An analysis of the feminist discourse in Amwaj Risout's collection of short stories by Ishraq al-Nahdi in the light of social semiotics
Subject Areas : Literary criticism
Ahmad Jaberi
1
,
Rasoul Balavi
2
*
,
naser zare
3
1 - Persian Gulf University, Bushehr
2 - Professor, department of Arabic language and literature, Persian Gulf University, Bushehr
3 - Associate professor, department of Arabic language and literature, Persian Gulf University, Bushehr
Keywords: Social semiotics, feminist discourse, Ishraq al-Nahdi, Omani literature, patriarchal discourse, Risout waves, woman,
Abstract :
The feminist movement, as a social orientation, aims to demand the right of women that has been stolen and wasted in the face of male domination and guardianship, whose features are evident in all the details of a woman's life. Feminist discourse in literature opened up to all scientific and human discourses in order to find an outlet for itself to achieve its goals and reach its goal. Ishraq al-Nahdi is considered one of the prominent female story writers in the Omani literary scene in the present era. Among the most important manifestations of feminism that we tried to expose in this study by reading socio-semiotics and according to the descriptive analytical approach, we can refer to: the dominant masculine discourse, the suffering of women represented by the oppressed woman, taking a position parallel to the man represented by the struggling woman, and the details of the female experience such as pregnancy, childbearing, divorce, and women's relations with other women.
تحليل الخطاب النسوي في مجموعة أمواج "ريسوت القصصية" لإشراق النهدي على ضوء علم السيميائية الاجتماعية
أحمد جابري (طالب دکتوراه في اللغة العربية وآدابها / جامعة خليج فارس، بوشهر - إيران)
mr.ahmad.jaberi1366@gmail.com
رسول بلاوي (أستاذ، قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة خليج فارس، بوشهر - إيران)
r.ballawy@pgu.ac.ir
ناصر زارع (أستاذ مشارك، قسم اللغة العربية وآدابها، جامعة خليج فارس، بوشهر - إيران)
nzare@pgu.ac.ir
تهدف الحركة النسوية بصفتها توجهاً اجتماعياً إلى المطالبة بحق المرأة المستلب والمهدر إزاء الهيمنة والوصاية الذكورية التي تجلت سماتها على جميع تفاصيل حياة المرأة. انفتح الخطاب النسوي في الأدب على جميع الخطابات العلمية والإنسانية ليجد لنفسه متنفساً لتحقيق أهدافه والوصول إلى مبتغاه ولم يكن هذا الانفتاح بمعزل عن علم السيميائية الاجتماعية التي من شأنها أن تبحث في العلامات والإشارات التي تحمل شحنات دلالية واسعة ومعقدة في بعض الأحيان ضمن التعالقات والترابطات المجتمعية بين أفراد المجتمع الواحد أو المجتمعات المتعددة. تعتبر إشراق النهدي من الكاتبات القصصية البارزة في الساحة الأدبية العمانية في العصر الحاضر وما يميزها عن مثيلاتها هو إبراز المرأة كفاعل مؤثر في تكوين التشكيلة السردية في مجموعاتها القصصية. ومن ضمن تجليات الخطاب النسوي البارز في هذه المجموعة التي حاولنا أن نتعرض لها في هذه الدراسة وفق المنهج الوصفي التحليلي، يمكن الإشارة إلى: الخطاب الذكوري المهيمن ومعاناة المرأة متمثلة بالمرأة المقهورة واتخاذ موقف موازٍ للرجل متمثلاً بالمرأة المناضلة وتفاصيل التجربة الأنثوية كالحمل والإنجاب والطلاق وعلاقات المرأة بسائر النساء. وتوصلنا إلى أن المرأة ظهرت في هذه الأدوار وتعرضت لمواقف أبوية ساعية أن تقصيها عن حقها المشروع وأن تفرض عليها نوعاً من الرقابة والوصاية وأن تختزل دورها ووظيفتها الفاعلة في البيت فحسب.
الكلمات الدليلية: الخطاب النسوي، السيميائية الاجتماعية، الأدب العماني، إشراق النهدي، أمواج ريسوت، الخطاب الأبوي، المرأة
المقدمة
جاء تركيز الخطاب النسوي بوصفه حركة ثقافية واجتماعية معاصرة على قضايا المرأة بالتحديد وخاصة تلك التي ترتبط ارتباطا وثيقاً بحقوقها الاجتماعية والفردية. ظهر الخطاب النسوي كظاهرة ردودية لفعل الخطاب الذكوري المهيمن وعلى الرغم من أن أنصاره حاولوا جاهدين – وخاصة النساء اللواتي تعتبرن الشريحة الأوسع والأكبر في من يمثل هذا الخطاب – أن يؤطروا لغتهم حول قضايا المرأة بما فيها حقوقها المسلوبة ومكانتها المقصية إلا أنهم لازالوا ينطلقون من موضع الهامش مقارنة بالخطاب الذكوري الذي يحتل المتن بصفته المكانة العليا. «الحركة النسائية هي حركة اجتماعية قامت في إنجلترا خلال القرن الثامن عشر، استهدفت تدعيم بعض الحقوق الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للنساء، من أجل الوصول للمساواة مع الرجال.» (الجهني، 2015م: 23)
برزت تمظهرات الخطاب النسوي في الأعمال الأدبية بوتيرة عالية في الآونة الأخيرة خاصة في الأعمال الأدبية العربية ويعود ذلك إلى هيمنة السلطة الذكورية وتحكمها بمصير المرأة بصفتها الجنس الأضعف والأقل شأناً من وجهة نظر العقلية الذكورية، وعليه؛ فقد جاءت هذه الانتفاضة الجنسوية لكي تعيد صياغة توزيع القوى والأدوار من جديد وتؤسس لمرحلة جديدة من توازن القوى تكون المرأة والرجل فيها على حد متساوٍ من الفاعلية.
سنتناول في هذه الدراسة وفق المنهج الوصفي التحليلي تمظهرات الخطاب النسوي في مجموعة أمواج ريسوت القصصية للكاتبة العمانية المعاصرة إشراق النهدي من منظور علم السيميائية الاجتماعية. وما نعنيه بالسيميائيات الاجتماعية هي تلك العلامات والإيحاءات الاجتماعية التي تمثل كينونة الخطاب النسوي ومن خلال قراءتها وتحليلها يتوصل القارئ إلى كشف المكانة الاجتماعية للمرأة والظروف التي تجعلها فاعلاً أساسياً إزاء الخطاب الأبوي. من أبرز التمظهرات السيميائية الاجتماعية التي تصوغ شاكلة الخطاب النسوي والتي ظهرت في مجموعة أمواج ريسوت القصصية بنحو غزير هي الخطاب الذكوري المهيمن ومعاناة المرأة متمثلة بالمرأة المقهورة واتخاذ موقف موازٍ للرجل متمثلاً بالمرأة المناضلة ورتابة الحياة الأسرية والاجتماعية للمرأة من خلال تفاصيل التجربة الأنثوية.
إشراق النهدي ومجموعتها القصصية "أمواج ريسوت"
كاتبة عُمانية معاصرة من سلطنة عمان، وعضو مجلس إدارة الجمعية العمانية للكتّاب والأدباء فرع محافظة ظفار. صدر لها حتى الآن العديد من الأعمال الأدبية منها: مجموعة قصصية بعنوان الأحمر (2016)، مجموعة قصصية بعنوان روزيشيا (2017)، مجموعة قصصية بعنوان خرفجت (2017)، مجموعة قصصية بعنوان حائط مموج (2018)، مجموعة قصصية بعنوان متحف العواطف (2019)، وغير ذلك من الأعمال الأدبية التي تناولت الكاتبة فيها مواضيع شتى بين بينها كتيّبان توعويان للأطفال بعنوان السر، وحديث الأواني.
مجموعتها "أمواج ريسوت" قصصية تتكون من 12 قصة قصيرة أغلبها بنمط واقعي يسرد الحياة المعاشة للفرد العماني ويغلب عليها التركيز على حياة المرأة العمانية وما يرتبط بها بنحو شعوري ووجودي كهواجسها ومشاعرها وطموحها وأفكارها وغاياتها وهواياتها ومكانتها اجتماعياً واقتصادياً وثقافياً. تم نشر هذه المجموعة في 98 صفحة عام 2019م للطبعة الأولى عن دار الآن ناشرون وموزعون وجاء تقديم المجموعة بقلم بو بكر محمد المبروك.
