إيقاع السرد في رواية "الفيروز والدم" لـ "إبراهيم الدسوقي شتا"
Subject Areas : Literary criticism
1 -
Keywords: Egyptian novel, Turquoise and Blood, narrative techniques, temporal structure.,
Abstract :
The novel is considered one of the most prominent literary genres that gained wide popularity and acceptance in the second half of the twentieth century, due to its close connection with real life and society. The novel Turquoise and Blood by the Egyptian writer Ibrahim Al-Desouki Sheta is among those works where the author attempts to bridge the gap between reality, with all its intricate details, and narrative writing. It is a realist novel that chronicles and documents part of the Iranian people's resistance and opposition—particularly by the clergy—to the regime of Mohammad Reza Shah Pahlavi. The author skillfully employed the elements of the novel, especially the temporal structure, using narrative time techniques such as flashback, foreshadowing, pause, omission, and others, as well as a narrative style that serves the novel's theme and conveys the author's intended message to the reader. This study, through a critical and analytical methodology, seeks to explore how time is employed within Turquoise and Blood. One of the key findings is that the flashback technique was primarily used to reveal the past of the novel's characters prior to the narrative present. In contrast, foreshadowing was used less frequently, due to the nature of the novel, which focuses on events closely tied to reality and parallels significant historical moments in modern Iranian history marked by rapid developments. The narrative pause was among the most effective techniques used in the novel, linked to the narrator’s omniscient point of view and deep understanding of Iranian culture—its history, literature, customs, traditions, and character. This explains why the narrator frequently pauses to explain aspects of Iranian culture throughout the story. As for the omission technique, it was rarely used, primarily because the novel covers a very short time period, not exceeding one year.
1) إبراهيم الدسوقي شتا: الفيروز والدم، الطبعة الأولى، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1995م.
2) ........................: المعجم الفارسي الكبير، الطبعة الأولى، مكتبة مدبولى، القاهرة، 1992م.
3) أمينة رشيد: تشظى الزمن في الرواية الحديثة، الطبعة الأولى، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1998م.
4) جيرار جنيت: خطاب الحكاية بحث في المنهج، ترجمة محمد معتصم وآخرون، الطبعة الثانية، المشروع القومى للترجمة - المجلس الأعلي للثقافة، القاهرة، 1997م.
5) جيرالد برنس: المصطلح السردي (معجم المصطلحات)، ترجمة عابد خزندار، الطبعة الأولى،المشروع القومى للترجمة- المجلس الأعلي للثقافة، القاهرة، 2003م.
6) خبشي فاطمة زهرة و تحريشي محمد: انزياح الزمن في رواية " أصابع لوليتا" مجلة آفاق علمية، العدد الثالث عشر، أبريل 2017م.
7) سيرزا قاسم: بناء الرواية دراسة مقارنة في ثلاثية نجيب محفوظ، الطبعة الأولى، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2004م.
8) عزه عبداللطيف عامر: الراوي وتقنيات القص الروائى دراسة تطبيقية على نماذج من الرواية المصرية 1933- 1997م، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2020م.
الإيقاع السردي في رواية "الفيروز والدم"؛
رؤية مصرية للواقع السياسي في حكم محمدرضا شاه البهلوي
مريم جلائي پیكاني
أستاذة مشاركة في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة أصفهان، أصفهان، إيران
تاريخ الاستلام: 02/11/1446ق تاريخ القبول: 23/01/1447ق
الملخص
تعدّ الرواية من أهم الأجناس الأدبية التي لاقت انتشارًا وقبولًا في النصف الثاني من القرن العشرين، وذلك لارتباط الرواية بالحياة الواقعية والمجتمع. إن رواية "الفيروز والدم" للأديب المصري "إبراهيم الدسوقي شتا" من الروايات التي سعى مؤلفها للربط بين الواقع وتفاصيله الدقيقة وبين الكتابة الروائية؛ حيث إنها رواية واقعية لتأريخ وتسجيل جزء من مقاومة ومعارضة الشعب الإيراني خاصة معارضة رجال الدين لنظام الشاه "محمدرضا البهلوي"؛ فاجتهد المؤلف بعناصر الرواية وفي مقدمتها البنية الزمانية في استخدام تقنيات الرواية الخاصة بالزمن مثل الاسترجاع، والاستباق، والوقفة، والحذف، وغيرها من التفنيات وأيضاً طريقة السرد لخدمة مضمون الرواية ومايريد المؤلف إيصاله للمتلقي من نصه. حاولت هذه الدراسة بالمنهج النقدي والتحليلي الكشف عن كيفية توظيف الزمن داخل رواية "الفيروز والدم". ومن أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة هي أن تقنية الاسترجاع الروائي في الرواية كان الهدف الرئيس منها كشف ماضي شخصيات الرواية قبل زمن السرد وأن تقنية الاستباق الروائي كانت أقل توظيفًا من تقنية الاسترجاع الروائي وهذا يرجع إلى طبيعة الرواية التي تركز على أحداث قريبة للواقع وتوازي أحداث تاريخية في أكثر فترات التاريخ الإيرانى الحديث والمليئة بالأحداث المتسارعة؛ لهذا فلم يكن من المنطقي التنبؤ بالمستقبل. وأن تقنية الوقفة كانت من أهم تقنيات إيقاع السرد التي تمّ توظيفها في رواية "الفيروز والدم" وذلك يرتبط بشخصية الراوي الذي يُعدّ عليمًا ومدركًا جيدًا لأبعاد الثقافة الإيرانية من حيث تاريخها، وثقافتها، وآدابها، وعاداتها، وتقاليدها، والشخصية الإيرانية؛ لهذا نلحظ أن الراوي يتوقف كثيرًا في سرده لتوضيح بعض جوانب الثقافة الإيرانية في الرواية، وأما بالنسبة لتقنية الحذف؛ فالراوي لم يلجأ كثيرًا إلى استخدامها وهذا يرجع في الأساس إلى أن الرواية تتناول بطبعها فترة زمنية قصيرة جدًا لا تتعدى العام الواحد.
