The Polyphonic Narration in the novel 'dafāter al-Warrāq' (Notebooks of the Bookseller) by Jalal Barjas in the light of the theory of 'Mikhail Bakhtin'
The Polyphonic Narration in the novel 'dafāter al-Warrāq' (Notebooks of the Bookseller) by Jalal Barjas in the light of the theory of 'Mikhail Bakhtin'
Subject Areas : Literary criticism
Majid Salehbek 1 * , Maedeh Zohriarab 2
1 - Associate Professor, Department of Arabic Language and Literature, Allameh Tabataba'i University, Tehran, Iran
2 - PhD Student in Aarabic Language and Literature, Allameh Tabatabae'i University, Tehran, Iran
Keywords: Mikhail Bakhtin, 'dafāter al-warrāq' (Notebooks of the Bookseller), Jalal Barjas, Polyphonic Narration,
Abstract :
The polyphonic novel is a novel in which we find the disappearance of the narrator in favor of the characters who undertake the process of narration and discourse by themselves and freely express themselves, their thoughts, and their own experiences, and this is what the critics named the polyphonic narration. We encounter the polyphonic narration in the novels of modern and postmodern literature as a departure from the traditional novel and its characterization by polyphony at different levels. Polyphony and poly-lingual are the most important concepts that Mickhail Bakhtin, the Russian theorist, was looking for. There is no doubt that the polyphonic narrative text is a new type of literary text and has a paramount importance in forming different languages and voices with different cultural and social affiliations and in changing a novel to a play in which the fictional characters interact. Accordingly, this research aims to study the polyphonic narration in the novel 'dafāter al-warrāq' (Notebooks of the Bookseller) by Jalal Barjas, the Jordanian novelist, in the light of Mikhail Bakhtin's theory. While the novel has polyphony feature, the research tries to depict its polyphonic basis through adaptation of polyphony in the text of the novel. Since the topic deserves to explore deeply and focus on its different aspects, this research tries to deals deeper with the polyphony feature of this novel. The approach of the research is that the text of the fictional text of Jalal Barjas includes multiplicity in personalities, consciousness patterns, ideologies, and others things that are among the components of the polyphonic narrative.
آنسته، رضا، قهرمانی مقبل، علی أصغر، بلاوي، رسول و زارع، ناصر. (2019م). «مرایا البولیفونیة في روایة الزمن الموحش علی ضوء نظریة باختین السردیة». مجلة الأدب العربي. السنة الحادیة عشرة. العدد 1. صص 70-49
باختین، میخائیل. (1987م). الخطاب الروائي. ترجمه: محمد برادة. ط1. القاهرة: دارالفکر للدراسات و النشر و التوزیع.
________. (1986م). شعریة دویستفسکي. ترجمه: جمیل نصیف الترکیتی. ط1. المغرب: دارتوبقال، الدار البیضاء.
برجس، جلال. دفاتر الورّاق. t.me/qurssan
بلخیر، لیلی. (لاتا). «المبدأ اللساني وتحلیل الخطاب الروائي، دراسة في أسلوبیة الروایة عند میخائیل باختین». جامعة تبسة.
الجاحضة، وردیة.) 2015- 2016م). شعریة البولیفونیة: قراءة في روایة إرهابیس لعزالدین میهوبي. الجمهوریة الجزائریة: جامعة محمد لمین دبّاغین.
الحسیب، عبدالمجید. (2014م). الروایة العربیة الجدیدة وإشکالیة اللغة. الأردن: عالم الکتب الحدیث.
حمداوي، جمیل. النظریة الشکلانیة في الأدب والنقد والفن. شبکة الألوکة، www.alukah.net
حمداوي، جمیل. الروایة البولیفونیة أو الروایة المتعددة الأصوات. alukah.net
درّاج، فیصل. (2002م). نظریة الروایة والروایة العربیة. ط1. المغرب: الدار البیضاء. المرکز الثقافي العربي.
رافع، نسیبة. (2016- 2017م). الحواریة في الخطاب الروائي "أصابع لولیتا" لواسیني الأعرج، أنموذجًا. الجمهوریة الجزائریة: جامعة امحمّد بوقرة.
زیتوني، لطیف. (2002م). معجم مصطلحات نقد الروایة. مکان: دارالنشر، مکتبة لبنان ناشرون، دارالنهار للنشر.
عبدالرزاق أحمد، هدیل. (2016م). تعدد الأصوات في الروایة العراقیة، دراسة نقدیة في مستویات وجهة النظر. ط1. عمان: دار غیداء للنشر والتوزیع.
علیرضا، کاهه، خلیل، پرویني و کبری، روشنفکر. (1436ه). «تعدد الأصوات في روایة الزیني برکات لجمال الغیطاني». مجلة اللغة العربیة وآدابها. السنة 10. العدد 4. صص 621-603
مسند ارشید القبیلات، نزار. (2010م). تعدد الأصوات في الروایة الأردنیة. الجامعة الأردنیة: کلیة الدراسات العلیا.
مولاي محمد، بامحمد محمود. (2019م). تعدد الأصوات في روایة "کاماراد" للصدیق حاج أحمد. الجمهوریة الجزائریة: جامعة أحمد درایة.
_||_
الملامح الأنثویة في الخطاب الشعري لسنیة صالح وفروغ فرخزاد
عبدالأحد غیبی (الکاتب المسؤول)
أستاذ في قسم اللّغة العربیّة وآدابها بجامعة الشّهید مدني بأذربیجان، تبریز، ایران
مهین حاجي زاده
أستاذة في قسم اللّغة العربیّة وآدابها بجامعة الشّهید مدني بأذربیجان، تبریز، ایران
کلاویژ شیخي
طالبة الدّکتوراه في قسم اللغة العربیة وآدابها، بجامعة الشّهید مدني بأذربیجان، تبریز، ایران
تاریخ الاستلام: 21/07/1444ق تاریخ القبول: 27/03/1445ق
الملخص
في العصر الراهن، أحد المجالات التي تم بحثها في مجال علم اللغة هو دراسة اللغة الأنثویة. مع التوسع في فروع علم اللغة والدراسات التي أجریت في مجال المرأة، قد استنتج علماء اللغة أن هناك اختلافات جوهریة بین لغة المرأة ولغة الرجل، وقد أدی هذه الاختلافات في اللغة إلی اختلافات في الکتابة. یعتقد اللغویون أن لدی النساء وجهات نظر مختلفة تجاه العالم بسبب معنویاتهن المختلفة ومزاجهن الممتاز؛ لهذا فإن استخدامهن اللغة وأسلوب کتابتهن مختلفان عن الرجال. تسعی هذه الدراسة البحث عن اللغة الأنثویة لکل من سنیة صالح و فروغ فرخزاد والحصول علی ملامحهما ورؤیتهما الأنثویة في الخطاب الشعري معتمدة علی المنهج الوصفي التحلیلي. تدل النتائج علی أن الشاعرتین قد وظّفتا في أشعارهما السمات الأنثویة توظیفاً باهراً. في مستوی الکمات، استخدمت کلتا الشاعرتین مجموعة واسعة من الألوان والکلمات الأمومیة والترکیبات العاطفیة وما إلی ذلك تعبیرا عن نوایاهما بسبب سماتهما الشخصیة الخاصة. وفي المستوی النحوي فتنتمي الشاعرتان أکثر إلی استخدام الجمل الاستفهامیة والجمل المحذوفة والمقطعة وکذلك استخدام الجمل التعجبیة والندائیة وما إلی ذلك.
الکلمات الدلیلیة: الخطاب الشعري، الملامح الأنثوية، سنیة صالح، فروغ فرخزاد.
المقدمة
تأتي المرأة إلی اللغة بعد أن سیطر الرجل علی کل الإمکانیات اللغویة وقرر ما هو حقیقي وما هو مجازي في الخطاب التعبیري. لم تکن المرأة في هذا التکوین سوی مجاز رمزي أو خیال ذهني یکتبه الرجل وینسجه حسب دواعیه البیانیة والحیاتیة. إن توظیف المرأة للکتابة وممارستها للخطاب المکتوب بعد عمر مدید من الحکي والاقتصار علی متعة الحکي وحدها، یعني أننا أمام نقلة نوعیة في مسألة الإفصاح عن الأنثی، إذ لم یعد الرجل هو المتکلم عنها والمفصح عن حقیقتها وصفاتها- کما فعل علی مدی قرون متوالیة- ولکن المرأة صارت تتکلم وتفصح وتشتهر عن إفصاحها هذا بواسطة (القلم)؛ هذا القلم الذي ظل مذکراً وظل أداة ذکوریة. (الغذامي، 2006م: 7-8) ومع عولمة الحرکة النسویة وإنشاء برلمانات ومؤسسات مختلفة، أصبحت القضایا المتعلقة بالمرأة محط الاهتمام. الحرکة النسائیة، بدأت بهدف تغییر وضع المرأة. وقد أثرت هذه التطورات علی تفکیر المرأة وأدت إلی ظهور شاعرات وکاتبات سعین إلی التعرف علی هویاتهن الأنثویة. لهذا السبب في العصر الحالي، بسبب موقف النساء وحضورهن الباهر في المجتمع وظهور التیارات النسویة، ظهر شعر الأنثویة. تتمکن النساء أن تتألقن في مجال اللغة والأدب رغم القیود السیاسیة والاجتماعیة وامتلاکهن معاییر خاصة للتعبیر عن المشاعر العقلیة واللغویة. «حیث اتخذت المرأة من الکتابة منبراً لإعلاء صوتها والتندید بکل أشکال العنف الممارس علیها فوردت کتابتها تعبر عن قلقها الدائم. فمصطلح (الأدب النسوي) کان بمثابة اعتراف بوجود المرأة وفاعلیتها في المجتمع.» (رضا، 2016م: 7) فلذلک المرأة في کتاباتها تلمح وتعبر عن الوقائع والظروف التي تعیشها بکل تفاصیل وبهذه الطریق أیضاً تعبر عن رغابتها وهواجسها.