أسئلة البحث
1- ما هي أهم التمثلات النسوية المتجلية في مجموعة "أمواج ريسوت" القصصية؟
2- كيف يتم تحليل تجليات الخطاب النسوي من منظور السيميائية الاجتماعية في هذه المجموعة القصصية؟
فرضيات البحث
1- أولت الكاتبة إشراق النهدي في هذه المجموعة اهتماماً بالغاً في تناول قضية المرأة من المنظور الواقعي، وحاولنا أن نبني محاور هذه الدراسة على عناصر بدت لنا من أهم الافتراضات في التجليات النسوية التي حاولنا أن نتعرض لها في هذه الدراسة بقراءة سوسيوسيميائية، ويمكن الإشارة إلى: الخطاب الذكوري المهيمن ومعاناة المرأة متمثلة بالمرأة المقهورة واتخاذ موقف موازٍ للرجل متمثلاً بالمرأة المناضلة وتفاصيل التجربة الأنثوية كالحمل والإنجاب والطلاق وعلاقات المرأة بسائر النساء.
2- حاولنا في هذه الدراسة الاعتماد على الرؤية السيميائية الاجتماعية في تحليل المظاهر النسوية الواردة في هذه المجموعة، وبما أن السيميائية الاجتماعية تعنى بالمظاهر والعناصر الاجتماعية التي تدور حياة الإنسان حولها وهي التي توجه الإنسان إلى مبتغاه، لذلك افترضنا أن التمثلات النسوية الواردة في هذه المجموعة القصصية من الممكن اعتبارها إشارات أو علامات اجتماعية تتيح للقارئ أن يكشف دلالاتها وإيحاءاتها الرمزية المبطنة خلفها، وإضافة إلى ذلك تفسح المجال للقارئ أن يكشف عن ماهية العلاقات الاجتماعية أو الصلات الأسرية التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بقضية المرأة ودورها في المجتمع.
خلفية البحث
تناول العديد من الباحثين والكتّاب مفهوم الخطاب النسوي والسيميائية الاجتماعية بالبحث والتحليل وقد أولى عدد غير قليل من الدارسين والباحثين دراسة الأعمال الأدبية من منظور الخطاب النسوي تارة وفي إطار السيميائيات بشتى فروعها وتوجهاتها تارة أخرى وعلى سبيل المثال يمكن الإشارة إلى:
1- كتاب أنثى اللغة أوراق في الخطاب والجنس من تأليف زليخة أبو ريشة (2009م) دمشق، دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع: ناقشت الكاتبة في هذا الكتاب أزمة المصطلح النسوي ودَور المعاجم وتحديات الدراسات النسوية في القرن الحادي والعشرين.
2- كتاب قضايا المرأة في الخطاب النسوي المعاصر الحجاب أنموذجاً من تأليف ملاك إبراهيم الجهني (2015م) بيروت، مركز نماء للبحوث والدراسات: تناولت الكاتبة في هذا الكتاب أهم القضايا المرتبطة بالخطاب النسوي من منطلقات رؤيوية عديدة، كما أنها ناقشت الكثير من المفاهيم المرتبطة بالمرأة ثم قدمت دراسة لظاهرة الحجاب من زوايا مختلفة.
3- كتاب تفكرات سيميائية آليات إنتاج الدلالة والمعنى من تأليف قاسم المقداد (2014م) دمشق، دار نور الصباح: تناول المؤلف في هذا الكتاب العلامة من منظور فلسفي وألسني ثم ناقش أنواع الإيحاءات ومن ثم السيميائية من زوايا مختلفة في محاولة منه لتقديم صورة جلية عن عملية إنتاج المعنى.
4- كتاب الأنساق الدالة في المنجز الشعري لأحمد مفدي – دراسة سيميائية من تأليف أمجد مجدوب رشيد (2015م) المدينة المنورة، مطبعة وراقة بلال: ناقش الكاتب في هذا الكتاب ضمن دراسة تحليلية أشعار أحمد المفدي من منظور سيميائي كسيميائيات التشاكل وسيميائيات العناوين وسيميائيات الألوان والأمكنة والمدن والأوطان وغيرها.
5- بحث باللغة الفارسية بعنوان نشانهشناسي اجتماعي داستان كوتاه القميص المسروق كنفاني با تكيه بر سازههاي گفتمانی هلیدی من تأليف تورج زيني وند وسمية صولتي (1396ش) مجلة زبان و ادبيات عربي، العدد 16: تناول الباحثان في هذا البحث المستويات الخطابية في قصة القميص المسروق القصيرة لغسان كنفاني وفق نظرية هليدي في السيميائية الاجتماعية.
6- بحث بعنوان تجليات الذات الأنثوية في أعمال فوزية أبو خالد الشعرية بين النقد النسوي والهم الخاص من تأليف هيلة بنت عبد الله بن عثمان العساف (د.ت): ناقشت الباحثة في هذا البحث تمظهرات الذات الأنثوية في أشعار فوزية أبو خالد من منظور النقد النسوي.
وخلال البحث والتنقيب عن المصادر المعنية والمرتبطة ببحثنالم نعثر على دراسة أو بحث بهذا العنوان الذي اخترناه لدراسة مجموعة أمواج ريسوت القصصية وبناء على هذا من الممكن اعتبار هذا البحث هو الأول من نوعه في هذا المجال.
المفاهيم الإجرائية
اعتمدت هذه الدراسة في تناول الموضوع على عدة مصطلحات نقدية لابد لنا أن نكشف عن تعاريف هذه المفاهيم وفق الآراء النظرية للنقاد لكي يقف القارئ عند تفاصيل البحث والتوصل إلى الأهداف المرجوة التي تنبني عليها هذه الدراسة.