الكلمات الدليلية: الرواية المصرية، رواية الفيروز والدم، آليات السرد، البنية الزمنية.
المقدمة
حاز فن الرواية في النصف الثاني من القرن العشرين على مكانة كبيرة بين الأجناس الأدبية الأخرى خاصة الشعر، وسعى الروائيون إلى التجريب في فن الرواية وبنيتها السردية وعناصرها الفنية وأدت محاولات التجريب والتطوير إلی تطوُّر الرواية وبنيتها بشكل كبير وأصبح كل عنصر في الرواية يمثّل زاوية سلّط النقاد عليها الضوء، ومن العناصر الفنية داخل الرواية والذي نال اهتمام النقاد لفن الرواية هو عنصر الزمن أو كما يفضل البعض أن يطلق عليها البنية الزمنية داخل الرواية، وهي الزاوية التى تنطلق منها الدراسة.
عرّف "جيرالد برنس" عنصر الزمن كأحد العناصر الرئيسة في فن الرواية قائلًا "الزمان أو الأزمنة التي تحدث في أثنائها المواقف والوقائع المقدمة (زمن القصة، زمن المسرود، زمن الحكي) وتمثيلها (زمن الخطاب، وزمن السرد، وزمن الروائي)". (برنس، 2003م: 234) وتنقسم أنواع الأزمنة في القصة إلى نوعَين أساسيين؛ الأول: ما يعرف بالأزمنة الخارجية ويقصد بها الأزمنة خارج النص والتي تشتمل زمن الكتابة وزمن القراءة ووضع الكتاب بالنسبة للفترة التي يكتب عنها ووضع القاريء بالنسبة للفترة التي يقرأ عنها، والنوع الثاني: هو الأزمنة الداخلية ويقصد بها الأزمنة المستخدمة داخل النص والتي تحوي الفترة التاريخية التي تجري فيها الأحداث ومدة الرواية وترتيب الأحداث ووضع الراوي بالنسبة لوقوع الأحداث وتزامن الأحداث وتتابع الفصول....إلخ. (قاسم، 2004م: 37)
وكان عنصر الزمن في الروايات ذات النمط الكلاسيكي يتخذ شكلًا نمطيًا في توظيفه؛ حيث تكون الأحداث مرتبة ترتيبًا تصاعديًا وهذا على عكس الروايات الحداثية التي لم توظف الزمن بشكل تصاعدي بل كانت تعمل على أخذ الزمن في الرواية أوجه مختلفة أكثر تقنيةً وجماليةً للنص الروائي؛ حيث بدأ الروائيون التلاعب بالأزمنة سواء من ناحية الرجوع بأحداث الرواية إلى زمن سابق عن زمن الرواية أو أن الرواية تنتقل مستقبلًا لأحداث مستقبلية قريبة على التحقق وهو ما يعرف باسم المفارقة الزمنية، والذي ساهم في تطوير عنصر الزمن بهذا الشكل هو التطور الذي لحق بباقي فنيات الرواية مثل الشخصيات والحدث. (رشيد، 1998م: 7- 8) والمقصود بالإيقاع السردى أو الرتم الإيقاعي هو التحكم في مدى تسريع إيقاع الأحداث داخل الرواية أو إبطائه.
وتركز هذه الدراسة على إبراز ارتباط البنية الزمنية وتقنياتها المتنوعة مع إيقاع السرد في رواية "الفيروز والدم" لمؤلفها الدكتور "إبراهيم الدسوقى شتا" والتعرف على الأساليب والتقنيات الفنية التي استخدمها الراوي في التحكم في إيقاع السرد سواء بالتسارع أو الإبطاء، وتتكأ الدراسة بشكل رئيس على معرفة إيقاع الحدث من خلال تقنيات المفارقة الزمنية وتقنيات السرد الروائي وآلياتها.؛ حيث إن الروائي يستغل إمكانيات عنصر الزمن وتقنياته المختلفة داخل الرواية حتى يستطيع التحكم في إيقاع السرد داخل الرواية، ففي بعض الأحيان يحتاج الروائي إلى تسريع إيقاع الحكي والدفع بأحداث الرواية أو تباطىء إيقاع السرد وجعل الحدث يسير ببطء وهذا الأمر يتعلق برؤية الروائي للحدث أو لضروريات فنية داخل الرواية.
منهج الدراسة
تعتمد الدراسة على المنهج النقدي والتحليلي، وفي الوقت نفسه لم تغض الطرف عن باقي المناهج النقدية الأخرى، وذلك للوصول للنتائج المرجوة.