من أهم الموضوعات في مجال لغویات المرأة، مقولة اللغة والجنس، أو بعبارة أخری، اللسانیات الجنسانیة التي تدرس تأثیر المتغیرات الجنسانیة في خلق التنوع اللغوي. من وجهة نظر لغویة، فإنّ معالجة المتغیر الجنساني في اللغة مبررة وضرورية، لأنّها تمکن اللغویات من وصف اللغة بدقة. في تبریر الفروق بین الرجل والمرأة یؤمن بعض العلماء بالاختلافات الاجتماعیة ویقال في هذا الصدد: «بما أن لکل من الجنسین أکثر نشاطاً من الآخر في بعض مجالات الاجتماعیة، فإنّ المصطلحات المتعلقة بهذا المجال تعتبر ذکوریة أو أنثویة.» (مدرسي، 1387ش: 17) لهذا السبب للنساء معاییر ولغتهن الخاصة للتعبیر عن القضایا المتعلقة بهن. «تمیل النساء اکثر إلی أشکال اللغة المهذبة وهذا المیل أقلّ شیوعاً عند الرجال، ربّما یعني هذا أن المرأة هي ثقافة فرعیة وأقلیة في مجال الثقافة الرسمیة، مما یجعل الثاني یتجنّب أولاً کسر التقالید في الکلام القیاسي وثانیاً الاکتفاء بوصف الأشیاء وعدم التعبیر عن العلاقات ضدّها، ومع ذلك فإنّ الطبقة الاجتماعیة العالیة من النساء وخاصة في مجال الکتابة، مازالت ملتزمة بهذا الموقف ولایزال السلوك المعیاري والوصفي نفسه موجوداً في کتابة النساء. ولکن الرجال خاصة عند إلقاء الخطاب أو کتابة النصوص بأسلوب مغایر لمعیار الکلام، یمیلون أکثر إلی شرح وتبیین علة التحدّث بالأشیاء.» (محمدي أصل، 1388ش: 77)
توظف النساء أشکالاً أفضل وأکثر دقة للغة مقارنة بالذکور؛ لأنهن أکثر حساسیة في الاهتمام بالمتغیرات اللغویة المتعلقة بطبقتهن الاجتماعیة. (ترادگیل، 1981م: 115- 117) عندما ترید المرأة أن تفهم العالم من حولها، وفي الوقت نفسه یتحول النص الإبداعي إلی ذات أنثویة مقابلة لذاتها، تعکس حقیقة الذات والکون. فتقول "سوزان جوبار": «إن شعور المرأة بأنها هي النص یعني أن المسافة قریبة جداً بین حیاتها وفنها.» (رمضان، 1990م: 135) لهذا السبب، تربط المرأة بین عالمها ونصها المکتوب. «یستند تحدید مفهوم النص النسوي علی علاقته مع الأنثوي في أشکالها وتجلیاتها المختلفة ودلالات وجودیة للمرأة علی أن یکون هناک تمثیل وتحویل لکل هذا إلی علاقات نصیّة، تجعل ذلک النص یمتلک لعلاماته ورؤیته وأشکال مقارباته النصیة/الجمالیة والفکریة والتعبیریة لرؤیة المرأة الی ذاتها ووجودها، وإلی العالم المحیط بها وعلاقتها معه.» (نجم، 2005م: 90)
یری النقد النسوي فیما یتعلّق بأدب المرأة أن أدب المرأة یختلف عن أدب الرجال من حیث السمات اللغویة وأسلوب التعبیر والکتابة وطرق الارتباط بین العناصر الکلامية وکیفیة استخدام الصناعات الأدبیة؛ مثل الاستعارة والتشبیه والصور الخیالیة. (دواجي، 1397ه: 13) للأدب النسائي سمات وملامح خصوصیة، لهذا السبب یتطرق هذا البحث إلی دراسة الملامح والرؤیة الأنثویة في الخطاب الشعري عند الشاعرتین الإیرانیة والسوریة فروغ فرخزاد وسنیة صالح.
أسئلة البحث
1. ما هي النقاط المشترکة في الخطاب الشعري لسنیة صالح وفروغ فرخزاد؟
2. ما هي طبیعة اللغة في شعر هاتین الشاعرتین؟
فرضیات البحث
1. إن هناك قواسم مشترکة کثیرة في الخطاب الشعري للشاعرتین في استخدام المتغیرات اللغویة والنحویة والتعابیر النسائیة.
2. طبیعة اللغة عندهما کطبیعة اللغة عند النساء الأخریات تختلف تماما عن طبیعة اللغة عند الرجال في اختیار الکلمات واستخدام الجمل وخلق المفاهیم والتصاویر.
خلفیة البحث
بناءً علی البحث في مختلف المواقع والمجلات، تم الحصول علی أن هناك دراسات ترتبط بموضوع المقالة. فمنها: فروزان کمالي آمنه والآخرون (2022م) في المقالة المعنونة بـ"دینامیة الوظیفیة التعبیریة في أشعار سنیة صالح وطاهرة صفارزادة" یحاولون أن یعالجوا قصائد هاتین الشاعرتین من خلال الترکیز علی الوظیفة التعبیریة ویعتمدون في دراستهم هذه علی المدرسة الأمریکیة في الأدب المقارن. بروانه شمس الدین (1395ش) في رسالة الماجستیر تحت عنوان "شعر سنیة صالح (معرفي وتحلیل المحتوي)" تعالج محتوی قصائد سنیة صالح مثل الطبیعة والحب وقصائد المقاومة. لطیفة إبراهیم برهم (2010م) في مقالة بعنوان "سنیة صالح: موقع الشعر ودلالة الاختلاف" تتخذ من شعر سنية صالح لتحدّد موقع الشعر ودلالة الاختلاف التي لا تتأتى من خروج التجربة الشعرية للشاعرة مع حركة الحداثة الشعرية العربية على نظرية عمود الشعر العربي، بل تتأتى من خروجها على قيم الحداثة الشعرية العربية نفسها خروجاً عبر محورين هما: المغايرة والاختلاف، وتخطي الخطاب الإيديولوجي، وهما محوران يجسّدان الصوت الشعري الخاص لسنیة صالح. محمود حیدري (1435ق) في مقالة "الرؤیة الأنثویة في الخطاب الشعري؛ دراسة مقارنة بین فدوی طوقان وفروغ فرخزاد" یتناول الخطاب الشعري الأنثوي بین الشاعرتین الفلسطینیة والإیرانیة. وقد بین البحث أن الشاعرتین لم تکونا أسیرتین للتقلید في محاکاة العالم المحیط بهما وتستمدّان مادّتهما من رؤیتهما الأنثویة تجاه الحیاة. میرجلال الدین کزازي (1389ش) في المقالة المعنونة بـ"زمان أساطیري در شعر فروغ فرخزاد و غادة السمان" یرمي إلی دراسة مفهوم الزمن من منظور الشاعرتین. ومما توصل إلیه عبر هذا البحث، أنّ للشاعرتین فرخزاد والسّمّان فهم مشترک في مسألة الزمن في کثیر من الآراء التي عبرتا عنها في غضون شعرهما. سعیده سادات موسوي (1435ق) في مقالة "المرأة بین فروغ فرخزاد وغادة السمان" تحاول الترکیز علی توجیه الشاعرتین بالمرأة وحواجزها التي تسدّها عن الوصول إلی مطلوباتها وتطویرها، وتستنبط آراء الشاعرتین حول المرأة. وکذلک بالنسبة لموضوع الخطاب النسوي یمکن الإشارة إلی حمدي عبدالراضي علي (2019م) في مقالته المعنونة بـ"شعریة الخطاب النسوي في الشعر التاجیکي المعاصر مقاربة نقدیة" یهدف إلی الکشف عن عناصر هامة تنفذ إلی مفهوم المقاربة النقدیة لطبیعة الشعر النسوي في تاجیکستان، وتحلیل شعریة هذا الخطاب النسوي وتفسیره فنیاً وموضوعیاً. وفهد مرسي لبقمي (2014م) في مقالة "الأدب الأنسوي المعاصر: فدوی طوقان أنموذجاً" یسعی إلی بیان آراء النقد حول الأدب النسوي التي جاءت في جانبین: جانب یتمثل في الکشف عن الآراء التي دارت حول ما یعرف بالأدب النسوي والجانب الثاني یکشف عن کیفیة نظرة النقاد إلی أدب فدوی بوصفها نموذجاً للأدب النسوي العربي المعاصر.