الخطاب النسوي
حاولت الحركات النسوية أن تتخذ موقفاً منحازاً للمرأة نتيجة التهميش والإقصاء الذي فرض عليها من قبل العقلية الأبوية التي كانت تهيمن على الرأي العام غالباً آنذاك. يعتبر الخطاب النسوي اللغة الرسمية والموقف الممثل للمرأة المطالبة بحقوقها المسلوبة من قبل المجتمع الأبوي وقد تحول إلى نقد وخطاب مهم لحركة اجتماعية وجدت طريقها إلى التأثير في الرأي العام. «وتعتبر فيرجينيا وولف من رائدات حركة هذا النقد حينما اتهمت العالم الغربي بأنه مجتمع أبوي منع المرأة من تحقيق طموحاتها الفنية والأدبية إضافة إلى حرمانها اقتصاديا وثقافيا. أما في فرنسا فقد تزعمت الحركة سيمون دي بوفوار حينما أصرت على أن تعريف المرأة وهويتها تنبع دائماً من ارتباط المرأة بالرجل فتصبح المرأة آخر (موضوعا ومادة) يتسم بالسلبية بينما يكون الرجل ذاتا سمتها الهيمنة والرفعة والأهمية.» (الرويلي والبازعي، 2002: 330) اتسم الخطاب النسوي أو النقد النسوي بسمات عديدة منها: «تحديد وتعريف موضوع المادة الأدبية التي كتبتها المرأة وكيف اتصفت هذه المادة بسمة الأنثوية: عالم المرأة الداخلي المحلي (بيئة البيت مثلا) وتجارب الحمل والوضع والرضاعة، أو علاقة الأم بابنتها أو المرأة بالمرأة، وينصب الاهتمام هنا على الأمور الشخصية والعاطفية الداخلية وليس على النشاط الخارجي.» (نفسه: 331)
السيميائية الاجتماعية
تتحدد دائرة مضامين النصوص الأدبية وخاصة القصص بأنها تخاطب شريحة أكبر من المجتمع مقارنة مع سائر الأجناس الأدبية كالشعر لأنها غالبا ما تستل من صميم الحياة المعاشة بلغة سردية اجتماعية دون إضفاء الجماليات اللفظية والمحسنات البديعية التي من شأنها أن تعرقل عملية إيصال النص إلى القارئ، وبالتالي فإن «النص صياغة لحوار المؤلف مع الجمهور، ومن ثم فإن الأدب فضاء معرفي تشتغل في دائرته عناصر ثقافية واجتماعية متفاعلة في إطار رؤية إيديولوجية محددة، وفي إطار شكل جمالي يستجيب لشروط الجماعة الاجتماعية.» (يوسف، لاتا: 4)
والسيميائية هي منهج علمي يعنى بدراسة الإشارات والعلامات ومن حيث التسمية تتعدد ألفاظها ودلالاتها نظرا للبيئة الثقافية المنطلقة منها. «السيميولوجيا (السيميوطيقا)، لدى دارسيها، تعني علم أو دراسة العلامات (الإشارات) دراسة منظمة منتظمة. ويفضل الأوروبيون مفردة السيميولوجيا التزاما منهم بالتسمية السوسيرية، أما الأمريكيون فيفضلون السيميوطيقا التي جاء بها المفكر والفيلسوف الأمريكي تشارلس ساندرز بيرس. أما العرب، خاصة أهل المغرب العربي فقد دعوا إلى ترجمتها بــــ(السيمياء) محاولة منهم في تعريب المصطلح. والسيمياء مفردة حقيقة بالاعتبار لأنها كمفردة عربية، كما يقول الدكتور معجب الزهراني، ترتبط بحق دلالي لغوي-ثقافي يحضر معها فيه كلمات مثل: السمة والتسمية والوسام والوسم والميسم والسيماء والسيمياء (بالقصر والمد) والعلامة.» (الرويلي والبازعي، 2002: 178)
القراءة التطبيقية
تظافرت العديد من التمظهرات النسوية الاجتماعية في مجموعة أمواج ريسوت بصفتها دوالّاً وإشارات يمكن القارئ تحليلها وفق منظور السيميائية الاجتماعية وبناء على هذا سنتناول مجموعة من الظواهر التي ترتبط بنحو مباشر بالقضايا النسوية في هذه المجموعة محاولين أن نستشف ما وراء هذه الظواهر والإشارات التي تكشف عن الصلات الاجتماعية والعلاقات الأسرية في المجتمع الخليجي وبنحو خاص في عُمان حيث جاءت هذه المجموعة القصصية لتعكس نوع العلاقات وكيفية التعامل مع المرأة سواء كان من ناحية الرأي العام أو من الرجل أو من المرأة نفسها. سنتناول في ما يلي أهم السمات السيميائية المتجلية في الخطاب النسوي في مجموعة أمواج ريسوت القصصية وهي:
معاناة المرأة
تعتبر المرأة العنصر الأكثر معاناة من الناحية الجنسوية مقارنة مع الرجل في المجتمعات التقليدية وقد تمثلت هذه المعاناة بأشكال عديدة كحرمانها من حق التعليم وحق اختيار الزوج وحق اختيار الوظيفة وإقصائها عن المشاركة في بناء المجتمع ورقي الحياة الاجتماعية وتهميشها عن اتخاذ القرارات المصيرية وإلخ. يعتقد بو علي ياسين أن هذه المعاناة أدت إلى ضعف ملحوظ لدى المرأة حيث يقول: «يتجلى ضعف ولاء المرأة العربية الحديثة العادية للمجتمع في مجال العمل. فهي أقل إبداعاً فيه، لضعف الاهتمام غالباً، وأقل طموحاً، لعدم الثقة بالنفس أمام الرجل من جهة، ولأنها من جهة أخرى لا تجد في العمل الاجتماعي تحقيقها الذاتي بل في الزواج والأسرة.» (ياسين، لاتا: 122)
ظهرت هذه المعاناة – شدة وضعفاً – في المجتمعات الإنسانية وخاصة العربية نتيجة هيمنة السلطة الذكورية واستيلائها على النصيب الأكبر من مساحة الحقوق الاجتماعية والمدنية، وبالتالي أدى هذا إلى ظهور الحركة النسوية ساعية إلى خلق نوع من التوازن المحايد بين الرجل والمرأة في توزيع الحصص والمساهمة في الأنشطة الاجتماعية بجميع تفرعاتها. وما تركز عليه التحليلات النسوية مؤدّاه واحد وهو «أن الرجال يستأثرون بنصيب من القوة والامتيازات والحرية والحقوق في المجتمع أكبر مما تحوزه النساء، وأنهم يستطيعون بفضل ذلك أن يحققوا الهيمنة على النساء في مجالات عديدة.» (أبو الخير، 2021: 6)
والكاتبة إشراق النهدي أولت هذا الجانب اهتماماً كبيرا في مجموعتها القصصية أمواج ريسوت، وقد جاء في المقتبس الآتي:
«فقد قابل قبل عدة أشهر امرأة أوتارها مختلفة الألحان، ليس لنغمتها مثيل، إذ كانت تعمل منسقة زهور في الفندق الذي سكن فيه في آخر رحلة عمل له.» (النهدي، 2019: 59)
تعد بعض الأعمال اليدوية في المجتمعات الشرقية من ضمن الأعمال النسائية وهذا التصنيف للأعمال ناتج عن الرؤية الأبوية المهيمنة في المجتمع وفي الذاكرة الجمعية إذ أن العقلية الأبوية تقصي الأعمال المهينة من منظورها عن الرجل وتدرجها ضمن المهام الخاصة بالمرأة، كالعمل الذي أشارت إليه الكاتبة في هذا النص. وما يلاحظ في المجتمعات العربية بغزارة هو هذا التصنيف القائم على التمييز الجنسوي للأعمال، فعمل منسق الزهور لا يليق _ وفق هذه الرؤية _ إلا بالمرأة وهي من الظواهر التي عملت على تغييرها الحركة النسوية بكثافة.
ومن الظواهر المشينة تجاه المرأة التحرش المؤذي الذي يلاحظ بشكل غزير في المجتمعات الأبوية. جاء في المشهد الآتي:
«فعندما كنت في الحادية عشرة من العمر، أحدهم ضربني بقبضة يده على صدري بقوة، ساعتها ترنحت ورأيت نقاطاً بيضاء وفضية ثم وقعت على الأرض، وعندما صحوت وجدت نفسي وحيدة. كنت ألعب بعزلة وصمت على جانب الطريق في الحارة الضيقة، وثمة مشاجرة حدثت بين الجموع، أحدهم فقد السيطرة على أعصابه واتجه نحوي ولكمني. لم يكن لي ذنب فيما حدث بينهم ولكني دفعتُ ثمن التواجد الخاطئ في محل لم يكن يناسبني. بعدها لم أعد أخرج أبداً. انكفأت وانكمشت على نفسي وتقوقعت في البيت.» (النهدي، 2019: 53)
نرى في هذا المشهد أن الشخصية التي وقعت ضحية الاعتداء العنيف تعرضت لهذا الموقف نتيجة تواجدها في المكان الخاطئ على حد تعبيرها، وهذا التعبير ناجم عن الرؤية الأبوية التي تحظر تواجد النساء في أمكنة دون أخرى وهي على امتداد المواقف الأبوية المعادية لحقوق النساء. ونتيجة لفرض هذه الرؤية نرى كثيراً من حالات التحرش والاعتداء الجسدي والضرب والتعنيف وإطلاق العبارات النابية بالنسبة للمرأة وهي من أهم الظواهر الاجتماعية التي حاولت الحركة النسوية أن تتصدى لها.
الخطاب الذكوري
يشكل الخطاب الذكوري أو الأبوي البنية الأساسية في الأنظمة الأبوية و«يقوم حجر الزاوية في النظام الأبوي (والأبوي المستحدث) على استعباد المرأة، من هنا كان العداء العميق والمستمر في لاوعي هذا المجتمع للمرأة ونفي وجودها الاجتماعي كإنسان والوقوف بوجه كل محاولة لتحريرها، حتى عند رفع شعار تحرير المرأة. هذا المجتمع لا يعرف كيف يعرّف ذاته إلا بصيغة الذكورية وصِفَتِها. ليس للأنوثة من وظيفة فيه إلا تأكيد تفوّق الذكر وتثبيت هيمنته.» (شرابي، 1993: 16) وهذا يكشف عن سلطوية الجنس الذكوري بالنسبة للجنس الأنثوي ولا يتأتى هذا إلا نتيجة توافر كمّ هائل من الترسبات والتراكمات الاستعلائية التي خلقها الرجل في ذاته ولنفسه عبر الآلاف من السنين. لذا «تجد الهيمنةُ الذكوريةُ إذاً كل الظروف مجتمعة لملء ممارستها. والحضور المعترف به كونياً للرجال، يتأكد في موضوعية البنى الاجتماعية ونشاطات الإنتاج وإعادة الإنتاج، والقائمة على تقسيم جنسي لعمل الإنتاج وإعادة الإنتاج البيولوجي والاجتماعي، ويمنح للرجل النصيب الأوفر.» (بورديو، لاتا: 60)
ظهر الخطاب الذكوري أو الأبوي في العديد من مشاهد مجموعة أمواج ريسوت ويبدو أن الكاتبة سعت إلى نقل التجربة العامة للمرأة الخليجية –أو العُمانية بنحو أدق- إزاء الرجل إلى القارئ.