أسئلة البحث
حاولت هذه الدراسة للإجابة عن الأسئلة التالية؛
- كيف وظّف "إبراهيم الدسوقي شتا" الزمن داخل رواية "الفيروز والدم"؟
- ما هو أهم الأسباب التي أدت إلى لجوء الكاتب إلى التغيير في البنية الزمانية لأحداث الرواية؟
- ما مدى تأثير التغيير في البنية الزمانية على إيقاع السرد في الرواية؟
الدراسات السابقة
لم تصل الدراسة الحالية إلى أي من الدراسات السابقة التي تناولت رواية "الفيروز والدم" بالدراسة سواء في العالم العربي أو في إيران، ولكن هناك بعض الدراسات التي تناولت فكرة الزمن الروائي وإيقاع السرد وتقنياته وآلياته المختلفة ومن أهم هذه الدراسات ما يأتي:
سرباز وزميلاه (2015) قاموا بدراسة المفارقة الزمنیة في روایة "المصابیح الزرق" لحنا مینة بالأسلوب الوصفي، وقد أظهرت الدراسة أن حنا مینة قد اتبع في روایته هذه أسلوب الروایات الكلاسیكیّة، فتجري الأحداث فیها بترتیب زمني غالبًا ولكن مع ذلك قد استفاد بعض الأحیان من بعض المفارقات الزمنیّة بشكل "الاسترجاع" و"الاستباق" الداخلي والخارجي. واستخدام هذه التقنیة الروائیة تؤدي إلی توسیع الفضاء الزمني في الروایة وتشویق القارئ لیتابع أحداثها بشوق. وتناول خبشي وتحريشي (2017م) الزمن في رواية "أصابع لوليتا" من حيث انزياحاته وما تضفيه علی النص الروائي من جمالية. وتوصلت الدراسة إلی أن تقنيتَي "الاسترجاع" و"الاستباق" من المفارقات الزمنية المعتمدة في الرواية بشكل كبير، غير أن الاستباق في رواية "أصابع لوليتا" شبه منعدم بالمقارنة مع الاسترجاع وأن المقاطع الاسترجاعية تنوعت بين استرجاع قريب المدی واسترجاع بعيد المدی وبين استرجاع داخلي واسترجاع خارجي. روشنفكر وآذرنيا (2017م) تناولا الزمن الروائي في رواية "رماد الشرق" لواسيني الأعرج باستخدام المنهج الوصفي - التحليلي وآراء جيرار جينيت؛ وتوصلت الدراسة إلی أن الروائي وظف تقنيات مختلفة لإبطاء السرد وتسريعه لإيجاد التنويع في الإيقاع الزمني في الوهلة الأولی ثم كسر رتابة النص. وحاول عبدالله زاده وزملاؤه (1402 ش/ 2023 م) دراسة زمن السرد في رواية "فرانكشتاين في بغداد" وفقًا لنظرية جيرار جينيت بالاعتماد علی المنهج الوصفي التحليلي التطرق إلی عنصر الزمن واكتشاف الجوانب البارزة للمفارقات الزمنية في هذه الرواية وأظهرت النتائج أن السارد يتابع الزمن الترتيبي المنطقي واستخدم مختلف أساليب كسر الزمن كالاسترجاع والاستباق، والتسريع السلبي، والتسريع الإيجابي وهذه المفارقات الزمنية منحت الراوي إمكانيات تناسب اختياراته الفنية وغاياته الجمالية. وتناول نزال نزال وزملاؤه (2025م/ 1404 ش) المفارقة الزمنية بين الماضي الجميل و الحاضر البائس في رواية "نحيب الرافدين" وما توصّلت إلیه هذه الدراسة هو أنّ الاسترجاعات الخارجية تظهر كعنصر بارز في الرواية، حيث تكشف الاسترجاعات التي تتجلى من خلال شخصيات الرواية عن اعتماد العمل الأدبي على ثنائية زمنية تتضمن زمنِين متباينين؛ الزمن الأول هو "الحاضر البائس" الذي يعاني من مشكلات وصعوبات، مقابل الماضي الذي يبدو أكثر وضوحاً أو اختلافاً، وما يُعتبر ماضياً جميلاً من وجهة نظر المؤلف. وعند التدقيق في رواية "نحيب الرافدين" تبين أن الاستباقات فيها متوقعة، حيث تبتعد عن الأمور الخيالية أو صعبة التحقيق. استخدم الكاتب الاستباق كأداة زمنية في السرد الروائي ليخلق تداخلاً بين الحركات الزمنية، فبينما تُستبق الأحداث، يعود السرد بسرعة إلى الوراء، وتتسابق الذكريات في أذهان الشخصيات الروائية خلال لحظات السرد.
التعريف برواية "الفيروز والدم" ومؤلفها
تُعد رواية "الفيروز والدم" من الروايات العربية القليلة في النصف الثاني من القرن العشرين التي ظهرت فيها صورة إيران سواء في عصر الملكي أو بعد الثورة الإسلامية الإيرانية 1979م، ونشرت الطبعة الأولى من رواية "الفيروز والدم" عام 1995م بالقاهرة ضمن إصدارات الهيئة المصرية العامة للكتاب. والذي يميز رواية "الفيروز والدم" أولاً أنها لم تعرض لصورة إيران والمجتمع الإيرانى والشخصية الإيرانية بشكل عابر أو من خلال إحدی شخصيات الرواية؛ بل أنها اتخذت من مدن إيران مسرحًا لأحداث الرواية ومن خلال هذه الرؤية كان للمكان في الرواية مكانة كبيرة حيث تنوع بتنوع الأمكنة المتعددة في الرواية لجميع أطراف إيران، والميزة الثانية التي تضفي خصوصية على هذه الرواية أنها اتخذت من فترة الأشهر الأخيرة لحكم الشاه "محمد رضا بهلوي" وبداية اشتعال الثورة الإسلامية في إيران زمنًا لأحداث الرواية ووقائعها، وأخيرًا ما يميز رواية "الفيروز والدم" أن مؤلفها "إبراهيم الدسوقي شتا" أستاذ اللغة الفارسية وآدابها بجامعة القاهرة يُعدُّ واحدًا من روّاد الدراسات الإيرانية في مصر والعالم العربي بكل ما ساهم به من إنتاج علمي وبحثي ونقله للكثير من روائع الأدب الفارسي قديمًا وحديثًا.