سنیة صالح وحیاتها الممزوجة بالشعر
ولدت سنیة، بنت خلیل صالح، في بلدة مصیاف بسوریة یوم 14 نیسان/ أبریل 1935م وتوفیت بدمشق في 17 آب 1985م کانت البنت الثالثة في الأسرة. وهي تقول في ذاکراتها، «ولدت لأبوین عائدین من دفن ابنهما البکر الوحید» وتکون بها التعبیر قد ربطت ولادتها بخیبة وفقدان. (سنیة، 2008م: 6) الظروف الصعبة والمصاعب التي واجهها الشاعرة منذ نشأتها جعلتها اتسمت بالخفر والصمت وهي آثرت الانکفاء داخل نفسها والأکتفاء بالشعر علاجا وحیداً لشعورها الممض بالوحدة. سنیة صالح، في مسیرتها الشعریة التقت بمحمد الماغوط. بدأ الأمر من إعجاب شعري وهذا الإعجاب والرابط الشعري تغلب في النهایة. التقیا في دمشق عام 1963م وکلاهما یحمل حنیناً واحداً إلی الزمن اللبناني حیث تأسس کشاعر. اضطرت سنیة بعد أن التقِی بمحمد الماغوط و بدا الإعجاب الشعرِي بینهما أن تعود إلی "معرّة مصرین"، بسبب حوادث لبنان 1958م ولم تلبث أن اضطرت للعمل في حلب کي تساعد الأهل بسبب من إحالة والدها إلی التقاعد المبکر مع أسرة کبیرة وخریف 1962م انتسبت إلی جامعة دمشق، قسم الأدب الإنجلیزي وفي تلک الفترة التقت بحمد ماغوط وارتبط الشاعران بحب فیه من العنف بقدر ما فیه من العنان. کتب لها قبل الزواج وبعده رسائل مدهشة في تعبیرها عن الحب، وکانت تعني لها الکثیر، هي التي کانت الکلمة الحارة نقطة ضعفها وحصاد حیاتها. (سنیة، 2008م: 7) کان لقاؤهما في وضع سیاسي صعب.لم تکن هي مضطهدة بشکل مباشر. ولکنها لم تکن تُری إلا کأخت لمغضوب علیها وکان هو مبعدا! من لبنان بعد حوادث 1958م ومغضوباً علیه بسبب مقالاته الساخرة في جریدة سوریة هکذا عاشت جواً کابوسیاً مشترکاً. (المصدر نفسه: 8) کتب الماغوط صورة عنه في روایته "الأرجوحة" وکما یظهر في الروایة، اضطر إلی التخفّي ولازم غرفة صغیرة أشهراً طویلة. فکانت سنیة صلته الوحیدة بالعالم و تتخفی وتموّه الطرق حتی تآتیه وتحمل له الطعام والسجائر وسائر الحاجات. (ماغوط، 2007م: 9)
کانت قراءة أشعارها دفعة واحدة معایشة لأمّ، وزوجة وحبیبة وإمراة منسحقة في عالم من هذا النوع، وأوطان من هذا النوع... ولکن، وهو الأهم، لإمرأة قادرة علی أن تری وتسبر أغوار الدنیا والناس، وأغوارها هي. تشعر وأنت تقرأها کم کان بأمکان امراة من هذا النوع أن تعیش سعیدة لو أنها مستکینة في داخلها، لو أنها لم تکن "تری". فحتی غضبها یرشح رقة. وهي تؤنب هذا العالم الشنیع، بمرارة وخیبة وکأنّها تربّي ابناً خان الحلیب. (إسماعیل، 1996م: 3) مع هذا کله لا نستطیع أو نحصر الألم في شعر سنیة صالح ببعده المباشر. ولا مناسبة هنا لمشاعر الشفقة التي یثیرها هذا المستوی من الألم، وهو ألم لم یتمثل في شعرها إلا في أفق إنساني شاسع. الألم الذي تجلی في مجموعتها الأخیرة "ذکر الورد" التي کتبت جمیعها أثناء المرض، کانت تکتب في کل الحالات، حتی مع العلاج الکیمیائي؛ علماً بأنها قد اسقطت قصائد عدیدة مما کتبت. (سنیة، 2008م: 10) "سنیة صالح" من الجیل الثاني من شعراء قصیدة النثر؛ الجیل الذي ظُلِمَ في الخطاب النقدي العربي الحدیث مرتین: مرة عبر الإصرار علی أنه الجیل الثاني المتأثر حکماً بمن سبقه تأثراً یوقفه دون مرتبة الجیل الأول قطعاً، ومرة ثانیة حین وافقت رؤیة أغلبیة قصائده رؤیة روّاد الحداثة الشعریة العربیة الحدیثة، وهو ظلم طال الشاعرة "سنیة" مع أنها لم تنحدر من سلالة شعریة، أو تیار شعري مقنّن، بل خرجت علی نسق الحداثة الشعریة العربیة نفسه، الذي تنتمي إلیه. (برهم، 2010م: 1)
فروغ فرخزاد وحیاتها الشعریة
ولدت (فروغ الزمان فرخزاد) في الخامس من ینایر في عام 1934م في طهران، من الأب (العقید محمد فرخزاد) والأم (توران وزیريتبار). فروغ الابنة الرابعة في التسلسل العائلي. عام 1935م التحقت فروغ إلى المدرسة الابتدائیة و في عام 1948م دخلت الثانویة ثم معهد الفنون وتعلمت الرسم تحت أیادي أساتذة (کمرتضی کاتو زیان وعلي أصغر بتکر) کما تعلمت فنّ الخیاطة والتصمیم لکن سرعان ما ترکت هذه الأعمال بعد زواجها من (برویز شابور) في ذات العام وبرویز کان یسکن خلف بیتها وهو حفید خالة أمها، یعمل رسّام کاریکاتیر وکان یکبرها بخمسة عشر عاماً، تعلقا ببعض وتزوّجا رغم المشاکل ومعارضة العائلتین، وبعد فترة- لضرورة عمل زوجها- سافرت معه إلی محافظة (أهواز) الواقعة جنوب إیران وبعد تسعة أشهر ولدت طفلها الوحید (کامیار). (فرخزاد، 2017م: 11-12) انفصلت فروغ عن زوجها بعد ثلاث سنوات من الحیاة المشترکة في عام 1953م وعادت إلی منزل أبیها، ثم ترکته لتعیش حیاة حرة کما کانت تطمح دائماً؛ فقد کانت تشعر أن بیت الزوجیة یشکل بالنسبة لها سجناً یحول بینها وبین الحریة التي تصبو إلیها. (فرخزاد، 2010م: 13)
نشرت الشاعرة فروغ أول مجموعة أشعار لها بعنوان "أسیر" (الأسیرة)، وهي في سن السابعة عشرة، وبعد ذلک بعام نشرت مجموعة أشعارها الثانیة بعنوان "دیوار" (الجدار)، وقد أثار هذا الدیوان ضجة في الأوساط الأدبیة الإیرانیة بسبب أولی قصائده وهي بعنوان "گناه"، (الاثم أو الذنب)، حیث تحدثت فیها عن ارتکابها لإثم مليء باللذة، مما أثار علیها الکثیرون، وجعلهم یوجهون إلیها الاتهامات لأنها عبّرت عن مشاعرها المرأة وأحاسیسها بشکل صریح وبجرأة غیر مسبوقة، وانتشر الهمس واللغط حولها. وقد عبرت الشاعرة عن ذلک بشکل جید عندما قالت في إحدی قصائدها، وهي بعنوان "رمیده" (الخائفة- أو الفزعة) من دیوان "الأسیرة" (المصدر نفسه: 14). وأخیراً صدرت المجموعة الثالثة (عصیان). کانت الشاعرة باسم "الأنا الذاتیة" في هذه المجموعات وشعرها تعبیر عن أحاسیس امرأة ترید أن تقف منفردة أمام التقالید والسلطة الرجولیة وترسم لنا صورة وقحة من الرجل. إن فروغ نفسها تنتقد هذه المجموعات وتعتبرها غیر شاعریة؛ لأن روح الشعر ما تسرّبت في وجود الشاعرة علی حد قولها. (زرقاني، 1383ش: 415) أمّا المجموعتان الأخیرتان من شعرها، فغیرتا خطة شعرها کثیراً وهما "تولدي دیگر" (میلاد آخر) کما هو واضح من عنوانها و"ایمان بیاوریم به آغاز فصل سرد" أي (فلنؤمن ببدایة فصل البرد) وقد یعتبر بعض النقاد "المیلاد الآخر" حادثة لا تنسی في تاریخ الشعر الفارسي المعاصر وکان هذا الکتاب أحبّ الکتب بالنسبة للشاعرة. (جلالي، 1375ش: 564)
القواسم المشترکة بین الشاعرتین
هناك قواسم مشترکة کثیرة في حیاة سنیة صالح وفروغ فرخزاد؛ کلتا الشاعرتین یعانی من الحرمان والنقص العاطفي في الحیاة الأسریة؛ هي سنیة صالح کانت بسبب حرمانها في طفولیتها لم تتعلم النطق إلا متأخراً کما تقول خالدة سعید عن سببها: «لم تکد سنیة تکمل الثالثة من عمرها حتی أصیبت أمُّنا بالتهاب شدید امتدّ إلی أذنیها وفقد علی أثره السمع. کانت أمنا تتألم وتقول إنها لا تعرف کلام سنیة. وحالة الأم هذه لم تشجع سنیة علی الکلام، حتی أنني أنا نفسي لا أکاد أذکر من کلامها في تلک السنوات الأولی إلا ما یعبر عن حاجة. وضع الأم الصحي والزوجي دخل في التطورات وتعقیدات عائلیة أوصلت الأمور إلی الطلاق. وما تلا من الوقائع، وموت أمّنا بعد ذلک. وظلت سنیة قلیلة الکلام شدیدة الحیاء خلال بضع سنوات.» (سنیة، 2008م: 6) وأما فروغ فحرمت من نعمة التعلیم للعصبیات العائلیة. وواجهت مثل سنیة صالح المعاناة الکثیرة والحرمان العاطفي والتعلیم والتعلم منذ ولادتها التي انعکست في أشعارها کما تقول نفسها: «کنت متشردة الفکر، لم تکن لي تربیة علی المنهج السلیم. کنت أقرأ مواضیع متفرقة وأعیش منقطعة.» (جلالي، 1375ش: 562) في الواقع، یجب اعتبار شعر فروغ سیرته الذاتیة. الوحدة، الحزن والشعور بالفشل في الحیاة، شوقا لمرور الطفولة والمراهقة، الصراع ضد بعض التقالید الموروثة والتمرد والعصیان علی الذکوریة تعتبر من أهم موضوعاتها الشعریة. (ناظمیان، 1389ش: 208) بالإضافة إلی کل الآلام التي واجهتها سنیة في حیاتها أضیف السرطان إلی آلامه الأخری وانتهت هذه الحیاة الغریبة بمرض السرطان ولم تکن سنیة تملک لا هي ولا أي فرد من أسرتها أو أسر إخوتها وسائل العلاج.