جاء في المشهد التالي:
«زيجتها البائسة هي التي أخفتت بهجتها، وجعلتها دون ضوء أو بريق. زوجوها لابن عمّها المريض بالقلب، والمنهك دائماً. هي كالفراشة وهو كدب قطبي يغط في سبات أبدي عميق.» (النهدي، 2019: 25)
من أبرز مظاهر الخطابات الأبوية – الذكورية إجبار البنت أو الأخت على الزواج من ابن عمها وهي ظاهرة تكاد تكون مستشرية على نطاق واسع في المجتمعات الشرقية وخاصة العربية. بغض النظر عن سلبيات أو إيجابيات هذا النوع من الزيجات، تعد هذه الظاهرة من أشهر الظواهر الاجتماعية التي تعاني منها النساء، إذ يتم فرض نوع من الإرادة القهرية عليهن ويؤدي هذا الفرض إلى ترسخ حالة من تقبّل الهيمنة الأبوية في لاشعور المرأة.
وأيضاً جاء في المقتبس الآتي:
«فقد تعودنا أن نأتي هنا كل جمعة، نحتسي الشاي ونأكل الدجر1 معاً، هو مع زوجته وأنا مع أم العيال.» (النهدي، 2019: 43)
ومن الظواهر والإشارات السيميائية الاجتماعية في البلدان الشرقية عامة والعربية خاصة تجاه المرأة، عدم ذكر اسمها أمام الآخرين حتى وإن كانوا من الأقارب، وإخفائها خلف الألقاب والكنى كالزوجة والعيال والبيت وأم العيال وأم فلان والحرمة وما إلى ذلك من الألقاب التي تكثر في المجتمعات العربية كما ورد في هذا المقتطف. وتعد هذه الظاهرة سيميائياً من أبرز الظواهر الاجتماعية التي تسعى لمصادرة المرأة لصالح الرجل ووفق هذا المنظور فإن الإسم الحقيقي للمرأة يعد عورة وحراماً وهذه من سمات المجتمعات الأبوية حيث إنّ الرجل هو من يقرر بماذا يجب أن تُسمّى المرأة كي لا يمسّ رجولته شيء من العار.
المرأة المناضلة
حاولت المرأة المعاصرة أن تخوض معركة إزاء الآخر الذي يتمثل في الرجل المعادي للنساء وأن تأخذ حقها المسلوب منها لكي تجد ذاتها ومكانتها في المجتمع الذي غالباً ما ينحاز للرجل ويقصي الجنس الأضعف والأدنى وفق الرؤية الذكورية السائدة في المجتمعات الأبوية. وفي ظروف كهذه تحاول المرأة أن تستمد قوتها «من الشعور بالانتماء إلى جماعة نضالية تريد مجابهة وضعيات التخلف ورموزه لأنها هي التي ترسم المصائر المأساوية للمرأة ولكل الفئات المهمشة في المجتمع.» (الزهراني، 2004: 497)
جاء في النص التالي:
«دخلت تخصص إدارة أعمال تبغي أن تساعد والدها في تجارته، خاصة أن أخاها الأكبر سافر ليدرس الفنون رغماً عن والده، فحسبت أنها قادرة على تغطية مكانه ومساعدة والدها؛ ورغم أنها كانت تتمنى أن تكون مثل والدتها ربة بيت، تعتني بأسرتها وبالعيال وبنفسها فقط؛ إلا أنها فضلت أن تضحي وتبادر بالدراسة وتشرع في تعلم الإدارة وتحمل مسؤولية الثروة التي قد يعود نصفها لملكيتها في المستقبل.» (النهدي، 2019: 37)
من أهداف الحركة النسوية حث النساء على خوض المهام الاجتماعية والاقتصادية والسياسية جنباً إلى جنب الرجل وإيجاد موطئ قدم لهن في بناء المجتمع وهذا الأمر واضح في هذه المجموعة القصصية، إذ إنّ الكاتبة حاولت أن تقدم صورة جلية من نضال المرأة في المجال الاجتماعي والاقتصادي ومثابرتها في العمل إلى جانب الرجل. وجدير بالذكر أن خوض هذه المهام قد يبدو في النظرة الأولى أمراً مألوفاً واعتيادياً، إلا أننا إذا أردنا أن نتعرض لدراسة هذه الظاهرة في مجتمعات تؤمن بتصنيف الوظائف والمهام وفق الرؤية الجنسوية والأبوية سيبدو الأمر صعباً ومعقّداً للغاية.
وجاء في المشهد التالي:
«فوالدتي باعت أساورها لتبتاع لي هذه الملابس عندما دخلت الجامعة، لا يمكنني أن أفرط بأي قطعة منها، حتى تلك المعطوبة.» (النهدي، 2019: 54)
لا يقتصر نضال المرأة وتضحيتها خارج المنزل فحسب، بل إلى جانب خوضها لمعركة الحياة وإثبات الذات في المجتمع لم تغفل عن ممارسة التضحية في البيت بالنسبة لأهلها وذويها. يظهر في هذا المقتبس كيف تؤثر الأم ابنتها على نفسها وتقوم ببيع أساورها من أجل التحاقها بالجامعة وفي هذا الأمر إشارة سيميائية إذ يشير السوار إلى رمز نسائي وهو الحلي الذي ترتديه المرأة دون الرجل عادة في المجتمعات الشرقية وهو يمثل مصدر البهجة والبهاء والتباهي والفخر والارتياح النفسي والأم تضحي بكل هذا وتؤثر ابنتها على نفسها.
التجارب الأنثوية
تمر المرأة في حياتها بتجارب عديدة نظراً لحالاتها النفسية والفسيولوجية وهي من سماتها الخاصة بها. ومن ضمن التجارب الأنثوية الخاصة بالمرأة هي الحمل والإنجاب وسنتناول كل تجربة منها على حدة.
أ) الحمل
يرمز الحمل سيميائيا إلى الخصوبة والنماء ويُنظر إليه كوسيلة للتباهي والتفاخر باعتباره عنصر الديمومة والاستمرار، وفي الرؤى والأحلام يشير إلى «التمنيات وربما ولادة أفكار جديدة، وتمثل المرأة الحامل في الحلم معالم الأنوثة والجانب الإبداعي في الشخصية.» (الدليمي، 2006: 194) ومن الناحية النفسية والجسدية «ينطوي الحمل على الكثير من الجهد الجسدي، فالتغيرات العضوية تستهلك الكثير من الطاقة الجسدية من المرأة الحامل، و يترافق ذلك مع تغيرات عاطفية ونفسية، فالمرأة تحلم بدورها الجديد وتحضر نفسها لهذا الدور، إذ تمتزج لديها مشاعر القلق والسعادة وكثيراً ما يلاحظ تغيرات قوية في مزاج الحامل، فحينا تجدها سعيدة حالمة متفائلة، وحينا تعاني من الانقباض والقلق.» (بلبكّاي وفراحته، 2021: 34)
وجاء في المقتطف التالي:
«خلال الحمل كانت متذبذة الحضور فكثيراً ما تتغيب، لكنها ظلت تمارس بعض الحركات البسيطة في البيت بعد استشارتي. وعندما طابت بعد فترة النفاس، رجعت لمزاولة الرياضة، ...» (النهدي، 2019: 82)
على الرغم من أن فترة الحمل هي من أقسى التجارب الأنثوية للمرأة وتعد مرحلة مفعمة بتغيرات نفسية وجسمية إلا أنها لا يمكن اعتبارها مانعاً لمزاولة الأعمال. يشير هذا المشهد إلى ظاهرة التثاقل والاستبطاء في إنجاز المهام من قبل المرأة أثناء الحمل وخلافاً لهذا الشعور فقد حاول الخطاب النسوي أن يقدم صورة مغايرة لما هو مألوف من المرأة الحامل، صورة المرأة المثابرة والمجتهدة والكادحة والقائدة وهي حامل، وبهذه الصورة حاولت الحركة النسوية أن تقضي على الصورة النمطية والتقليدية للمرأة الحامل وأن تستبدلها بصورة حداثية. فالمرأة في هذه القصة تركت مزاولة الرياضة نتيجة الحمل وإن كان بإمكانها الحضور لصالة الرياضة وممارسة بعض الحركات المناسبة للنساء الحوامل.