ولد "إبراهيم الدسوقي شتا" في 20 يناير 1943م في بيلا بمحافظة الشرقية، وحصل على ليسانس الآداب من جامعة القاهرة بدرجة ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى عام 1962م، ثم الماجستير سنة 1967، فالدكتوراه سنة 1972، (الدسوقى شتا، 1992م: 3283 وراجع كذلك https://ar.wikipedia.org/wiki) ومن أهم مؤلفات "إبراهيم الدسوقي شتا" وإسهاماته في مجال الدراسات الشرقية تحديدًا اللغة الفارسية وآدابها يمکن الإشارة إلی: "التصوف عند الفرس" نشرته دار المعارف بالقاهرة عام 1978م، ومن كُتبه في مجال الشعر الفارسي كتاب "الشعر الفارسي الحديث، دراسة ومختارات" ضمن إصدارات الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 1982م ومعجمه الشهير المعروف باسم "المعجم الفارسي الكبير، فرهنـﮓ بزرﮒ فارسى" نشرته مكتبة مدبولي بالقاهرة عام 1992م ويقع في ثلاثة أجزاء، وله كتاب عن الثورة الإسلامية في إيران بعنوان "الثورة الإيرانية (الجذور الإيديولوجية)" ضمن إصدارات مدار نشر الزهراء للإعلام العربي بالقاهرة، بالإضافة إلى كتابه عن الرواية الفارسية بعنوان "مطالعات في الرواية الفارسية المعاصرة" ضمن إصدارات الهيئة المصرية العامة للكتاب. أما من أهم ما ترجمه من الفارسية إلی العربية فيمكننا الإشارة إلی ترجمته لرواية "البومة العمياء" للروائي الإيرانى "صادق هدايت" ونُشرت الترجمة عام 1976م ، وترجمته لكتاب "النثر الفني في الأدب الفارسي المعاصر" لمؤلفه "حسن كمشاد" ونشرت الترجمة عام 1992م، وكتاب "العودة إلى الذات" تأليف "على شريعتى" ونشرت الترجمة عام1987م وأشهر ترجماته على الإطلاق هي ترجمة المثنوي لمولانا جلال الدين الرومي في ستة أجزاء وغيرها من الأعمال الأخرى. (الدسوقي شتا، 1992: 3283- 3284)
الإطار النظري للبحث وتحليل معطياته
تنقسم الدراسة إلى محورَين أساسيين كل منهما مرتبط ومكمل للآخر؛ والمحور الأول خاص بدراسة المفارقة الزمنية وأدواتها داخل الرواية؛ حيث إن معرفة ترتيب الزمن داخل الرواية سواء كان بالشكل النمطي أو الشكل الحداثي تؤدي دورًا في إبراز إيقاع السرد في الرواية وتساهم في معرفة مدى سرعة إيقاع السرد أو العكس، والمحور الثانى يسلّط الضوء بشكل خاص ودقيق على إيقاع السرد وتقنياته داخل الرواية ويمكن تفصيل المحوريين الأساسيين كالتالي:
المحور الأول: المفارقة الزمنية وأدواتها في رواية "الفيروز والدم"
وقد عرف "جيرار جنيت" المفارقات الزمنية بأنها "تعني دراسة الترتيب الزمني لحكاية ما مقارنة نظام ترتيب الأحداث أو المقاطع الزمنية في الخطاب السردي بنظام تتابع هذه الأحداث أو المقاطع الزمنية نفسها في القصة... " (جنيت، 1997م: 47)؛ بعبارة أخری "عندما لايتطابق نظام السرد مع نظام القصة، فإننا نقول إن الراوي يولّد مفارقات سردية" (لحمداني، 1991: 74) ويلجأ الروائي إلى استخدام المفارقات الزمنية بأشكالها المختلفة من استرجاع واستباق لسببين؛ الأول يكون بسبب الصعوبة التي تواجهه في كتابته بين ترتيب الأحداث ترتيبًا نمطيًا وبين إشكاليات اللغة حيث إن: "... القاص يواجه صعوبة أن اللغة تتكون من سلسلة مختلفة الوحدات من كلمات وجمل وفقرات ويصدم هذا الترتيب الخطي للوحدات اللغوية البسيطة بمشكلات عديدة معقدة عند محاولة ترتيب الحوادث على نفس النسق الخطي حيث إن هذا الخط يقطع ويلتوي ويعود على نفسه ويمط إلى الأمام ويمط إلى الخلف... " (قاسم، 2004: 54) والسبب الثاني يرجع إلى ظهور الشخصيات وتوظيفها في العمل الروائي فتذكر ذلك: "...أن ظهور أكثر من شخصية رئيسة في القصة يقتضي الانتقال من واحدة إلى أخرى وترك الخط الزمني الأول للتعرف على ما تفعله الشخصية الثانية أثناء معايشة الأولى لحياتها فالتزامن في الأحداث يجب أن يترجم إلى تتابع في النص ويتطلب ظهور كل شخصية جديدة عودة إلى الوراء لكشف بعض العناصر الهامة وربما الاحتفاظ ببعض العناصر لكشفها في زمن لاحق...". (المصدر نفسه: 55-56)