الإطار النظري للبحث
منذ الستینات رکز الدارسون علی علاقة اللغة بالمجتمع وظهر علم جدید یسمی علم اللغة الاجتماعي الذي اهتم باختلاف الجنس وتنوعات اللغة بوجه عام في سلوک اللغة للأفراد، وأدخل في دراسة اللغة عوامل متنوعة مثل العرق والجنس والطبقة الاجتماعیة والمکانة أو المرکز الاجتماعیة والمرکز الاقتصادية و... . وتلا ذلک الظهور فریق من الدارسین رکز علی التنوع اللغوي ذي العلاقة بجنس المتکلم، ویصف الاختلافات الموجودة في کلام الرجل والنساء ویردّ هذه الاختلافات إلی الدور الاجتماعي المنوط بکل الرجال والنساء في المجتمعات الحدیثة. (مختار عمر، 1996م: 33) یعتقد البرهومة علی أنه «یتباین السلوک اللغوي للجنسین تبعاً للأثر الاجتماعي الممارس علی الجنسین، فالمجتمعات التي تضرب حُجُبَها علی الأنثی یزداد فیها التباین بین لغة الأنثی ولغة الذکر فیصبح للأنثی ألفاظها وموضوعاتها، واستعمالها اللغوي الذي یمیزها عن لغة الذکر.» (برهومة، 2002م: 40)
إن من أهم النظریات التي قامت بشرح الأسلوب الأنثوي بصورة منهجیة وأطر منظمة هي نظریة روبن لاکوف (الألسنیة الاجتماعیة الأمریکیة وأستاذًة في جامعة کالیفورنیا). تسمی هذه النظریة بالاسم المختصر ( .(DSLتعتقد لاکوف أنه علی قدر ما یحاول المتحدث الأدیب أن یتکلم وفق التعاییر اللغویة لدی الجنس الآخر إلا أنه یبرز معالم نوع جنسه ولغته بصورة واضحة ولکن إدراک هذه الخصائص من الوهلة الأولی ربما یکون صعباً. (Lakoff, 2012: 22) وقد وضعت لاکوف مبادیء نظرتها علی أساس ثنائیة اللغة والجنس ولاحظت وجود اختلاف بین الرجال والنساء في استخدام الألفاظ والتعبیرات. مما سمح لها أن تطلق علی بعضها أنه من ألفاظ الرجال، أو من ألفاظ النساء. ومن مجموع ما تناولت إلیه لاکوف عن خصائص المفردات والتعبیرات في لغة المرأة هي اللغات الدالة علی الأوان والزینة والدیکور. (Lakoff,1973: 53) في رأيها أن المرأة في کل مجتمع لغوي لها مصطلحاتها ونزعتها الخاصة في توظیف الأنماط والمیزات النحویة والصوتیة والتي یمکن فهمها عن طریق نبرة الصوت، واختیار الکلمات والتراکیب النحویة والنطق وأسلوب السؤال والجواب للمتکلم. (مدرسي، 1387ش: 209)
الملامح الأنثویة في المفردات والکلمات
تعتبر الکلمات دائماً مکاناً لظهور الثقافة والفکر، وتظهر دراستها حقائق قیمة في التحلیل اللغوي والاجتماعي. بعض الکلمات علی الرغم من عدم وجود جنس صریح فیه، لها دلالة جنسیة واضحة، مثل: "الحیاء" و"الصمت" و... أکثرها یحتوي علی الهواجس الأنثویة وأقل شیوعا عند الرجال. ومثل هذا التطبیق یمکن أن یخلق انطباعاً لدی متحدث اللغة بأن العفة صفة ممیزة للمرأة وأن الرجال لا یحتاجونها. في الواقع أن المفردات وبناء الکلمات تعتبر من أکثر المستویات الملموسة في أي لغة. من بین سمات المفردات التي یعتقد اللغویون أن النساء یستخدمها بشکل مختلف عن الرجال في أحادیثهن وکتاباتهن، یمکن ذکر ما یلي:
الألفاظ الدالة علی الألوان
من الفروق بین حدیث الأنثی وکتابتها - وهو أمر بالغ الأهمیة- الاختلاف في لون الکلمات. وفقاً لما قال علماء اللغة في هذا المجال إن النساء یستخدمن جناحا واسعا من الألوان في حدیثهن وکتابتهن لأنهن أکثر تفصیلاً ودقة في وصف الألوان؛ لکن الرجال یستخدمون الألوان الأساسیة فقط. «تستخدم النساء کلمات أکثر لتسمیة وتمییز الظواهر الصغیرة بدقة، بحیث یکون لدیهن مفردات أکثر من الرجال، ویستخدمن مجموعة متنوعة من الکلمات لوصف المشاعر والجمال. تفاصیل المرأة في توظیف الألوان واضحة.» (فتوحي، 1390ش: 404- 405) ولتوضیح هذا الأمر یمکن دراسته في شعر هاتین الشاعرتین. یقول سنیة صالح في قصیدة "حبر الإعدام":
مع الصیف جاءت طیور ملونة وعذراء/ سیّرت المرکب/ خططت أحلام الشعراء/ وبمناقیرها الوردیة رسمت شریعة للحب وللغناء/ وأغرق الأطفال رؤسهم الذهبیة في صدورهم،/ کبجع البحیرات، بحثاً عن قلوبهم وأثدائهم الوردیة (صالح، 2008م: 85)
من منظور علم النفس، تربط الألوان ارتباطاً وثیقاً بمشاعر ونفسیة کل فرد. في علم النفس الحدیث «تعد الألوان أحد معاییر قیاس الشخصیة؛ لإن لها تأثیر خاص علی روح وجسد کل شخص وتعبر عن حالته العقلیة والجسدیة، فقد کان الإنسان تأثر من الألوان منذ العصور القدیمة.» (استوار، 1391ش: 18) تموج الحب والعاطفة بالطبیعة في قصائد سنیة صالح، وهي تستخدم الألوان التي لاحظتها في العالم من حولها لتنقل مشاعرها وانفعالاتها في صورة رسالة للمخاطب؛ کما تنعکس في قصائدها الألوان التي لاحظتها في الطبیعة، مما یظهر إحساسها بالأنوثة والتفاصیل في اختیار الألوان؛ یعتبر اللون من مجالات أحاسیسها في خلق التصویر. اللون الوردي هو لون أکثر تکرارا في قصائدها وهو رمز الدم والاستشهاد والانتفاضة علی الظلم.
وکذلك في شعر فروغ فرخزاد یحتل اللون مکانة خاصة، فالاهتمام بمعرفة الألوان وجنس الشاعرة یعطي فهماً صحیحاً من قصائدها ومشاعرها الداخلیة، فإن الألوان والرموز هي أهم العناصر في تشکیل قصائدها الأنوثیة.
أنت صدی صوتٍ قعرِ القبرِ/ عیناکَ تشبهانِ المروجَ الخضراءَ/ عین وقعتا في عینيَّ/ قبلَکَ.. لو کنتُ أحتفظُ بغیرِکَ/ ما کنتُ أحتفظ بغیرِك (فرخزاد، 2017م: 251-252)
قصائد فروغ هي انعکاس لحیاتها، وتوظیف مزیج من الألوان یظهر أنوثتها. في المجموعة الخمسة الأولی من قصائدها، غمر السواد الشاعرة، وکان هذا السواد رمزاً لمعاناتها في الحیاة؛ لکن في مجموعة "التمرد" مع "الولادة الأخری" تختفي ظلام حیاتها وتدخل الشاعرة فترة جدیدة من حیاتها وبالتدریج تصبح نفسیتها جاهزة للتصالح مع الألوان.
مرحباً أیَّتُها الأسماکُ/ مرحباً أیَّتُها الأسماکُ/ مرحباً أیَّتُها القرمزیّاتُ الخضرواتُ الذهبیّاتُ/ قُلنَ لي.. هل في تلک الغرفة البلوریّةِ/ کأنها بؤبؤّ عیونِ موتي باردة (المصدر نفسه: 283)
إن توظیف تنوع الألوان في شعر هاتین الشاعرتین هو العامل الأکثر أهمیة للتعبیر عن مفاهیمهما العقلیة والتعبیر عن حالتهما النفسانیة ونظرتهما إلی العالم. إن استخدام اللونین الأحمر والأخضر یدل علی الجنس الأنثوي في قصائد هاتین الشاعرتین، وهو أکثر رمزاً للحب والأمل في الحیاة، وله طاقة إیجابیة وارتباط عمیق بالمشاعر الأنثویة.
التراکیب الدالة علی الظن والشك
تکثر في لغة النساء التراکیب الشکلیة التي تشیر إلی أنواع الحدیث، والإمکانیات والاحتمالات والشک في الأحداث التي وقعت أو التي سوف تقع، فیستعملن کلمات مثل: أظن، یتهیأ لي، أتصوَّر، أتوقع، یمکن، یُحتَمل ...، وهنّ یستعملن هذه الکلمات کثیراً لإظهار الغموض وعدم الجزم. (برهومة، 2002م: 127) إن عدد النساء اللاتي یستخدمن التراکیب الشکلیة أکثر من عدد الرجال، لهذا السبب وصف البعض خطاب النساء بأنه متشکك بسبب استخدام التراکیب الشکیة لأن أسلوبهن أقل حزماً من الرجال. علی سبیل المثال، یمکن ذکر مایلي في قصائد سنیة صالح و فروغ فرخزاد.
سأصنع نفقاً من الحب وأفرّ/ علّني أسبق اللصوص والطغاة والقتلة/ الذین من بصاقهم حبر التاریخ المقدّس/ به تدوّن الأشواق الباردة والأفکار المیتة (سنیة، 2008م: 313-314)
السبب الذي یجعل النساء أن یستخدمن التراکیب الشکلیة هو عدم الیقین في الکلام وتدني الثقة بالنفس وأحیاناً مرافقة المخاطب. في هذه المقاطع، ترید الشاعرة أن تسخر من اللصوص ومضطهدي البلاد، لهذا تستخدم لغة ساخرة. ترید أن تصنع نفقا من الحب ثم تهرب، ریما تسبق من اللصوص والطغاة والقتلة؛ أولئك الذین بصاقهم هو جوهر التاریخ المقدس وبهذا البصاق کتبوا مشاعر باردة وأفکارا میتة، وملأوا التاریخ بأفعالهم السوداء وجرائمم. وتقول فروغ في قصیدة "بُرعُم الحزن":
لقد ظننت أنه عندما انقطعت عنك/ أنني لن أفکر في طیفك مرة أخری/ ولکن ماذا أقول لك، فلا توجد شرارة/ أخری تلهب روحي سوی هذه النیران (فرخزاد، 2017م: 119)
ظنت الشاعرة أنها إذا انفصلت عن حبیبها، لن تفکر فیه، ولکن ما التهب قلبها أي شرارة إلا نار حبه المشتعل. عند هذه المقاطع، قطعت الشاعرة رابطة الصداقة مع الحبیب معتمدةً علی الشك، معتقدة أنها تکون قادرة علی تحمل آلام انفصاله. فتوظیف الکلمات التي تدل علی الشك والتردید یظهر أنوثة الشاعرتین في الکتابة.
