 507)
أيها البلبل الحسن الصوت وأيتها الوردة الطيبة الرائحة في حديقة الوطن، أيتها المرأة الإيرانية؛ استمعي إليّ.
إن سرّ الطبيعة برّمته هو سجيّتك وطبعك وسرّ الوجود والكائنات يتستّر في ظلام أشعارك الفاحمة.
إنّ العالم يتّجه نحوك وينظر إليك أيتها المرأة.
أما فيما يرتبط بالحياة العائليّة، فالشاعر يعتقد بأنّ للمرأة دورا هامّا فيها، إذ هي تساعد المرأة في بناء حياة أفضل وأعلی في أسرة حميمة، فيقول:
|
| هم پناهي، هم شريكي، هم نديم | ||
| هم رفيق ممتحن |
| ||
اي طبيعت را نمودار كمال |
| در تحول، در تغير، در جمال |
در قــوانيــــن وسنــــن
(المصدر نفسه، 2: 265 و266)
إنك تساعد الرجل في الحياة، فأنت ملجأه وصديقته ورفيقته في هذا الطريق.
فأنت أيتها المرأة مظهر كمال الطبيعة في تحولاتها وجمالاتها وقوانينها وسننها.
يريد الشاعر في هذه الأبيات أن يذكّر للمرأة الإيرانية شأنها ومكانتها الحقيقية في الحياة الاجتماعية من جهة والحياة العائلية من جهة أخری، فهو حينما يقول للمرأة بأنّ العالم يتّجه نحوها وينظر إليها يريد أولاً أن يشير إلی الحرية التي افتقدتها المرأة منذ سنين كثيرة في إيران وثانياً أن يُريَ للمرأة مدی أثرها في المجتمع ومدی شأنها وقدرتها في الحياة الإنسانية. فبرأي الشاعر تستطيع المرأة أن تبني تاريخ العالم. فهو يوصل مكانة المرأة الحسنة في هذه القصيدة إلی مكانة الملاك ويعدّها العلة المسببية لوجود أنبياء عظام كموسی وعيسیعليمها السلام، ولكنه ـ وبسبب نظرته التشاؤمية إلی المرأة والتي قد مرّ ذكرها ـ تعتقد بوجود مرأة سيئة أمام المرأة الحسنة وتصفها بأشنع الصفات والخصال، فيقول في مثنوي "حرب تهمورث مع الشياطين":
گه به زنجير شرافت پاي بند |
| چون فرشته پاك وچون گردون بلند | ||
| چون ستاره ارجمند |
| ||
گخ ز شهوت اوفتاده در خلاب |
| گشته چون مار و وزغ در منجلاب | ||
| پاي تا سر غوطه زن |
| ||
گه گشاده بهر بلع خاص و عام |
| همچون آتشخانه نمرود، كام | ||
| گه شده برد وسلام |
| ||
گاه گفته بهر طفلي شير خوار |
| ترك قوم و ترك شهر و ترك يار | ||
| جسته در كوهي وطن |
| ||
گاه موسي زاده، گاهي سامري |
| گاه كوبيده در جادوگري | ||
| گه در پيغمبري |
| ||
گه بريده گردن يحيي به زار |
| گه مسيحا پروريده در كنار | ||
| اين پر اسرار زن |
|
(المصدر نفسه، 2: 265 و266)
فهي تارة تكون مكبولة بقيود الشرافة والحياء، فتكون بريئةً من المعاصي كملاكٍ، ورفيعة المكانة كالسماء والنجوم.
ولكن تراها مرة أخری غارقة في لجج الشهوات والمعاصي، فتقع في الأوساخ كحيّة أو ضفدع بتمام وجودها.
فمرّة تراها فتحتْ فمها لكي تبلع الدنيا برمّتها كنارِ نمرود ومرة أخری تجدها أصبحتْ برداً وسلاماً.
ومرّة تجدها تركتْ الأهل، والوطن والأقرباء بسبب طفلها الرضيع وسكنتْ وعر الجبال.
فتلدُ مرّة موسى ومرة أخری السامريَّ، فتدقّ في بعض الأحيان باب الشعوذة وفي بعض الآخر باب النبوّة.
تارة تقطعُ رأس يحيى بكلّ خشونة وتارة أخری تنشئ المسيح في حضنها، فهي مليئة بالأسرار والرموز.
إنّ الشاعر يعتقد بأنّ للمرأة دورا هامّا في المجتمع الإنساني وبهذا السبب يعلو شأنها من أن تصرف جلّ اهتمامها في التجميل والتزيين، فيقول في قصيدة "سجيّة المرأة":
خويش را صد قلم بزک كردن |
| غايتش زادن است و پروردن |
زن به معني طبيعتي دگر است |
| چون طبيعت عنود و كور و كر است |
هنرش جلب مايه و زاد است |
| شغل او امتزاج و ايجاد است |
(المصدر نفسه، 2: 148)
إنّ المرأة التي تزّين وجهها وتهتمّ بجمالها بمئة مكياج لا يُرجی منها فائدة إلاّ أن تلد وتكبر الأولاد.هذه المرأة في حقيقتها الوجودية تغاير وطبيعة البشر وفي الحقيقة هي عنودة وصماء وعمياء كالجمادات. ليس لها فنّ إلاّ أخذ الأموال والثروات وليس لها مهنة إلاّ الإمتزاج و الإنجاب.