1- الاسترجاع الروائي في رواية "الفيروز والدم"
يذكر جيرالد برنس في "معجم المصطلح السردي" ثلاث ألفاظ مترادفة لمعنى الاسترجاع ألا وهي؛ اللفظة الأولى "Analepsis" وعرفها قائلًا: "مفارقة زمنية تعيدنا إلى الماضي بالنسبة للحظة الراهنة، استعادةً لواقعة أو وقائع حدثت قبل اللحظة الراهنة (أو اللحظة التي يتوقف فيها القص الزمني لمساق من الأحداث ليدع النطاق لعملية الاسترجاع)" (برنس، 2003: 25)، واللفظة الثانية " Flashback" وهي تعني الاسترجاع أو الارتداد أو وقفة خلفية والمصطلح يستخدم غالبًا مع السرد السينمائي (المصدر نفسه: 86)، أما اللفظ الثالث والأخير فهو "Retrospection" ويعنى الاسترجاع أو لقطة خلفية أو التوقف عند نقطة سابقة، أو الانتقال إلى الخلف. (المصدر نفسه: 199)
ويهدف الروائي من توظيف تقنية الاسترجاع الروائي إلى عدة أهداف هي:
- يعرّف القاريء بماضي الشخصيات وتاريخها.
- يمزج الاسترجاع حلقات الزمن بشكل جيد فالماضي والحاضر حلقة واحدة وبينهما علاقة متشابهة للمستقبل أيضًا.
- يستخدم الراوي تقنية الاسترجاع ليصل بعض الحلقات المفقودة في الرواية فعن طريق الاسترجاع يمكن للراوي أن يعرض لأكثر من حدث متزامن في أماكن مختلفة.
- يُعد الاسترجاع نوعًا من أنواع مشاركة القاريء للنص من خلال جعل المتلقي يعيد ترتيب الأحداث الزمنية وربط الأحداث لفهم الأحداث ودوافعها. (عامر، 2020م: 192)
لقد وُظّفت تقنية الاسترجاع الروائي في رواية "الفيروز والدم" بشكل واضح وتعدّدت المواضع التي ظهرت التقنية فيها ومن تلك النماذج، الآتى: "... في العام الماضي، كانت جولة السوق في مشهد في اليوم الأخير لزيارتها، نزل ودخل أحد محلات الأحجار الكريمة الرخيصة واشترى بعض فصوص الياقوت والفيروز وأتى على آخر تومان في جيبه، وهو يغادر المحل لفت نظره خاتم فضي بفص من الفيروز في أحد صناديق العرض، وقف أمامه طويلًا ثم طلب من صاحب المحل أن يريه إياه، فص الفيروز شديد الصفاء والخاتم على هيئة لفظ الجلالة، لم يخف إعجابه به لكن الجيب خال...." (الدسوقي شتا، 1995م: 26)، يُعدّ هذا الاسترجاع لأحداث زيارة العام الماضي لسوق مدينة مشهد من الاسترجاعات الضرورية في سرد أحداث القصة وتطورها؛ حيث أن شخصية صاحب محل الأحجار الكريمة سيكون سببًا في ملاحقة السافاك لشخصية الدكتور "حامد البيلى" كما أن اسم الرواية مستمد من حجر الفيروز الذي اشتراه الدكتور "حامد البيلى" دون دفع ثمنه ورمز لثراء إيران وقيمتها، كما أن الدم يشير إلى أحداث الثورة وماتبعها من مواجهات مع نظام الشاه، وقيمة تقنية الاسترجاع هنا تتمثل في ربط أحداث الرواية للمتلقي حتى يربط الأحداث بعضها البعض.
ومن المواضع الأخرى التي تمّ توظيف تقنية الاسترجاع بها الآتى: "كان يدالله من نجف آباد بريف أصفهان، وكان ولا يزال صبيًا حدثًا عندما كان أصبع واحد من آية الله الكاشانى يهز إيران طولًا وعرضًا، كان ملك إيران غير المتوج، ويوم أن كان نواب صفوي وجماعته من "فدائيان اسلام" يعتبرون سيف الله المسلط لضرب من تسول له نفسه أن يريد الاسلام بسوء، يغتالون رئيس الوزراء ويخرجون من السجن وحول رؤوسهم هالات البطولة، يومها أحس الصبى الصغير أن العمامة أقوى كثيرًا من التاج، وأن لابسي العمائم في سبيلهم إلى الحكم والسلطة.." (المصدر نفسه: 60) تشير تقنية الاسترجاع السابقة إلى تسليط الضوء على جزء من حياة إحدى شخصيات الرواية وهو "يدالله" أحد رجال المقاومة الإيرانية ضد الشاه، والاسترجاع هنا كان غرضه إبراز ملامح إحدى الشخصيات وفكرها والكشف عن أسباب قيامها بأفعال في زمن أحداث السرد.