التوظیف الاحتجاجي للکلمات الأنثویة
الکلمات الأنثوية التي تستعمل في أشعار الشاعرتين، لها وظيفة احتجاجية. مع دخول المرأة في مجال الأدب، أصبح الاهتمام بقضایا المرأة ومشاکلها من المفاهیم الأساسیة لکتابة المرأة، وحاولت المرأة التعبیر عن هموم وأفکار قَمَعها المجتمع. تجتهد المرأة أن یُسمع صوتُها من خلال الحوار والحکي والذي یتجسد في فعل الکتابة فتخلق عالما خاصاً یتعلق بها ویشبهها. فتطلق العنان لقلمها بأن یکتب ما عجز اللسان عن تعبیرها. لذلک «فعل الکتابة عند المرأة هو انعتاق من ضغوط البیئة وأحکام القیم والأعراف وضوابط الأخلاق والکتابة عندها مخاض وولادة ونقاء...» (ابن السائح، 2012م: 28) من السمات البارزة لقصائد سنیة وفروغ التعبیر عن وجهات النظر النسویة إلی المرأة والمشاکل المتعلقة بها. الشاعرتان استخدمتا الأدب کمنصة لتحسین نظرة المجتمع للمرأة في محاولة لسمو مکانة المرأة في المجتمع. اهتم سنیة في قصائدها بما تعاني منه المرأة في المجتمع. کما تقول في قصیدة (ملایین الأرواح خارج غطائها):
دعیني أفکر یا سیّدة البحار/ التي تمنحنا الهدوء والامتداد الحيّ/ الرغبة في أن نکون الشجر والربیع/ یا سیّدة الماء/ الأشجار باسقة والأفق مدید/ ولکنک أسطع ما في الذاکرة/ وأعمق ما في الوجدان/ نیران المحبة تعمّق بصیرتک أمام الخراب/ لا الأنهار تنساب فوق لساني/ ولا المحیطات تمخر عباب جمجمتي/ تطؤنا نعال الذکورة ونحن ممزّقات/ فأي سیدة ترفع الحطام؟ (سنیة، 2008م: 53)
وکذلک تشیر سنیة صالح إلی سلطة الرجال في المجتمع الذي انتهکوا حقوق المرأة طوال التاریخ. هي تعانی من التحجر الفکري لمجتمعها وتبحث عن امرأة یمکنها استعادة هذا الحق المسلوب. قصیدة فروغ هي أیضاً قصیدة احتجاج علی التقالید والقوانین والأعراف أحادیة الجانب؛ تتحدث قصائد فروغ عن الظلم ضد المرأة؛ لأن القانون کان یدینها دائماً مثل النساء الأخریات في المجتمع (شمیسا، 1376ش: 170).
عندما کانت ثقتي مصلوبة بخیط العدلِ الرفیعِ/ وفي المدینة یمزّقون أضواء قلبي قطعة قطعة ویغلقون عیون طفولةِ العشقِ../ بمندیلِ القانونِ الأسود/ ومِن أعلی جبینِ أمنیتي کان یفور الدمُ/ حین کانت حیاتي.. لا شيء سوی دقّاتِ ساعةٍ جداریةٍ/ یجبُ/ یجبَ /یجبُ أن أعشقَ بجنون (فروغ، 2017م: 371-372)
تمردت الفروغ علی کل ما حولها من تقالید وعادات في مجتمعها وتهجم علی النظام الأبوي الذي یعتبر الحب من جانب المرأة عیبا کبیرا وظلت تکبل خطواتها نحو الحریة؛ لکنه تعتقد هي أن الحیاة قصیرة وعلیها أن تحب بکل قوتها.
الملامح الأنثویة في العواطف
الأشکال العاطفیة
هناک أشکال وکلمات عاطفیة في اللغة تستخدمها النساء في الغالب وتسمی التعبیرات الأنثویة. الرجال یجتنبون لأسباب مثل حظر المجتمع من استخدام هذه الکلمات؛ وکذلک اختلافات في نشاطات کل من الجنسین هي أیضاً یسبب ألا یستخدم کل منهما صور کلامیة أخری. (مدرسي، 1387ش: 168) یصف اللغویون أسلوب کلام الرجال بأنها أسلوب عقلاني ومنطقي ومعقد، وأسلوب کلام المرأة عاطفية وبسیطة. العاطفة هي جزء أساسي وربما القوة الإبداعیة التي کانت وحدها أحد الرکائز الرئیسیة للاکتشافات الشعریة في شعر هاتین الشاعرتین. کان التعبیر عن أوجه القصور والحرمان والفشل والظروف في البیئة من العوامل المؤثرة في انفعالاتهما وکان البوابة الرئیسية للدخول في مفاهیم وموضوعات شعرهما؛ بالإضافة إلی خلق إبداع فني خالص، لعبت العاطفة الأنثویة دوراً هاماً في تشکیل التفکیر وموقف هاتین الشاعرتین.
أیها الأحباء الراحلون/ إلی المرافيء الخفیة/ لحظة وداعٍ أخیرة/ قبلما بیحرون صوب المضیق،/ وتخلعون النهار عند الشاطيء/ حیث اللآليء/ وحطامُ سفنِ الأنبیاء/ رویداً أیها الأحباء/ یا من ترحلون علی سریر النهر (صالح، 2008م: 68)
تعبر الشاعرة عن حبها وعاطفتها للراحلین بالتعبیر عن کلمات "أیها الأحباء" وبتکرارها تزید هذا التعاطف. کان التعبیر عن مشاعرها وتجربیاتها الصادقة مرتبطاً ارتباطاً وثیقاً بجنسیتها لدرجة أنها أصبحت شاعرة أنثویة بکل الصفات الأنثویة.
یرتبط رؤیة فروغ الاجتماعیة ووجهة نظرها للإنسان بالعواطف الأنثویة، وهي شاعرة مغرمة ومنح الحبُّ وجودها فهماً صحیحاً للحیاة وتجربة الحب فعالة جداً في جمال شعرها.
وقلت:/ أریدُکَ یا روحي../ أریدُکَ أیُّها الحضنُ المعطاءُ/ أریدُک یا معشوقي/ الشهوة کانت تتعالی مِن عینه (فرخزاد، 2017م: 215-216)
تبین الشاعرة من خلال هذه الأبیات عاطفتها المتدفقة وقمة الطلب والتمني في الحصول علی حبیبها، واستخدام کلمات مثل "یا روحي"، "أیُّها الحضن المعطاء" و"یامعشوقي" کلها تدل علی عاطفتها الغزیرة.
المفردات الأمومیة
المفردات الأمومیة هي مفردات یمکن من خلالها اعتبار الأثر أنثویاً، هذه المفردات تتعلق بالمرأة. المرأة هي مظهر الحب والتعاطف. سنیة صالح و فروغ فرخزاد کلتاهما اختبرتا الأمومیة. نتیجة زواج سنیة صالح و محمد ماغوط ولدان ولکن فکرة ابتعاد سنیة عن أطفالها بسبب إصابتها بالسرطان یأخذ منها شعور الأمومیة الممتع. ورغم أنها لم تتخل في هذه الأثناء عن تألیف الشعر، وتکتب قصائدها الأمومیة خلال هذه الفترة في مجموعة "ذکر الورد" وفي مجموعة "شام، اطلقي سراح اللیل".
أیَّتها العصفورة/ یا ابنتي/ دفاعک البريء یشعّ فيّ/ فأضخّ روحي في صدرک/ احقنها تحت جلدک کالعقاقیر/ اللیل یدقّ أجراسه/ هل نویت الغناء؟ (صالح، 2008م: 31)
ولکنک الآن یا ابنتي/ تتکوّرین دافئة في أحضاني/ تبعثرین شعرک الأسود/ أو الأشقر/ في الاحتفالات الخانقة/ عانقیني... عانقیني/ فذکري السنین لماضیة لا تلمس إلا بالروح/ أو بورد الشقین/ عانقیني (المصدر نفسه: 34)
قصائد فروغ فرخزاد أیضاً ذات طابع عاطفة بسبب یأسها من رعایة طفلها والوحدة والعجز عن زیارته. "أسیر" هي أول قصیدة أمومیة لفروغ فرخزاد في مجموعتها الشعریة التي أنشدتها لإبنه کامیار.