جاء في المقتبس الآتي:
«تزوجها عرفياً ذات ليلة وحملت منه. أسبوع واحد فقط عاش مسروراً معها، أعطته الحياة حقه أخيراً. وعدها بإعلان الزواج. أسرّ لصديقه عارف بذلك، كان مطمئناً فهو يعرف كل أسراره، سجّل باسمها عدة فنادق دون أن تدري وبعض البيوت التي يمتلكها هدية زواج. لتكون مفاجأة لها؛ لكنه مات دون أن ينجز هذه المهمة الأهم، ترك المسكينة حاملاً، لا بدّ أن العالم والناس سينهشون سمعتها نهش الذئاب لطريدة غضة.» (النهدي، 2019: 61)
يعد الحمل إنجازاً بحد ذاته للمرأة من منظور الرؤية الأبوية في المجتمعات التقليدية، إذ إنّ المرأة التي تتمتع بقابلية الحمل ينظر إليها بعين الاحترام والتكريم خلافاً للمرأة العاقر التي تعامل _ غالباً _ بازدراء واستخفاف. فالحمل بصفته رمزاً اجتماعياً يمثل وفق المنظور السيميائي دلالة هامة ترتبط بشكل مباشر بمكانة العائلة والقبيلة، خاصة في المجتمعات القبلية. يشير هذا المشهد إلى ظاهرة مألوفة في المجتمعات العربية وهي حمل المرأة مباشرة بعد الزواج وهذا الأمر غالباً ينطلق من الرؤية الأبوية المترسخة في المجتمع إذ إن الرجل هو من يقرر متى يحق للمرأة أن تحبل ومتى يحق لها أن تنجب وليدها، وهذا يكشف عن ظاهرة الاستعباد الحديث للمرأة، فالمرأة تعد أشبه بقطعة متاع للرجل، وهذا الأمر تحديداً ما قامت الحركة النسوية من أجل إزالته والوقوف ضده.
ب) الإنجاب
يعد الإنجاب الميزة التي تُكرّم المرأة بواسطتها في المجتمعات الأبوية وهذا يكشف عن الرؤية الأداتية والوظائفية التي يحددها الرجل للمرأة ومن ناحية أخرى ربما تكشف عن رؤية لاشعورية كامنة في ذوات الرجال والنساء الأبويات تنطلق من الاعتقاد بتحديد الوظيفة الشيئيّة للمرأة ووفق هذا المنظور فإن المرأة تتحدد قابلياتها وقيمتها بتحقيق الإنجاب بصفته أيقونة للامتداد البشري أو الديمومة الحيوية.
تناولت الكاتبة هذه التجربة النسائية بنحو ملحوظ في قصصها، فقد جاء في المقتبس التالي:
«منذ عدة سنوات تعاني من احتكاك الركبة عدا ذلك تحاول الإنجاب، ولكنها فشلت، حتى عمليات التلقيح الصناعي خيبت آمالها، والآن زوجها تخلى عنها.» (النهدي، 2019: 79)
المحاولة الملحة لخوض تجربة الإنجاب هي من سمات المجتمعات الأبوية التي تصادر حق المرأة في أمر أنثوي بحت، ولهذا يرى المتابع للشأن النسوي في المجتمعات الأبوية أن المرأة نتيجة وقوعها تحت تأثير العقلية الذكورية تحاول أن تجرب جميع الوسائل لتحقق تجربة الحمل والإنجاب كي تستعيد أو تجد مكانتها المشرفة. وهذه الرؤية واضحة في قصص الكاتبة إشراق النهدي، حيث تحاول أن تنقل صورة واضحة المعالم عن المجتمع الذي تعيش فيه وعن التجارب التي تمر بها النساء وكيفية التعامل مع هذه التجارب من قبل الرجل أو المرأة الرجولية.
وجاء في المقتبس التالي:
«حلوت تزوجت الفتى نفسه بعد فقدها للبصر، وأنجبت منه أولاداً كبروا بمهارة متأصلة في كفوفهم، وفي قلوبهم ورثوا حب الحرفة، وحالفهم الحظ؛ ...» (النهدي، 2019: 19)
فالإنجاب بصفته المرحلة المتممة للحمل يعد رمزاً وعلامة اجتماعية هامة لأنه يرمز إلى الديمومة والاستمرار والحياة المتواصلة، كما أنه يمثل الوسيلة للتباهي والفخر والاعتزاز. وما يُلاحَظ ميدانياً أن الشعور بالسعادة والبهجة بعد الإنجاب تنتاب الرجل أكثر من المرأة، لأن الذاكرة الجمعية في المجتمعات الأبوية تَعتبر الإنجاب رمزاً للخصوبة والنماء الذي يجد الرجلُ فيه ذاته وكيانه وأن الرجل هو المعني بالأمر وحده دون المرأة، ويكشف هذا عن حالة الشعور بالامتلاك للوليد لدى الرجل. وفي هذا المشهد خلافاً للرؤية الأبوية يُلاحِظ القارئ أن الفخر والبهجة والاعتزاز بالأولاد قد تحققت للمرأة_الأم (حلوت) أكثر من الأب، لأن الأولاد اتصفوا بصفات الأم كونهم امتهنوا مهنة والدتهم في صناعة الفخار.
الطلاق
الطلاق ظاهرة اجتماعية تنتهي بحدوثه الصِّلات الترابطية والعلاقات الروحية والجسدية بين الزوجين، ومن المنظور اللغوي يعني «حل القيد والإطلاق، وهو رفع القيد حسياً كان أم معنوياً.» (فيض الله، 1986: 26) وعرّف حجازي الطلاق عبارة عن «انفصام عرى الرباط الزوجي عملياً ومادياً وشرعياً، وهو أيضاً فسخ الزواج الذي وقّعه كل من الرجل والمرأة قبل دخولهما في العلاقات الزوجية، كما أنه يعرب عن التباعد والتفريق بين الزوجين.» (حجازي، 2000: 116) وهذا التعريف يشير إلى حالة من الطلاق تسمى الانفصال العاطفي وهي حالة يبقى الزوجين على زواجهما من الناحية الرسمية والقانونية فقط وتنعدم جميع سبل التواصل العاطفي والروحي والجسدي بينهما. وفي الشرع يعني الطلاق «حل قيد النكاح، أو حل عقد النكاح بلفظ الطلاق.» (فؤاد منصور، 2009: 33)
يعد الطلاق من الظواهر الاجتماعية التي أخذت تتزايد في الآونة الأخيرة في المجتمعات الشرقية وخاصة العربية منها وحاول الخطاب النسوي أن يقف من هذه الظاهرة موقفاً محايداً باعتبارها حالة اجتماعية اعتيادية ومقبولة كحالة الزواج، كما أنه سعى إلى الدفاع عن حق المرأة في هذه الظاهرة نظراً إلى أن غالباً ما، يتم إجحاف المرأة حقها في قضية الطلاق. وفي هذه المجموعة القصصية وردت إشارات عديدة حول قضية الطلاق سنشير إلى بعض منها:
«تهاني مطلقة منذ سنوات، بل بالكاد تزوجت عدة أشهر وانفصلت، كان زوجها متزوجا وادعى الفقر والتعاسة، ولأنها سئمت من العنوسة، سيطرت عليها فكرة الزواج وهي ابنة الأربعين آنذاك فقد دفعت مهرها لنفسها نيابة عنه مخبئة هذا الأمر عن أهلها، كما كانت سفرتهما لشهر العسل على حسابها الخاص. اشترت له سيارة واكترت شقة للسكن، وسلفته عدة آلاف من الريالات؛ لكنه بدأ يتململ ويغيب، وذات يوم رجع إلى العاصمة دون عودة ومن ثم طلقها.» (النهدي، 2019: 81)
من أكثر أسباب الطلاق انتشاراً في العالم العربي هو الإقدام على الزواج نتيجة العنوسة وفوات أوان الزواج وفق الرؤية التقليدية التي هي من رواسب الفكر الأبوي، فالمرأة من أجل الهروب من الانتقادات اللاذعة التي توجه إليها نتيجة عدم زواجها وتقدّم السن بها، تُقدم على الزواج بأول رجل يتقدم لخطبتها وهي زيجات غالباً ما تكون فاشلة وتنتهي بالطلاق كما يلاحظ القارئ في هذه القصة. فشخصية القصة (تهاني) من أجل الهروب من حالة العنوسة التي فرضها عليها المجتمع الأبوي لأنها يفترض بها أن تنتظر من يأتي لخطبتها، أقدمت على الزواج برجل تركها أخيراً وطلقها، فالطلاق والزواج بصفتهما حالتان اجتماعيتان يرتبطان غالباً بقرار الرجل.