وكان استغلال تقنية الاسترجاع بهدف الكشف عن ملامح شخصيات الرواية هو الغالب على مواضع استخدام تقنية الاسترجاع؛ فهناك شخصية مهمة من شخصيات الرواية ألا وهى شخصية "سيما" التي كشفت تقنية الاسترجاع الروائي عن أبعاد شخصيتها قبل زمن السرد فقال الراوي عنها:" ... عندما عاد، اتصل بسيما وأختها، كانت سيما دون الخامسة عشرة، وبرغم صغر سنها كانت تبدو وكأنها الكبرى، وكانت أسئلتها عن أخيها متميزة، وكانت في نفس الوقت ذات عينين صورة طبق الأصل من عيني أخيها اللتين كانتا أول ما فتح عليه عيناه عندما أفاق من غيبوبته...". (المصدر نفسه: 222) يوضح النص السابق الاسترجاعي والذي كان يسترجعه "مهيار" وهو أحد شخصيات الرواية شخصية "سيما" قبل زمن السرد وفيه تظهر المعاناة التي عاشتها والوحدة التي قضتها في طفولتها والتي كانت تجعلها حزينة كثيرًا.
كما أن تقنية الاسترجاع استطاع الراوي توظيفها للتأكيد على الصراع بين شخصيات الرواية ومنها إبراز الصراع القديم بين شخصية الدكتور "سعدالدين" الحاقد والحاسد على الدكتور" حامد البيلى"، فبعد أن وقع الدكتور "سعدالدين" في فخ السافاك وتمّ تصويره وهو يمارس الرذيلة مع إحدى البغايا تذكر الآتي: "... كانوا في رحلة سابقة يقيمون في فندق وسط المدينة، وكان الفندق مركز تجمع للبغايا اللائي لم يسقطن بعد إلى مستوى "شهرِ نو"، كانت متعة البيلى وسعدالدين أن يجلسا معهن في الاستقبال يتبادلون النكات الخارجة، ويسألاهن عن معاني أحط المصطلحات البذيئة التي لم ترد في المعجم، وفكر سعدالدين ذات ليلة أن يستدعي إحداهن إلى حجرته.. فإذا بالبيلى ينفجر ضاحكًا وهو يقول: اعقل يا أحمد.. نحن هنا أجانب والعيون علينا.. تخيل صورتك عاري المؤخرة مع إحداهن، ثم صورة مؤخرتك الوقورة تمضي في خطاب إلى جامعتك الموقرة، لا تنس يا عزيزى أننا في بلد اخترقه الاسرائيليون حتى النخاع.. والليلة صور كل شيء، مؤخرته ومقدمته وأعلاه وأسفله...". (المصدر نفسه: 91) كان لجوء الراوي لتوظيف استرجاع للحدث السابق في أثناء عودة "سعدالدين" لدار الضيافة بعد تورطه مع السافاك ليوضح مدى اختلاف تفكير شخصية "سعدالدين" وشخصية "حامد" وكذلك سيكون تذكر مثل هذا الموقف القديم وما يعانيه "سعدالدين" من خَزي شعلة لزيادة نار الحقد والحسد لدى "سعد الدين" ضد "حامد البيلى".
مماسبق يتبين أن تقنية الاسترجاع الروائي في رواية "الفيروز والدم" كان الهدف الرئيس منه كشف ماضي شخصيات الرواية قبل زمن السرد حتى تتضح كل أبعاد شخصيات الرواية للمتلقي حتى يربط بين أفعال الشخصيات الحالية وماضيها وما به من مواقف وأحداث.
2- الاستباق الروائي في رواية "الفيروز والدم"
ورد تعريف تقنية الاستباق الروائي في "معجم المصطلح السردي" بمعنيَين؛ الأول وهو "Anticipation" وتعني التوقع وعرفه "برنس" قائلًا: "استباق أو لقطة مستقبلية، مفارقة زمنية تحدث في المستقبل قياسًا إلى اللحظة الراهنة (أو اللحظة التي يتوقف الوصف الزمني لمساق معين ليفسح النطاق للتوقع" (برنس، 2003: 26)، أما المعنى الثاني فهو "Flashforward" ويعني الاستباق أو تمهيد أو تهيئة وهو يستخدم غالبًا في السرد السينمائي" (المصدر نفسه: 86) وتوظَّف تقنية الاستباق الروائي داخل العمل الروائي بعدة طرق؛ إما عن طريق الحُلم حيث تصبح الأحلام وسيلة توضح تنبوءات واستشرافات للمستقبل بالنسبة للمتلقي وهي تتصف بأنها أحداث غير يقينية حيث أن نسبة تحقيقها مستقبلًا مشكوك فيها وفي حالة عدم تحقيقها في المستقبل فأنها قامت بدور التشويق والانتظار بالنسبة للمتلقي، والطريقة الثانية تكون عن طريق اقتراح بما سيحدث في المستقبل من قبل الراوي فتكون وصف وتدخل منه في زمن السرد لزمن استباقي مستقبلي. (خبشي و تحريشي، 2017م: 162)