أریدُک وأعرفُ أنَّني لم أحتضن حبَّکَ یوماً/ أنت کالسماءِ الصافیةِ/ وأنا بزوایةِ سجنٍ طیرةٌ أسیرةٌ/ وراءَ القضبانِ الباردةِ السوداءِ/ عینای تبحثان عنکَ بحسرةٍ/ أفکّرُ لو تأتي یدٌ وتحرّرني لآخذَکَ بینَ أحضاني (فرخزاد، 2017م: 45)
في هذه القصیدة تموج العواطف والمشاعر الأمومیة؛ تعاني الشاعرة من عدم قدرتها علی إعطاء حبها الأمومي لطفلها، وتشبه فروغ النظام الأبوي بحراسة السجون، وهو السبب الرئیسي لهذا الاضطراب والمعاناة فتعبر من خلال الشعر عن غضبها وثورتها. وفي قصیدة "البیت المهجور" أیضاً تظهر الأم هذا الانفصال عن طفلها وتقول:
أعرفُ أنَّ من ذلکَ البیتِ السعادةُ قد فرّتِ/ وأعرفُ أنَّ هناک طفلاً یبکي لرحیلِ أمّه../ لکنَّني متعبةٌ وحزینةٌ أقولُ.. إنَّ الشعرَ هوَ رفیقي/ أذهبُ لأحصلَ علیهِ (المصدر نفسه: 100)
تشعر الشاعرة أن السعادة قد ابتعدت عن ذلک المنزل بعد رحیله وتبکی باستمرار بعد رحیل والدتها وعندما تشعر بالتعب والحزن لعدم رؤیة طفلها وتجعل الشعر حبیبها الوحید وسلوتها التي تمکّنها أن تشکو لها کل ما یعن لها من الحزن والألم. وهذا یجعل الشاعرة أن تلجأ إلی الشعر وتصب مشاعرها الأمومیة في قالب الشعر. «إن الشعر بالنسبة لها وسیلة للتواصل مع الوجود، الوجود بمعناه الواسع. وتقول فروغ أنها لا تبحث في شعرها عن شيء، بل تجد فیه ذاتها.. وهي ترغب في أن تأخذ الشعر بیدها وتمضي بها وتعلمها کیف ینبغي لها أن تفکر وتنظر وتشعر وتری.» (فرخزاد، 2010م: 16)
الحب
الحب وممتلکاته من المفاهیم المدرسة الرومانسیة التي لها حضور باهر في الشعر المعاصر. الحب ملائم لمزاج الأدب النسوي، وتبلور فکرة الحب سمة من السمات البارزة في الأدب النسوي. في قصائد سنیة وفروغ، یتم استخدام الحب بشکل طبیعي وملموس. فیما یتعلق بتجربة حب سنیة وفروغ، فإن الحب هو أحد المفاهیم التي أکثر شیوعاً في قصائد هاتین الشاعرتین، وقد عبر کل منهما عن تجربتهما المرة والحلوة في الحب من خلال قصائدهما. وکذلک إیجاد العلاقة بین الخیال اللامحدود والحب بالطبیعة أدي إلی إنشاء صور رائعة في أشعارهما. کما تقول السنیة «إن الحلم هو بشکل ما، واقع آخر؛ واقع شفاف هیولي، واقع ممکن، بل هو رحم تتوالد فیه الوقائع. وتنمو بذرة القصیدة الحلم لتصیر واقعاً مُعلناً. کان الشعر فیما مضی، مرتبطاً بالسحر وبالقدرة الإلهیة. هذا الحلم الشعري جعل عالم الغیبات معموراً بشخصیات فوقیة شغلت الإنسان ووجهت حیاته.» (صالح، 1988م: 11) هکذا أنشدت سنیة صالح في الحب:
أیّها الرجل الشامخ/ کتاریخ/ اغمریني..اغمریني بحبک وملحک/ وأَمواجک/ أنا الغابة الملتهبة بالحب/ وأنت طائرٌ یهیم بین جناحیک/ کما تغفو النجوم فوق المیاه الهادئة./ ومع همساتک أغیب کالشمس الآئبة/ کاسهل العاشق زرعه (صالح، 2008م: 91)
تتحدث فروغ جريئة في بعض قصائدها عن حبیبه بینما کان من المتوقع أن تحب النساء مثل الرجل، طول القامة والوجه وقوس الحاجبین و... . في قصیدة "غزو الحدیقة" تقول إن الحب والتوادّ لا یعتمدان بالضرورة علی تسجیل اسمین في أوراق دفتر الزواج والطلاق البالیة. (شمیسا، 1376ش: 170)
الجمیع یعلمون/ الجمیع یعلمون/ إننا، أنا وأنت رأینا الحدیقة/ من خلال تلک الکوّة الباردة العبوس/ وإننا قطفنا التفاح/ من علی ذلک الغصن المتمایل البعید المنال/ الجمیع خائفون/ الجمیع خائفون، غیر أننا، أنا وأنت/ تواصلنا مع المصباح والماء والمرآة، ولم نخش شیئاً/ حدیثي لیس عن ارتباط ضعیف لإسمین/ أو عن عناق في صفحات دفتر بالیة (فرخزاد، 2010م: 227-228)
تصبغ فروغ فرخزاد بطابع شخصیتها الخاصة معنی بلوغ الإدراک الأبدي لأهمیة الحب الحقیقي خارج مسار الزمان. لقد طبعت هذه المعرفة بنبرتها الخاصة ووجهة نظرها الأنثویة، لکنها، في الوقت نفسه، ارتفعت بها إلی السدة الإنسانیة المتمثلة، جزئیاً، في الصور الواردة عبر القصیدة. (هلمان، 2007م: 186)
الألم والمعاناة
الألم والمعاناة من القضایا الرئیسیة التي استخدمها معظم الشعراء، وغالباً ما تکون انعکاساً لحیاتهم؛ تتحدث النساء عن المعاناة أکثر من الرجال بسبب ما عندهن من العواطف والمشاعر العالیة. المعاناة في قصائد سنیة وفروغ انعکاس لحالاتهما الملیئة بالألم والمعاناة وکلاهما عانت الکثیر خلال حیاتهما، لهذا جعلوا الشعر منصة مناسبة للتعبیر عن هذه المعاناة. سنیة تعبر عن الألم في الشعر بهذه الطریقة «الشاعر عندما یتألم أو یظمأ، یتثلُج أو یتعرّق، یحلم أو یعر، عنما یضطهد ویضام، ویواجه الضغوط والعالم المتصدّع یرافق لک کله أنواع من الارتجاج ومناخات حراریة وانقسامات، فتبدأ الکیمیاء الشعرية عملیتها عبر المخزون البشري. توظیف هذه اللغة المجازیّة لا تلمس الفجر الذي یطلع من ذلک العالم الغائم الغامض الفجر الذي نسمیه القصیدة.» (صالح، 2008م: 10) حیث تقول:
أیّها القضاة/ نصحتموني بالألم والتشرد/ بالحرمان/ بحمل الجراح/ فحملتها حتی التوت عظامي/ نصحتموني بالسرعة،/ ویقولون أن الکون الکبیر یعبر، لکن ما شأنه بقلبي؟ (صالح، 2008م: 313)
الشعر بالنسبة لسنیة هو التعبیر عن الألم والحرمان، فصبّت في قالب الشعر ما لم تستطع التعبیر عنها باللغة منذ طفولتها. لقد واجهت فروغ أیضاً معاناة کثیرة في حیاتها العائلیة وفي حبها. وتعبر عن الکثیر من آلامها الفردیة والاجتماعیة في قصائدها.
ذهبتُ.. لاتقل إنّها عدیمةُ الوفاءِ/ لم یکن هناکُ حلٌّ آخرُ/ هذا الحب المستعرُ.. الممتلئُ بالآلمِ/ رمی بي بوادي الذنبِ والجنونِ! (فرخزاد، 2017م: 61)
یعد الحزن ظاهرة بارزة في قصائد الکثیر من الشعراء. شاع الحزن والألم في قصائد شاعرتین وله حضوره الکثیف في قصائدهما تعبیراً عن نفسهما وهواجسهما، وهو نتیجة للمشاکل التي توالت علیهما في الحیاة وانعکاساً لها. نشأت سنیه وهي طفلة حزینة بسبب مشاکل أسریة، واستخدمت الشعر کوسیلة للتعبیر عن مشاعرها، وعندما تزوجت من محمد الماغوط ضاعف حزنها لأنه اضطر إلی التخفي بسبب المقالات الساخرة التي نشرتها في جریدة السوریة، وعندما تغلب المرض علیها زاد حزنِ یُتم أبنائِهِ علی ألمه.
تستعر حصاتک في القاع/ أیتها الذاکرة الحزینة/ وتلبسین المرارة/ لکن المرأة التي تملک البکاء وحده/ أسیرةٌ أبداً/ فامنحي عریَک للجبال الخجولة/ وارفعي مفاتنک/ حیث السرُّ مدفونٌ في کنائس الشتاء (صالح، 2008م: 64-65)
الحزن والألم في قصائد فروغ مولودا الوحدة والیأس ولما انفصل عن زوجها وطفلها زاد حزنها، ولهذا جعلت الشعر صاحبها وأنیسها:
لا أعرف ما أریده یا اللّهُ/ وعن ماذا ابحث لیلاً ونهاراً/ وعن ما تبحثُ عینايَ المتعبتان/ ولماذا حزینٌ هذا القلب المحروق/ أهربُ من جمیعِ الصحبة/ ألوذ إلی زاویةٍ بهدوءٍ وانطفاءٍ/ عینايَ تغرقان في الظلمات (فرخزاد، 2017م: 37)
الملامح الأنثویة والمواصفات النحویة
الضمائر
تکثر بعض النساء في أحادیثهن من الضمائر؛ أنا، لي، أنتِ/ أنتَ، لکِ/ تلکَ، نحن/ لنا، مما یضفي تفاعلاً وتواصلاً علی الحدیث. فالمرأة تظهر اندماجاً أکثر من الرجل وتتوجه بحدیثها للمخاطب أکثر من الرجل. (برهومة، 2002م: 127) الغرض الأساسي من توظیف النساء للضمائر هو أن يستدعي انتباه المخاطب، وبهذه الطریقة یُردن معرفة موقعهن لدی المخاطب. في شعر سنیة صالح وفروغ فرخزاد نجد العدید من الأمثلة علی استخدام الضمائر. علی سبیل المثال یمکننا الرجوع إلی المقاطع التالية:
أنا المرأة التي ارتبکت/ عندما فاجأها الحب/ أیّها النسر الممزوج بالغابات والأمطار/ لِمَ هجرت عشک الألیف (صالح، 2008م: 78)
هنا ترید سنیة أن تبلغ حبیبها بأن الحب قد استولی علی کیانها ومن خلال ضمیر أنا ترید أن یلفت نظر الحبیب.
ها أنا أنزف.. أنزف/ من أعمق الجراح،/ وحیاتي تسیل کالمیاه الشاردة/ والریح ما هدأت/ أبداً ما هدأت (صالح: 2008م :79)
وکذلک تتحدث الشاعرة عن جرح یلتهب في داخلها، وعن حیاة لا أمل فیها وتخبر مخاطبها علی هذا الوضع بواسطة الضمیر وتکرار الکلمات. "أنا" الشاعرة "أنا" متألمة، متأملة، وحزنها حزن متوحش. وهذه التعابیر هي انعکاس لواقع الذات الأنثویة التي تتمرد فیه الأحاسیس والمشاعر. وکذلک تکرار الأفعال الدالة علی حضور "الأنا" مثل: "أنزف وما هدأت" یشیر إلی جرح عمیق الذي تتألم الشاعرة منه کثیراً. بالإضافة إلی ذلک أنها دائماً ما تکون في حالة الحیرة والتشرد مثل الماء الذي یتدفق باستمرار کما أنها تشبه نفسها بریح لا تهدأ أبداً. ومن هذه الأمثلة في قصائد فروغ یمکن ذکر ما یلي:
هل تعرف ماذا أریدُ من الحیاة؟/ أن أصبح أنا أنتَ وأنت أنا مِن رأسِکَ إلی قدمیکَ/ والحیاةُ لو تعود مرُةً أخری.. مرّةً أخری أنتَ وأنتَ/ مخبَّأٌ بداخلي بحرٌ لا أستطیعُ إخفاءَهُ (فرخزاد، 2017م: 116)
تعتبر فروغ نفسها واحدة مع الحبیب وتربط جمیع جوانب حیاتها بالمحبوب، لهذا السبب، من خلال إحضار الضمائر، تدرک محبوبها. والحقیقة أن الحب الذي تتحدث الشاعرة عنه هو حب حقیقي؛ حب تصبح فیه الحبیبة متحدة مع الحبیب.