في هذا الإطار يتطرق الشاعر إلي موضوعات كثيرة، بعضها يوافق نظرة الإسلام إلي المرأة ومكانتها وبعضها الآخر يكون موافقا للنظريات الغربية وخاصة الأنسوية حيال المرأة، فيمكن القول بأنّ الشاعر في هذه الموضوعات ما استطاع أن يصل إلي رؤية ثابتة، فهو كطائر الذي يجلس من غصن إلي آخر دون أن استقرّ في مكان في النهاية.
5-3. الدفاع عن حقوق المرأة
إنّ بهار ـ كمصلح اجتماعي ـ حاول أن يتطرّق إلی الأمراض الاجتماعية الشائعة في زمنه وطُرق علاجها، فسواء أأصاب في سبيل الوصول إلی أهدافها المنشودة أم أخطأ، فكان هدفه في أي حال، رقيّ الوطن وسيره إلی ما هو أحسن وأفضل. كما رأينا ومرّ بنا كانتْ قضية المرأة وما ألمّ بها من المسائل، من أهم المسائل التي التفت انتباه الشاعر إليها في أشعاره. فتطرق إلی حجاب المرأة وسفورها وتعليمها و...، تعدّ القصّة الشعرية واحداً من الفنون الأدبية التي استفاد الشاعر منها في هذا السبيل. فيستفيد بهار من القصة الشعرية أداة للتطرّق من خلالها إلی التكلم عمّا يريد من صفات المرأة وأخلاقها وبعد كل هذا يتكلم بصورة غير مباشرة مع الرجال عن كل ما يجب مراعاته من قِبَلهم فيما يرتبط بالمرأة وفي بعض الأحيان يشكو من القوانين والعادات البالية الحاكمة علی المجتمع الإيراني وينددها. یشیر الشاعر في إحدی هذه القصص الشعرية تحت عنوان "دعوة الرجل زوجته إلی مذهب الوجدان" إلی سذاجة طبع النساء ووقوعهنّ في حبال مكر الرّجال وخداعهنّ ويقول:
داشت اصرار شوهر نادان |
| كه شود زن مطاوع وجدان |
رخ مپوشد زمرد بيگانه |
| خاصه زان نوجوان فرزانه |
زن از اين گفتهها كسل ميشد |
| قهر ميكرد و تنگ دل ميشد |
به حذر بود از آن طريقه شوي |
| ويژه از آن رفيق تازه اوي |
ساده دل هر چه بيش ميكوشيد |
| زن از غير بيش ميپوشيد |
إنّ الزوج الأحمق يصرّ علی أن تصبح المرأة مطيعة لما يقول لها من صميم قلبه فأراد منها أن لا يحجب وجهها عن الرجال وخاصة من ذاك الرجل الذي كان صديقه ولكنّ المرأة صارتْ ضيّقة الصدر مما قاله زوجها، فأعرضتْ وجهها عنه ولم تتكلّمْ معه.فالمرأة تخاف ممّا يدعو زوجها إليه وخاصة تبعد نفسها من صديق زوجه الجديد كلّما حاول الزوج أكثر في هذا السبيل، تحجب المرأة وجهها عن الغرباء أكثر فأكثر.
كما رأينا في هذه الأبيات، إنّ الزوج بعد أن تعرّف علی صديق جديد وبالتالي تعرف من خلال هذه الصداقة علی سفور النساء؛ حاول أن يجبر زوجتها علی ترك حجابها، ولكن كلما حاول أكثر كان فشله أقرب وأفضع. فحاول صديق الزوج ايجاد خدعة، فيأتي مع إمرأة سَوء إلی بيت الرجل محاولين نزع الحجاب عن وجه الزوجة:
يار طرار از اين به تنگ آمد |
| تير تدبير او به سنگ آمد |
لاجرم ساخت با زني بدكار |
| گفت هر جا، زن منست اين يار |
رفت با زن به خانه آن مرد |
| رخ زن پيش مرد يكسو كرد |
گفت: خانم به همره مادر |
| رفته بودند مدتي به سفر |
هست آزاد و تميز اين زن |
| در برم همچو جان عزيزاين زن |
مي رود بي حجاب از خانه |
| رخ نپوشد زمرد بيگانه |
فحينما يری الصديقُ الخبيث أنّ مکره لم ینطل علی الزوج والزوجة، حاول إيجاد خدعة أخری، بحيث خرج مع امرأة عاهرة في كلّ مكان وقال هذه تكون زوجتي. فذهب مع المرأة إلی بيت الزوج ونزع الحجاب عن وجهها أمام الزوج فقال: هذه زوجتي، قد ذهبتْ مع أمّها ردهاً من الزمن إلی رحلة فهي امرأة طيبة عفيفة وأنا أحبّها كثيراً وهي عندي بمنزلة الروح من جسدي هي تخرج من البيت سافرة ولا تحجب وجهها عن الآخرين.
بعد أن خرج الصديق مع المرأة العاهرة من بيت الزوج، بدأ الزوج بإحراج زوجته وعيّرها بحجابها. یستغلّ بهار من هذه القصة لیقول بأن الحجاب ليس ضرورياً للمرأة وإذا كانت المرأة مثقفة فلا تحتاج إلی حجاب. بعد أن يصرّ الرجل علی زوجته بالسفور تبكي الزوجة، ولكن الشاعر مع نظرته التشاؤميّة إلی المرأة يعدّ البكاء أسلحتها أمام المشاكل ويقول:
[1] - Feminism