«طارق يصرح لنفسه بندم: شفت ريان بعد سنتين في مطعم على الجبل جنب البلكونة، كنت طالع مع الشباب وهي داخلة مع صديقاتها، والله إني ما عرفتها في البداية. لكني تسمّرت وهي التفتت لي تتأكد مني، معد قدرت أتحرك، أصحابي وصلوا السيارة وأنا عادني مصدوم بها، أتحالي فيها وأنا ندمان، صارت بيضة وحلوة. خطيبتي اللي فسخت علاقتي بها، كانت بيضة بس خُلقها ما هو حلو واجد، غير أخلاقها ما عجبتني، يا ريتني ما تركت ريان.» (النهدي، 2019: 93-94)
يُظهر طارق الندم على تركه لزوجته السابقة ريان ويلاحظ القارئ من خلال حديث طارق مع نفسه أنه أقدم على طلاق ريان بسبب شكلها ولون بشرتها وبعد أن شاهدها صدفة اكتشف أن لون بشرتها قد تغير نتيجة العناية ببشرتها والاهتمام بنفسها. وهذا السبب أيضا من الأسباب الرائجة للانفصال بين الزوجين وبما أن قرار الطلاق عادة ما بيد الرجل فالمرأة دائماً تكون ضحية هذه القرارات الظالمة وسعت الحركة النسوية جاهدة أن تحتج بشأن هذه الظاهرة المشينة التي تتعامل مع المرأة كوسيلة في المجتمع الأبوي.
علاقة الأم بابنتها
من أبرز الصور العالقة في الذهن من المجتمعات الأبوية هي علاقة الأم بابنتها وفق إملاءات الرجل إذ إنّ المرأة في المجتمعات الأبوية لا يحق لها أن تتعامل مع أبنائها وخاصة بناتها خارج نطاق التعاليم الذكورية ويتحتم عليها أن تمضي في تربية الأبناء على ضوء الإرشادات الأبوية.
«تكرر ذلك كل يوم كمرض مزمنٍ مستعصٍ، خافت عليها والدتها وأخذتها إلى مركز علاج لتخفيف الوزن وضبط الحمية «مركز دكتر نيوترشن» بجانب اللولو في منطقة الوادي.» (النهدي، 2019: 39)
يظهر في هذا المشهد حرص الأم على صحة ابنتها، واللافت للانتباه لا نرى وجوداً للأب هنا وهذا يكشف عن كيفية علاقة الأم بابنتها وحدود هذه العلاقة. فالأم والبنت تتحدد علاقتهما مع بعضهما في نطاق معين ومحدد يشرف عليها الرجل الذي يمتلك الوصاية والولاية على المرأة في المجتمع الأبوي. فالمرأة الأم لا تتمتع بكامل حريتها في علاقتها مع أبنائها في مجتمعات كهذه، وإنما تحاول أن تطبق تعاليم الأب أو الرجل الذي يمتلك كامل الصلاحيات في تحديد ماهية علاقات الأم مع أبنائها.
«بينما أمي لا تتكلم إلا بالنظرات، ولغة العيون لا تردع أحداً، خاصة لو صدرت عن امرأة مثل والدتي. صماء بكماء لكنها تمتلك بصرا حادا وبصيرة محدودة لم تفدني بشيء، مستسلمة وخنوعة فحسب، تخذل توقعاتي كلما شيدت أملا عليها.» (النهدي، 2019: 54)
يكشف هذا النص عن علاقة معقدة ومتوترة بين الأم وابنتها، فالأم تمثل المرأة الخنوعة والمستسلمة والضعيفة والمنقادة التي لا تجادل ولا تناقش من أجل حقها، والبنت على عكسها تماماً إذ لا تستطيع أن تعول عليها في آمالها. وهذه العلاقة تعكس الفجوة بين جيلين يختلفان بنظرتهم وتطلعاتهم إلى الحياة، بين الأم التي ترى تعاليم المجتمع الأبوي تعاليماً غير قابلة للنقاش فهي صماء بكماء، ترى ولكنها لا تمتلك القوة أو الجرأة للرفض أو للمخالفة، خلافاً للبنت التي تنتفض على هذه الرؤية وتحاول أن تبني ذاتها بذاتها، ولكن بالرغم من ذلك تحاول أن تحافظ على هذه العلاقة الهزيلة والمتوترة مع أمها.
علاقة المرأة بالمرأة
تضع الحركة النسوية كيفية التعامل مع المرأة وحقوقها فوق كل اعتباراتها ولا يقتصر هذا على موقف الرجل إزاء المرأة وإنما ينصرف إلى جميع المواقف التي تعني المرأة بشكل أو بآخر كطرف ثانٍ بصفتها الآخر جنسوياً بالنسبة للرجل. وأكثر ما يلفت الانتباه في المجتمعات الشرقية الأبوية هي ليست كيفية تعامل الرجل مع قضية المرأة وإنما كيف تتعامل المرأة مع قضيتها نفسها. ولا يخفى أن المرأة الناشئة في المجتمع الأبوي والمتشربة بإملاءات العقلية الذكورية ليست أقل حدة وخطراً على المرأة من الرجل، بل تكاد تكون تداعيات مواقفها إزاء قضية بنات جنسها أكثر ضرراً من مواقف الرجل.
وبما أن جل شخصيات هذه المجموعة القصصية من النساء، فالكاتبة أولت قضية علاقة المرأة بالمرأة اهتماماً كبيراً، فقد جاء في النص التالي:
«بعد عدة أشهر قضيتها في التدريب المنزلي الخاص، أو زيارات منزلية لتدريب الفتيات والنسوة، رجعت إلى الصالة، بطلب من المنتسبات؛ اللاتي ضغطن على مديرة الصالة، حينها انضمت معي فاطمة، التي تعرفت عليها من خلال تلك التدريبات الخاصة.» (النهدي، 2019: 83)
يشير هذا النص إلى العلاقات العامة بين النساء في مجالات مختلفة، فالمرأة قد تكون مدربّة أو مدرّسة أو موظفة أو مديرة أو ربة منزل وبطبيعة الحال تتعامل المرأة في أي من هذه المجالات مع شريحة كبيرة من نساء المجتمع وكل منها تقتضي نوعاً خاصّاً من العلاقات. وما يلفت الانتباه في هذا النص هو تجاوز العلاقة العامة إلى علاقات خاصة، فتصبح المدرّبة صديقة للمنتسبات في الصالة وتفتح علاقة صداقة أكثر حميمية من العلاقة في الصالة.