الأسئلة
یفسر البعض کثرة استخدام المرأة للأسئلة (بعد ملاحظة أنها تستخدمها أکثر بمعدل ثلاث مرات أو مرتین ونصف عن الرجل) بالاتجاه نحو استخدام الکلام الخلاق، وإنها إنما تسأل من أجل إضفاء حیویة علی المناقشة، والاحتفاظ بخیط الحوار ممتداً مع السامع (عمر، 1996م: 108). تمیل المرأة إلی البناء للترکیب والأسئلة القصیرة التي تظهر النبرة التساؤلیة عند تأکید شيء، نحو: ألیس کذلک؟ هل توافقني؟ هذا هو النهج الصحیح، أم لا؟ (برهومة، 2002م: 126) وتفترض روبین لاکوف أن استخدام المرأة للسؤال القصیر یعکس شخصیتها لأن مثل هذا الاستخدام للسؤال یؤکد أنها لا تستطیع أن تصدر قراراً، وبالتالي عدم الثقة بها لتحمُّل المسؤولیة. وتتسم الأسئلة القصیرة ببعض الخصائص، منها: إنها تُشتق من أي جملة مثبتة أو منفیة بشرط أن تصرح العبارة برأي المتکلم، وهي أو هو لدیه السبب لأن نکون غیر متأکدین من رأیه. (المصدر نفسه: 127)
في شعر سنیة صالح و فروغ فرخزاد، نجد العدید من مثل هذه الأسئلة التي استخدمتاها بناءً علی مزاجهما وهواجسهما. «سنیة صالح من قصائدها الأولی تجعلک تشعر أنها تعاني من نزیف خاص لم یکن یشعر به أحد غیرها. فنزیفها صامت متسلِّل مثل الزمن الذي کانت تراه یَفِرُّ من أصابعها. وأول ما ینساح في هذا النزیف هو أحلامها. وبالتالي فَنحن بالقراءة لا نتسلِّل إلی أحلامها، بل ننتبه إلی النزیف الصامت لهذه الأحلام.» (إسماعیل، 1996م: 3)
ألیس الشتاء قاسیاً؟/ وکذلک الزمن والثلج؟/ المطر والعواصف؟/ لکن، آه ما أجملها وهي تمضي: لم أعرف للنسیان ساقین (صالح، 2008م: 281-282)
لأن الشاعر مرّ بالعدید من المصاعب والمعاناة، وبتکرار هذه الأسئلة، ترید أن تعرف أنها کذلك بالنسبة للآخرین أم أنها تعاني من الشعور بالوحدة. کل هذه الأسئلة تعود إلی حیاتها المتوترة وحیرتها في مواجهة الحیاة.
وُلدت فروغ في عصر سمحت فیه الحریة - وإن کانت سطحیة- مجالا للانتقام لعدة مئات من السنین. استغلت فروغ هذه الفرصة السانحة وتحدثت عن العلاقة العاطفیة غیر مسموح بها، وکذلك انتقدت القوانین الاجتماعیة وعبرت عن مشاعر أنثویة حقیقیة. (شمیسا، 1376ش: 224)
کیفَ أتمنّی حبَّکَ بعدُ؟/ کیفَ أبحثُ عن قبلتکَ/ بینً هذا الصمت الأسود؟.../ هل تذکرُ/ تلکَ المرأة التي بجنونٍ غفت في لیلةٍ/ علی صدرکَ الثملِ العاشقِ بلطفٍ؟ (فرخزاد، 2017م: 50)
في هذه الأبیات التي یتم التعبیر عنها في شکل أسئلة تتمنی الشاعرة التحرر من أسر زوجها، وتسعی من خلال هذه الأسئلة إلی حریة المرأة في المجتمع التقلیدي وتحذر من خیانة الرجل وتشاؤم الرجال تجاه النساء.
الملامح الأنثویة والجمالیات البلاغیة
الجمل الإنشائیة
یعتقد الباحثون أنه في مواجهة عنف المفردات، والذي یعتبر سمة من سمات السلوک اللغوي للرجال، تمیل النساء إلی استخدام المصطلحات والتعبیرات التعجبیة والندائیة التي تعتبر مؤشرا لسلوک المرأة، لأن أول المشکلة التي تعتري النساء في التعبیر عن وجودهن تکمن في المشکلة الفنیة للغة. لهذا السبب «بنیة الجمل الموجودیة لاتناسب الشخصیة الوجودیة، فعلی المرأة أن تغیر تلک البنیة لتصبح شارحة وموضحة لأفکارها وحالاتها بشکل طبیعي.» (مقدادي، 1999م: 303)کما یقول البرهومة: «تستخدم المرأة جمل التعجب، والجمل الاعتراضیة، والأدوات والحرف أکثر من الرجال فیشبع في حدیث المرأة استخدام: حقاً، صدقاً، فعلاً، فعلیاً، ما أروعه! ما أجملها!، (ما أفظعها)!، ما أذهل!...» (برهومة، 2002م: 128) وقد أطلق بعضهم علیها اسم "الجملة المحمیة". (عمر، 1996م: 111) في قصائد سنیة و فروغ نلاحظ استعمال کثیر من الجمل الإنشائیة. لا شک أن مثل هذه الجمل قد ساعدت الشاعرتین کثیراً في إثارة المشاعر لدی المخاطب. علی سبیل المثال، یمکن ذکر الأمثلة التالیة.
یا امرأةً هائمةً مع أنین اللیلِ والمطر/ وأیةً کآبةٍ تزرعین/ وأنت في الظل؟ (صالح، 2008م: 42)
وهنا ترید الشاعرة أن تستدعي انتباه المخاطب إلی الأجواء الحزینة للقصیدة بإحضار حرف یاء النداء، بالإضافة إلی ذلک، فإن کلمات مثل امراة وأنین اللیل والمطر وکآبة والظل کلها تضاعف في کون الجو حزیناً. اختیار الکلمات الملموسة هو أحد السمات الأسلوبیة للشاعرة. إن استخدام هذه الکلمات یدل علی أن الشاعرة قد تأثرت بحیاتها الملیئة بالمتاعب والآلام.
دعیني أر،/ رائع... رائع کدمیة من القطن/ لیس کأولئک الذین ینتظروننا في القبور،/ یغتالوننا برمحهم الإلهي، ویفرُّون (صالح، 2008م: 138)
هذه القصیدة أنشدتها الشاعرة في حب أولادها، وهذا هو سبب الحب والمودة غیر المشروط لهم. لقد طغی علیها المرض، وهي أمٌ تخشی من مستقبل أبنائها. کما تظهر هذا الشعور بقلق أکثر في جانب آخر من القصیدة:
ماریا، إن قلبَکِ یضرب بقوةٍ/أخفي صغارک في جوف الوسائد/ أو في ثقب دافئٍ من بیوت الطین/ ماریا، لا تنسي أن توصدي الزرائب/ کي لا تعر صغارُ الماشیة (صالح، 2008م: 139)
في هذه الأبیات نشهد أعمق وأنقی الشعور الإنساني الذي ینبع من الروح الأنثویة؛ وهو الحب الذي لا یوصف، أضفی لوناً أنثویاً علی أدب الشاعرة.
ما أغرب أن ینادي رجلٌ خفي/ یهمس من بعید،/ فیدوي صوته في أعماقي،/ حصل ذلک في قلب تظاهره الأصوات الغاضبة/ کنت تقودینها یا دوشارا (صالح، 2008م: 149-150)
غالباً ما یکون البحث عن الهویة في قصص النساء مصحوباً بالبحث عن الحب الحقیقي. المرأة تفکر دائماً في نوع من الحب الأثیري؛ الحب السامي والسماوي لأن یملأ روحها. الحاجة إلی الحب هي حاجة طبیعیة لکل النساء. المرأة والحب لاینفصلان. لهذا السبب فإن قصة المرأة التي تعبر عن رغباتها وعواطفها ومشاعرها ملیئة بکلمات الحب. (حسیني، 1384ش: 7) سنیة صالح، مثل النساء الأخریات، تحدثت الکثیر عن الحب في قصائدها. طلبت سنیة من الحب ما طلبت من الشعر؛ طلبت من الحب أن یکون ثأرها من العالم وحصانها السحري للنجاة. ویمکننا القول إن هذا الحب قد شغل کیان سنیة بقدر ما شغلتها آلامها العریقة.
تتحدث فروغ في قصائدها أحیاناً عن رغباتها المخفیة التي لا توصف، وتتذکر الأحلام التي عاشتها سابقاً. تحلم أن یأتي شخص ما ویقسم کل شيء ویعطیها کل ما تتمناه وتعبر عن أشیاء ممتعة لها من خلال إحضار جملات تعجبیة حیث تقول:
وما أجمل ألذ طعم الذهاب إلی الحدیقة الوطنیة،/ وما ألذ طعم شراب البیبسي،/ وما أجمل أفلام سینما "فردین"،/ وکم تعجبني کل الأشیاء الجمیلة (فروغ، 2010م: 284)
تنزع فروغ الی کل الجمال الذي یعجبها ولعل سبب کل هذا یعود إلی النواقص التي واجهتها في طفولتها مما یجعلها تعوض عنها في أشیاء أخری.
الجمل المقطوعة
النساء أکثر عرضة من الرجال لمقاطعة المحادثة وتغییر مسار المحادثة. إنهن لایرغبن کثیرة في مواصلة واستکمال الکلام والقیام بالموضوع. لهذا السبب، فإن الجمل غیر المکتملة مع التوقف والصمت تکون کثیرة في أحادیثهن، وإسکات الموضوع هو أحد خصائص کلامهن. في کتابات النساء، تتم الوقفة والصمت في أثناء الکلام بشکل ثلاثة نقطة (...). (فتوحي، 1390ش: 401) فهن یقفزن من جملة إلی أخری دون وضع نهایة لجملهن، إذا یتسم کلام المرأة بالتنوع وتراسل الأفکار، أکثر من حدیث الرجل الذي یمیل إلی التحدید والتکثیف وحصر الموضوعات. (برهومة، 2002م: 129)
آه ... ما أشدَّ حاجتي للجنون،/ القمَّةُ یکسوها الضباب/ ودربي إلیها لیل ومنحدرات/ فأین أمضي،/ أین أمضي وأنقاضٌ تتبعني کظلي؟/ أیها اللیل... أیها اللیل... (صالح، 2008م: 111)
هذه النقط الثلاث التي تأتي بعد کلمات (آه) و(أیها اللیل) لها معان کثیرة، هذه النقط بعد کلمة (آه) تشیر إلی أن الشاعرة أخفت الکثیر من الحزن والأسی وراء هذه الکلمات التي تثقل علی صدرها لدرجة أنها لا تستطیع أن تظهرها.