ولقد وُظِّفت تقنية الاستباق الروائي في رواية "الفيروز والدم" بطريقة الحُلم. ومن النماذج التي تدلّ على توظيف الحُلم ليكون وسيلة تنبؤ بالأحداث المستقبلية في الرواية الآتي:" برغم أنه جعل جهاز التكييف في الغرفة في أقصى درجات تبريده، ظل العرق الغزير يتصبب من كل مسام جسده، نائم غريق في عرقه مفتوح العينين "كنوم الأسماك تحت الماء".. رأى نفسه يمشي ذات صباح غائم من أصباح الشتاء على كوبرى قصر النيل.. ونزل الغواصون بملابس سوداء فأخرجوا جثة غريق منتفخة أكلت الأسماك أطرافها.. تجمع الناس حول الجثة فقامت وأخذت ترقص والناس يفرون فزعًا.. نظر إليها فإذا بها جثة علي أصغر مزينانى المتشحطة في دمها في نهر الشارع وقد تدحرجت اللبدة من فوق رأسها غير بعيد عنها، ثم خرجت جثث كثيرة من النهر سحبت الجثة وهي تغمغم بصوت كالفحيح.. لم يأن الأوان بعد، واختفت كلها في النهر". (الدسوقي شتا، 1995: 34) يلحظ أن الحُلم هنا يمثل وسيلة من وسائل التنبؤ بالمستقبل والأحداث التالية، والحُلم هنا يعد حُلمًا بطريقة غير مباشرة يعتمد في تفسيره على فك شفرات الرموز التي ظهرت به فأولا "الجثة" - وهي جثة "على أصغر مزيناني"- هي رمز لإيران نفسها التي أكلها الأسماك، وترمز "الأسماك" في الحلُم إلى رجال نظام الشاه والمنتفعين من هذا النظام، وكانت "الجثث" الأخرى هي رمز لكل شهداء المعارضة الإيرانية السابقين، وكانت إشارتهم بقولهم "لم يأن الأوان بعد" أن الثورة ونجاحهم في القضاء على نظام الشاه لم يأت ولكنه اقترب.
أما عن توظيف تقنية الاستباق الروائي بطريقة تدخّل الراوي في السرد وإشارته لما سيحدث في المستقبل لم تظهر في الرواية ولكن كان الراوي يعتمد على إشارات غير مباشرة ربما تتوافق فيما بعد مع أحداث الرواية ومنها تصور وظنّ "حامد البيلى" بطريقة وقوع الخلية1 والقضاء عليها بأيدي رجال السافاك؛ ففي حديثه مع "سيما يقول لها: "لا تلعبوا بهذه الورقة، ولا تعوّلوا عليها كثيرًا فأن ألف رأس كرأسي لن تعكر صفو الهيام الساداتي الشاهنشاهي2 تحت مظلة العرابة الأمريكية والمباركة الصهيونية... بالعكس تصفيتى3 حل سعيد أكثر رحمة من احتمال ثالث يراودني ولا استطيع البوح به لك./ - ماهو؟/ - أن تكونوا أنتم أيضًا مراقبين ونسقط جميعًا في اللحظة التي يحددونها وقد أكون متروكًا للإيقاع بكم جميعًا، قد يكون ظهوركم في الصورة هو الذي أخر القبض علي .. أنتم الدليل الذي يبحثون عنه". (المصدر نفسه: 164) وكان هناك تنبؤ من بعض الشخصيات بمستقبلها ومنها شخصية "سيما" فدائمًا كانت "سيما" تتنبأ بأن موتها وشيك وأنه قريب وهذا يتضح في أكثر من موقف وموضع داخل الرواية منها على سبيل المثال: ".. قالت له ذات مرة يكفيك أن تصلع قليلًا حتى تشبهه تمامًا.. فقال برغم عدم ميلي لأن ترى أي إنسان آخر في حتى ولو كان شريعتي فأنا أقول لك.. اصبري.. إن هي إلا بضع سنوات فسوف أكون أكثر صلعًا منه.. فلا تمنع نفسها من الرد عليه: وهل يمتد بنا العمر معًا لسنوات أيها الحبيب؟ مرات عديدة كانت تشعره أنها تحس أن الإقامة معه مؤقتة، وأن أوان الفراق آت لا محالة فتتشبث به وتتوحد وتندمج وتنصهر... ". (المصدر نفسه: 244) ومن خلال توظيف تقنية الاسترجاع والاستباق الروائي في رواية "الفيروز والدم" يتضح أن الرواية اعتمدت على تقنية الاسترجاع الروائي أكثر من تقنية الاستباق الروائي وهذا يتناسب مع طبيعة الرواية وأحداثها القريبة للواقع في أحدث فترات التاريخ الإيراني والمليئة بالأحداث المتسارعة؛ لهذا فلم يكن من المنطقي التنبؤ بالمستقبل وما سوف يحدث فيه في ظل الأحداث وما هو غير متوقع من كرّ وفرّ بين المعارضة والنظام السياسي في تلك الفترة وإن كان الراوي تنبأ بانتصار المعارضة على نظام الشاه. كانت تقنية الاسترجاع الروائي عاملًا مؤثرًا في إبطاء تسارع أحداث الرواية حيث كان الراوي يلجأ إلى تقنية الاسترجاع الروائي مما كان يجعل الرواية تتوقف ويعود زمن السرد إلى الخلف مما يؤدي إلى إبطاء تسارع إيقاع أحداث الرواية.