وجاء في النص التالي:
«قبل شهر لبستها زميلتي التي تقطن الغرفة المجاورة، وكانت ممزقة من طرف الساق، لم ننتبه لذلك إلا بسبب دكتور في المعمل، فهو لم يتزحزح من جانبها يراقبها ويغازلها، بعدها اكتشفنا أن تنورتي الحمراء كشفت كامل ساقها من الخلف، بكت زميلتي ولامتني على ذلك، وقطعت علاقتها بي.» (النهدي، 2019: 54-55)
يكشف هذا المشهد عن أدق تفاصيل علاقة المرأة بالمرأة، فالشخصية الرئيسة في هذه القصة تتحدث عن تنورتها التي أعطتها لصديقتها كي ترتديها، وهذا يشير إلى أن نوعية العلاقة بين النساء قد تتجاوز القضايا العامة وتصل إلى أمور خاصة جدّاً. يعكس هذا النوع من التعامل الودّي والحميم بين صديقتين شكلاً من أشكال التعاطف الذي يتجاوز الحالة المألوفة.
وفي ما يلي سنتناول بعضاً من الرموز الأنثوية كالثقافة متمثلة بالفضاء الاجتماعي والقضايا المتعلقة بالمرأة في هذه البيئة، والهوية ومعالمها كالدين والأسماء والألقاب وما إلى ذلك.
الثقافة
من الصعب أن نحدد تعريفاً دقيقاً لمفهوم الثقافة، فهو مفهوم يتسم بالدينامية والتمدد، ولكن إذا أردنا أن نقدم تعريفاً مبسطاً تجتمع فيه عناصر ومعالم وركائز التعريفات الأخرى فيمكننا الاعتماد على تعريف العالم الإنجليزي أ. ب. تايلور:«الثقافة بالمعنى الأنفوجرافي الواسع هي ذلك الكل المعقد الذي يشتمل على: المعرفة، العقيدة، الفن، الأخلاق، القانون، العادات، وكل المقومات الأخرى التي يكتسبها الإنسان كعضو في المجتمع.» (عبد الجواد، د.ت: 81) وعليه، فالثقافة هي مجموعة المعرفة والمعتقدات والقيم والتقاليد والعادات والممارسات التي يشترك فيها مجتمع معين أو مجموعة من الأفراد. إنها تشمل جميع الجوانب المادية والروحية والذهنية للحياة التي يتبعها الأفراد في مجتمع معين.
ومن ضمن عناصر الثقافة يمكن الإشارة إلى الفضاء الاجتماعي الذي يشير إلى المجموعة الشاملة للعلاقات والتفاعلات التي تحدث بين الأفراد والمجتمعات في بيئة اجتماعية محددة. كما يعبر عن الأماكن والمجالات التي يتقابل فيها الأفراد ويتفاعلون مع بعضهم البعض، سواء كانت في الواقع الفعلي أو الظاهرة الافتراضية.
وردت في هذه المجموعة القصصية إشارات غير قليلة حول الفضاءات الاجتماعية التي تكشف عن نمط العلاقات بين النساء كالبيت والنادي الرياضي والعمل. جاء في المقتطف التالي:
«طوال فترة التدريب كانت أفضل من يؤدي الأيروبيك، ويتقن تمارين التنفس. كما بدأت تخضع للريجيم. وتأكل التفاح الأخضر وتشرب الماء الديتوكس المخلوط بالليمون والخيار والزنجبيل والقرفة، كانت تقول عنه: "والله أنو أيش مفيد، ويسرع عملية الأيض." فيتبعها باقي الفتيات والمنضمات بالتقليد. نسيت أن أخبركم أن اسمها العنود، وهي كتومة للغاية، ...» (النهدي، 2019: 77)
يرتبط الفضاء الاجتماعي ارتباطاً وثيقاً بتكوين شخصية المرأة اجتماعياً ونفسياً، حيث يمكن تحديد السمات الفكرية للمرأة والاطلاع على تفاصيل رؤيتها وتوجهاتها من خلال البيئة أو الفضاء الاجتماعي الذي تنتمي إليه. المرأة في هذا المقتطف تتحدد معالمها الاجتماعية بانتسابها للمكان الذي هو النادي. تحاول هذه المرأة أن تثبت كينونتها الأنثوية من خلال اجتهادها في ممارسة التمارين الرياضية وهو الوجه الآخر للوقوف أمام الهيمنة الأبوية المفروضة على المرأة في المجتمعات الذكورية. فالعنود في هذه القصة تجد مواصفاتها الأنثوية وانتماءها الجنسوي في ظل الانتساب إلى فضاء يمنحها بعضاً من الانعتاق والحرية. الانعتاق من القيود التي فرضها عليها المجتمع الأبوي. وبالرغم من اختلاف وتنوع الفضاءات الاجتماعية في هذه المجموعة القصصية إلا أنها تجتمع في سمة محددة وهي أنها تعد الملجأ لاحتماء المرأة والحصن لممارسة أنوثتها بعيداً عن رقابة الرجل. فالعنود في هذه القصة هي نفسها صباح (أم عبد الله) في قصة "ذكريات في الزحام" والنادي هو نفسه البيت الذي تجد أم عبد الله متعتها الضالة فيه.
«قاد سيارته بسعادة لبدء إجازته السنوية من الغد. وقرر عند الرجوع إلى البيت مناقشة أم عبد الله بشأن العطلة الصيفية: أين ترغب في قضائها؟ دخل البيت وسلم، رمى غترته البيشاء على الصوفا في غرفة الجلوس وقعد أمام عبد الله يداعبه، لاحظ السعادة ترفرف على وجه عبد الله وأمه، فابتسم دون السؤال عن السبب، إلى أن سألته صباح بشغف: متى تبانا نروح صلالة؟» (النهدي، 2019: 67)
صباح (أم عبد الله) في هذه القصة تعمل على تكوين كيانها الشخصي وأبعاد سماتها الجنسوية من خلال انتسابها إلى البيت، هذا الفضاء الاجتماعي والأسري الذي تتكون فيه أوليات الشخصية الإنسانية. فالبيت والنادي يمثلان على السواء البيئة التي تتشكل فيها جوهرة كيان المرأة وفيها يمكن المطالبة بحقوقها، أو من خلالها بالإمكان ممارسة هواياتها أو وظائفها.
الهوية
الهوية هي مجموعة الصفات والعوامل التي تميز الفرد أو المجموعة وتحدد معالمهم الفردية أو الجماعية، ويعرفها علي حرب «بأنها صيغة مركبة وملتبسة بقدر ما هي سوية مبنية على التعدد والتعارض، وهي عقدة من الميول والأهواء بقدر ما هي شبكة من الروابط والعلاقات، وهي توليفة من العقائد والمحرمات بقدر ما هي سيرورة نامية ومتحركة من التحولات والتقلبات.» (حرب، 2008: 201)
تناولت الكاتبة في هذه المجموعة القصصية العديد من المظاهر الهووية من أجل رسم صورة واضحة المعالم عن المجتمع الذي تنتمي إليه، وهذه المظاهر بحد ذاتها تشير إلى نوعية العلاقات النسوية في مجتمعات تحكمها المعايير الأبوية. تتجلى الهوية الدينية المعتمدة على المتبنّى الديني بوضوح في مشاهد عديدة من المجموعة القصصية ومن بينها هذا المقتطف الذي يكشف عن سر الترابط بين الهوية الجنسوية والهوية الدينية لدى المرأة.
«تسترجع حلوت ذكريات شبابها، ومدى مهارتها وتفوقها في التلاعب بالطين، فقد صنعت آدم وحواء ذات مرة في صدفة غير مدبرة، إذ كلما نوت صنع مجسمات وتماثيل بشرية، كانت تسقط أضلاعها دون سبب واضح، حتى إنها جُرحت ونزفت يومها من أصبعها بغرابة، ودون مسوغ، فاختلط دمها بالصلصال، لكنها رغم ذلك أخذت الضلع المتساقط وخلطته بطين إضافي وصنعت حواء، إذ تخيلت آدم وحواء متحابين ومتجاورين، فصنعتهما آية في الجمال والكمال، ...» (النهدي، 2019: 18-17)
حلوت امرأة مكفوفة البصر تحاول من خلال مهنتها في صنع الفخار أن تعيد صياغة شاكلة نفسها في لاشعورها حسب ما تتصورها، أو حسب ما تطمح إليه. فحواء في ذاكرتها تعتبر المرأة المثالية التي تسعى أن تكون مثلها وتساقط أجزاء المجسمات البشرية ترمز إلى فقدها للبصر. وعلى هذا الأساس نرى المرأة في هذه القصة قد لجأت إلى الموروث الديني لتعيد صياغة تكوينها الجسدي والنفسي من جديد.