لن أتخلّص من هذا السجنِ/ حتّی لو طلبً السّجانُ منّي.../ لا طاقة لي علی التحلیقِ (فرخزاد، 2017م: 45)
تحکي الفواصل في جمل فروغ _ الموجزة والمتقاطعة _ عن جراحة الحب والوحدة ولدیها کلمات غیر منطوقة وراء هذه الجمل الموجزة والمتقاطعة التي لا تستطیع اللغة التعبیر عنها. «فروغ لاترید وربما لا تستطیع أن تعبر عن رغباتها وتمنیاتها في الوصول إلی حیاة سعیدة وقد أسکتتها مرارة الحیاة.» (فروغ، 1376ش: 64)
یضحک الأثمُ في عینیهِ/ یضحکُ علی ضوءِ القمرِ/ في ممّراتِ تلکَ الشقتینِ المنطفئتینِ/ شعلةً مکتنزةً بشهوة مبهمةٍ/ قلتُ لَهُ بثمالةٍ... یجبُ أن نأخذَ شیئاً مِنَ الحبِ (المصدر نفسه: 47)
جمل الأمر المباشر
أظهرت نتائج بحث اللغویین أن الرجال کلامهم مصدراً للقوة والسلطة والنساء لدیهن لغة داعمة. یعني أن الرجال بسبب هیمنتهم یسعون دائماً إلی التغلیب علی بعضهم البعض في محادثاتهم؛ لکن الظروف غیر المتساویة في المجتمع والعدید من القضایا الأخری تسبب في توظیف النساء للجمل الأمر المباشر وإذا شوهدت الکلمات الآمرة في محادثهن، فهذا یعد تعدیلاً أکثر. «وقد اعتبر أسلوب الطلب المباشر من نوع الأمر المؤدب لأنه لا یتطلب الطاعة ولکنه یقترح شیئاً.» (مختار عمر، 1996م: 110) في أي من قصائد سنیة صالح وفروغ فرخزاد، لم یتم توظیف جمل تنوي الطاعة والسلطة واستخدم الکثیر من الجمل بشکل أمر مباشر ولإثارة انتباه المخاطب والتهذیب والتعاطف.
اطوني کما تطوي أوراق الشعر/ کما تطوي الفراشاتُ ذکریاتِها/ من أجل سفر طویل/ وارحل إلی قمم البحار/ حیث یکون الحب والبکاء مقدَّسین. (سنیة، 2008م: 32)
في هذه الأبیات لسنیة، کما یتضح من سیاق الکلام، یتم توظیف الأمر بشکل مباشر والغرض منه التمني. لدی فروغ أیضاً مفاهیم مشابهة لهذه المقاطع في قصائدها. کما تقول:
انظر إن وجودي کله ینحطم/ وتجرني شرارة إلی فمها/ وتحملني إلی الأوج/ وتسحبني إلی الشَرَک/ انظر أن کل سمائي ملیئة بالشهب/ وجئت أنت من بعید/ من موطن العطور والنور/ وأجلستني الآن في زورق من العاج والسحاب والبلور/ فخذني ید أملي الحبیب/ إلی مدینة الأشعار والفتنة (فرخزاد، 2017م: 176-179)
تعتبر الشاعرة نفسه محطمة وأسیرة من بُعد المحبوب بتکرار کلمة (انظر) التي تدل علی مدی طلبه. تطلب منه أن یأتي ویراها في الوضع الذي هي فیه بدونه، لینقلها مثل ید الأمل من الظلام إلی النور. الحب الذي تتحدث عنه سنیة هو حب نقي ومقدس. الحب الکبیر یغطي کیانها کله وله مکان سرمدي في قلبها. وکذلک «یحمل الحب في قاموس فروغ الشعریة معنی الذوبان في المحبوب بغیة اکتشافه وتجربة الحبّ، من وجهة نظرها، فتمتلئ النفس رغبة في سکن المحبوب وهذه هي غایة فروغ في الحب والحیاة.» (شاهین، 2022م: 144)
النتیجة
للأدب فاعلیة بالغة في التعامل مع العلاقات الثقافیة والسیاسیة والاجتماعیة. من الفروق الجوهریة بین الرجل والمرأة اجتماعیاً هو الاختلاف في الدور الذي یلعبان في المجتمع. إن إلقاء الضوء علی النظریة النسبیة اللغویة یطلعنا علی النتائج الموضوعیة والاجتماعیة لهذه الاختلافات؛ اللغة هي التعبیر عن الفکر والحقایق الاجتماعیة ووجهة نظر المؤلف. في هذه الدراسة تم النظر في المتغییرات اللغویة والنحویة للغة الأنثویة. الکتابة بالنسبة للمرأة تعتبر وسیلة للبوح عما في خاطرها ورسم ملامح هویتها المستقلة التي ظلت مهمشة في مجتمع الذکورة، وهي التي وحدها قادرة علی التعبیر عن خلجاتها ومشاعرها وتجاربها الأنثویة التي خاصة بها. فلذلك عالم المرأة تختلف تماماً من عالم الرجل. أظهرت نتائج البحث أن هناک تشابهات کثیرة بین سنیة صالح وفروغ فرخزاد من نواحٍ مختلفة؛ لقد مرت سنیة مثل فروغ بالعدید من المعاناة والصعوبات في طفولتها وحیاتها الزوجیة واستخدمت الشعر کوسیلة للتعبیر عن نوایاها وهي أیضاً مثل فروغ تختلط بالطبیعة وتربط کل شيء بها.کلتا الشاعرتین استخدمتا أنواع التعابیر المختلفة بسبب موقفهما الجزئي في اختیار الکلمات وبسبب ثراء عاطفة، فإن استخدام الکلمات الأمومیة والعاطفیة غزیر في قصائدهما التي تتلائم مع إحساسهما وهواجسهما. من حیث الترکیب النحوي، فإن استخدام الحروف المختلفة والجمل الاستفهامیة والأمري والجمل المحذوفة والمقطعة یتماشي مع أنوثتهما وقد نجح کلتا الشاعرتین في التعبیر عن نوایاهما وقدرتهما في خلق الصور والمفاهیم والمعاني الأنثویة.
المصادر والمراجع
استوار، مسیب. (1391ش). روانشناسی کاربردی رنگ. طهران: انتشارات رازنامه.
اسماعیل، نذیر. (1996م). مختارات شعریة سنیة صالح.کتاب في جریدة اصدرته منظمة الیونسکو. العدد 73 الأربعاء. 1 أیلول.
برهم، إبراهیم. (2010م). سنیة صالح؛ موقع الشعر ودلالة الاختلاف. مجلة دراسات في اللغة العربیة وآدابها. العدد 3. صص 1-18
برهومة، عیسی. (2002م). اللغة والجنس حفریات لغویة في ذکوریة والأنوثة. عمان: دار الشروق.
بن السائح، الأخضر. (2012). سرد المرأة وفعل الکتابة. الجزائر: دار التنویر.
ترادگیل، بیتر. (1981م). زبانشناسی اجتماعی. ترجمه: محمد طباطبایی. طهران: نشر آگه.
جلالي، بهروز. (1375ش). جاودانه زیستن در اوج ماندن. ط 2. طهران: مروارید.
دواجي، آزاده. (1379ش). واکاوی نقد ادبی فمینیستی در ادبیات زنان ایران. طهران: نشر مهری.
رضا، عامر. (2016م). الکتابة النسویة العربیة من التأسیس إلی إشکالیة المصطلح. الأکادمیة للدراسات الاجتماعیة والإنسانیة. قسم الآداب والفلسفة. العدد 15. صص 5-3.
زرقاني، سید مهدي. (1383ش). چشمانداز شعر معاصر ایران. طهران: نشر ثالث.
سراج، سید علی. (1394ش). روند تکوین گفتمان زنانه در آثار نویسندگان زن ایراني. طهران: انتشارات روشنگران ومطالعات زنان.
شاهین، قمر عدنان. (2020م). صورة الحب والفراق في شعر غادة السّمان وفروغ فرخزاد. اللدراسات الأدبیة (في اللغة العربیة والفارسیة وتفاعلهما). صص 161-139
شمیسا، سیروس. (1376ش). نگاهی به فروغ. طهران: انتشارات مروارید.
صالح، سنیة. (2008م). الأعمال الشعریة الکاملة. سوریه-دمشق: دار المدی الثقافة والنشر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ. (1988م). ذکر الورد. دار النشر: ریاض الریس للکتب والنشر.
الغذامي، محمد. (2006م). المرأة واللغة. بیروت: المرکز الثقافي العربي.
فتوحي، محمود. (1390ش). سبک شناسی نظریهها، رویکردها و روشها. طهران: سخن.
فرخزاد، فروغ. (2010م). مختارات من أشعار الشاعرة الإیرانیة فروغ فرخزاد. ترجمة: محمد نور الدین عبد المنعم. القاهرة: المرکز القومي للترجمة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ. (2017م). الأعمال الشعریة الکاملة. ترجمة: مریم العطار. بغداد: دارالمدی.
محمدي اصل، عباس. (1388ش). جنسیت وزبانشناسی اجتماعي. طهران: مشر گل آذین.
مختار عمر، أحمد. (1996م). اللغة واختلاف الجنسین، کلیة دار العلوم- جامعة. القاهرة: مکتبة لسان العرب.
مدرسي، یحیی. (1387ش). درآمدی بر جامعهشناسي زبان. طهران: مؤسسهی مطالعات وتحقیقات فرهنگي.
مقدادي، بهرام. (1999ش). فرهنگ اصطلاحات نقد ادبی: از افلاطون تا عصر حاضر. طهران: فکر روز.
ناظمیان، رضا. (1389). زمان در شعر فروغ فرخزاد ونازک الملائکه. نشریه ادبیات تطبیقی دانشگاه شهید باهنر کرمان. العدد 2. صص 221-237.
نجم، مفید. (2005م). الکتابة النسویة: إشکالیة المصطلح التأسیس المفهومي لنظریة الأدب النسوي. عمان: نزوي. العدد 42.
هلمان، مایکل. (2007م). امرأة وحیدة "فروغ فرخزاد وأشعارها". ترجمة: د. بولس سرّوع. الکویت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.
English References
Lakoof, Robin. (1973). language and Woman's place language in Society. Vo1. 2. No. 1. Pp: 45-80.
Lakoof, Robin. (2012). The DSL Theory and Literay language. Washington: the University of Chicago Press.