نتائج البحث
توصلنا في هذا البحث إلى عدة نتائج، منها؛ أن الكاتبة إشراق النهدي في مجموعة أمواج ريسوت القصصية تناولت قضية المرأة العُمانية والعربية بنحو واقعي وغزير وحاولت أن تقدم صورة مكتملة الأبعاد عن قضية المرأة في البلاد العربية. كما أننا حاولنا أن نقدم دراسة وفق المنهج الوصفي التحليلي حول تمثلات الخطاب النسوي ومظاهره في مجموعة أمواج ريسوت على ضوء علم السيميائية الاجتماعية. من ضمن تجليات الخطاب النسوي البارزة في هذه المجموعة تناولنا الخطاب الذكوري، ومعاناة المرأة، ومثال المرأة المناضلة، والتجارب الأنثوية متمثلة بالحمل والإنجاب، وقضية الطلاق، وعلاقة الأم بابنتها، وعلاقة المرأة بالمرأة. وتوصلنا إلى أن المرأة ظهرت في هذه الأدوار وتعرضت لمواقف أبوية ساعية أن تقصيها عن حقها المشروع وأن تفرض عليها نوعاً من الرقابة والوصاية وأن تختزل دورها ووظيفتها الفاعلة في البيت فحسب. وعلى الرغم من أن الكاتبة حاولت عرض صورة واقعية من المرأة ومكانتها في المجتمع العماني بصفته صورة مصغرة عن المجتمع العربي، إلا إنها سعت بنحو ضمني للتصدي للموقف المعادي للرجل إزاء المرأة في ممارسة حقوقها، وجاء هذا كردة فعل مؤملة لما تشهده المرأة من تمييز فاضح في العصر الراهن بالنسبة للرجل.
قائمة المصادر والمراجع
بورديو، بيار. (لاتا). الهيمنة الذكورية. ترجمة سلمان قعفراني. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية.
الجهني، ملاك إبراهيم. (2015م). قضايا المرأة في الخطاب النسوي المعاصر. بيروت: مركز نماء للبحث والدراسات.
حجازي، مصطفى. (2000م). الصحة النفسية. المغرب: المركز الثقافي العربي.
حرب، علي. (2008م). خطاب الهوية. الجزائر:منشورات الاختلاف.
الدليمي، سليمان. (2006م). عالم الأحلام تفسير الرموز والإشارات. بيروت: دار الكتب العلمية.
الرويلي، ميجان وسعد البازعي. (2002م). دليل الناقد الأدبي. ط 3. الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي.
شرابي، هشام. (1993م). النظام الأبوي وإشكالية تخلف المجتمع العربي. ترجمة محمود شريح. ط 3. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية.
عبد الجواد، أحمد رأفت. (لاتا). مبادئ علم الاجتماع. مكتبة نهضة الشرق: جامعة القاهرة.
فؤاد منصور، عايدة. (2009م). العوامل المؤثرة في الانفصال العاطفي بين الزوجين والآثار المترتبة عليه من وجهة نظر عينة من الزوجات في الأردن. أطروحة دكتوراه. المشرف أحمد الصمادي. كلية الدراسات التربوية العليا. جامعة عمّان العربية للدراسات العليا.
فيض الله، محمد فوزي. (1986م). الطلاق ومذاهبه في الشريعة والقانون. الكويت: مكتبة المنار الإسلامية.
النهدي، إشراق. (2019م). أمواج ريسوت (قصص). عَمّان: الآن ناشرون وموزعون.
ياسين، بو علي. (لاتا). أزمة المرأة في المجتمع الذكوري العربي. اللاذقية: دار الحوار للنشر والتوزيع.
المقالات العلمية
أبو الخير، أميمة. (2021م). «المشكلات الاجتماعية التي تعاني منها المرأة العربية: دراسة حالة على عينة من طالبات جامعة الشارقة». مجلة جامعة الشارقة للعلوم الإنسانية والاجتماعية. العدد 1. المجلد 18. صص 1 – 36
بلبكّاي، جمال ودنيا فراحته. (2021م). «الضغوط النفسية وسيكولوجية الحمل والولادة». مجلة القبس للدراسات النفسية والاجتماعية. العدد 12. صص 29 – 41
الزهراني، معجب سعيد. (2004م). «أشكال التفاعل بين الخطاب النسوي والخطاب الشعري». عالم الكتب. المجلد 25. العدد 6. صص 476 – 501
يوسف، الأطرش. (لاتا). «التحليل السوسيو-سيميائي للخطاب الروائي». الجزائر. جامعة سطيف. كلية الآداب واللغات. الملتقى الثالث (السيمياء والنص الأدبي).
تحلیل گفتمان فمینیستی در مجموعه داستان کوتاه امواج ریسوت اثر اشراق النهدی در پرتو نشانه شناسی اجتماعی
أحمد جابري (دانشجوی دکترای زبان و ادبیات عربی، دانشگاه خليج فارس، بوشهر - ايران)
mr.ahmad.jaberi1366@gmail.com
رسول بلاوي (استاد گروه زبان و ادبیات عربی، دانشگاه خليج فارس، بوشهر - ايران)
r.ballawy@pgu.ac.ir
ناصر زارع (دانشيار گروه زبان و ادبیات عربی، دانشگاه خليج فارس، بوشهر - ايران)
nzare@pgu.ac.ir
چکیده
جنبش فمینیستی به عنوان یک رویکرد اجتماعی، در پی تحقق حقوق ربوده شده و تضییع شده زنان در برابر سلطه و قیمومیت مردانه است که ویژگی های آن در تمام جزئیات زندگی یک زن مشهود است. گفتمان فمینیستی در ادبیات با بسیاری از گفتمان های علمی و انسانی مرتبط بوده و جهت دستیابی به اهداف خود دریچه ای رو به سوی سایر گفتمانها گشوده است. اشراق النهدی یکی از داستان نویسان زن برجسته در صحنه ادبی عمان در عصر حاضر به شمار میآید. از مهم ترین جلوههای فمینیسم که در این پژوهش سعی کردیم با مطالعه نشانهشناسی اجتماعی و با رویکرد توصیفی تحلیلی به بررسی آنها بپردازیم، می توان به: گفتمان غالب مردانه، رنج زنان، موضعگیری موازی زن با مرد، و مثالهایی از تجربههای زنانه مانند بارداری، فرزندآوری، طلاق و روابط زن با زنان دیگر، اشاره کرد.
کلیدواژه: گفتمان فمینیستی، نشانه شناسی اجتماعی، ادبیات عمان، اشراق النهدی، امواج ریسوت، گفتمان مردسالارانه، زن.
An analysis of the feminist discourse in Amwaj Risout's collection of short stories by Ishraq al-Nahdi in the light of social semiotics
Ahmad Jaberi (Ph.D. student, Arabic language and literature, Persian Gulf University, Bushehr - Iran)
mr.ahmad.jaberi1366@gmail.com
Rasoul Balavi (Professor, department of Arabic language and literature, Persian Gulf University, Bushehr - Iran)
r.ballawy@pgu.ac.ir
Naser zare (Associate professor, department of Arabic language and literature, Persian Gulf University, Bushehr - Iran)
nzare@pgu.ac.ir
Abstract
The feminist movement, as a social orientation, aims to demand the right of women that has been stolen and wasted in the face of male domination and guardianship, whose features are evident in all the details of a woman's life. Feminist discourse in literature opened up to all scientific and human discourses in order to find an outlet for itself to achieve its goals and reach its goal. Ishraq al-Nahdi is considered one of the prominent female story writers in the Omani literary scene in the present era. Among the most important manifestations of feminism that we tried to expose in this study by reading socio-semiotics and according to the descriptive analytical approach, we can refer to: the dominant masculine discourse, the suffering of women represented by the oppressed woman, taking a position parallel to the man represented by the struggling woman, and the details of the female experience such as pregnancy, childbearing, divorce, and women's relations with other women.
Keywords: feminist discourse, social semiotics, Omani literature, Ishraq al-Nahdi, Risout waves, patriarchal discourse, woman.
[1] - اللوبياء