المحور الثاني: إيقاع السرد وتقنياته في رواية" الفيروز والدم"
عرّف جيرالد برنس الإيقاع المتعلق بالرواية قائلاً: "الإيقاع Rhythm هو نمط متكرر في سرعة السرد وبعامة أي نمط للتكرر مع شيء من التنوع وأكثر الإيقاعات شيوعًا في السرد الكلاسيكي يحدث نتيجة للتناوب المنتظم بين المشهد والخلاصة". (برنس، 2003م: 200) وعليه - كما سبقنا القول - فالمقصود بالإيقاع السردى داخل العمل الروائي هو التحكم في مدى تسريع إيقاع الأحداث داخل الرواية أو العكس أي التلاعب بزمن السرد، وهذا التنوع يكون بدوافع فنية داخل الرواية. ومن أبرز تقنيات إيقاع السرد في الرواية ما يأتي:
1- تقنية الحذف
يقصد بها حذف فترة زمنية من زمن الأحداث يراها المؤلف أنها غير مهمة وهذا الحذف يؤدي إلى سرعة إيقاع السرد داخل الرواية؛ حيث إن الحذف أدی دوره في تجاوز فترة من زمن الأحداث، ومن البديهى ألا يسرد المؤلف كل الأحداث لكنه يركز على الأحداث الهامة والتي توضح رؤيته ووجهة نظره (عامر، 2020: 210) ويكون أسلوب إبراز عملية الحذف في الرواية معتمدًا على نوعَين من الناحية الشكلية؛ النوع الأول وهو الحذف الصريح والذي يشير إلى حذف فترة زمنية محددة وواضحة من الحدث والنوع الثاني ويطلق عليه اسم الحذف الضمني ويكون بشكل وأسلوب غير مباشر أي بطريقة ضمنية تفهم من واقع أحداث الرواية. (جنيت، 1997: 117-118)
لقد وظفت تقنية الحذف في رواية "الفيروز والدم" بشكل يخدم الرواية في تجاوز بعض الفترات الزمنية –كانت سمتها الغالبة فترات قصيرة - داخل أحداث الرواية وغالبًا كان توظيف تقنية الحذف في الرواية بغرض الدفع بالحدث. من نماذج على ذلك ما ورد في الرواية كالتالي: "عندما سقطت قنبلة على مخزن الأسلحة، كان معظم الرجال قد سلكوا السرداب لم يكن قد بقي في الدار سوى كاظمي وسرمدي و.... سيما ستار اوغلو. عندما فتح حامد عينيه.. كان قد مرّ شهر كامل منذ خرج من السرداب إلى الكرج...". (الدسوقي شتا، 1995: 261) يتبين من النص السابق أن بعد سقوط القنبلة وموت كل مَن كان في البيت بما فيهم "سيما" حذف الراوي أحداث مدة زمنية تبلغ الشهر "قد مر شهر كامل" وهذا الحذف لأحداث شهر كامل كان بغرض الدفع بالأحداث للأمام لمعرفة المجهول الذى ينتظر البطل "حامد البيلى" كما أن هذه المدة كانت فترة تساوى الحزن الذي سيطر على البطل.
وكانت تقنية الحذف في بعض الأحيان لا تتعدی الدقائق القليلة وهي في حقيقة الأمر تناسب الحدث؛ ففي موضع في الرواية يقول الراوي: "بعد دقائق.. كنا في قمة طهران في مطعم كان حامد قد اكتشفه في احدى جولاته المتعددة التي يقوم بها في المدينة لمجرد الاكتشاف... " (المصدر نفسه: 166) فالحذف هنا يناسب طبيعة الحدث؛ حيث إن كل من سيما وحامد يريدان الاختفاء بعيدًا عن أعين رجال السافاك وهذا يجعله لا يزيد في المدة الزمنية التي يريد حذفها، كما أن الحذف هنا مناسب لطبيعة كل منهما وطبيعة الشارع الإيراني؛ حيث لم يستغل الراوي الوقت للوصول إلى المطعم لإقامة حوار بينهما؛ لأن هذا غير وارد للشخصيتين وهذا ما قالته سيما في حوارهما قبل دخول السينما والذهاب إلى المطعم حيث قالت: "طالت وقفتنا... أرجوك، انهي هذا الموقف... خذي التذكرة أو قدّمي البديل، أخشی أن نلفت الأنظار". (المصدر نفسه: 158)
وأيضًا وظفت تقنية الحذف في رواية "الفيروز والدم" في نموذج آخر إشارة إلى الدفع بالحدث وتحديد مصير إحدى شخصيات الرواية فقد جاء في الرواية الآتي: "ولم يمض شهر حتى كانت شيرين طيبى طالبة في تلك المدرسة في قم.. لم يكن هناك بد أمام فرهاد طيبى من الموافقة.. على الأقل ليركز السافاك عينه عليها هناك بدلًا من أن يطارد الأسرة كلها". (المصدر نفسه: 286) أدت تقنية الحذف هنا دورًا في التأكيد على القرار المصيري الذي اتخذته "شيرين طيبى" بالاتجاه إلى مدينة قم والتعلم في حوزتها العلمية، فقد ساعدت تقنية الحذف هنا على حذف الفترة الزمنية لإظهار سرعة التحاقها بالحوزة كما أنه كان تحديد المدة الزمنية القصيرة المتمثلة في أقل من شهر تقريبًا إشارة واضحة على اتخاذ قرار كهذا من ناحية "شيرين" ووالدها "فرهاد" إشارة إلى مدى إصرار الشخصية على تحقيق رغبتها وهدفها حتى أن الراوي أكّد على ذلك قائلًا: "حتى كانت شيرين طالبة في تلك المدرسة..." أي أن الأمر حسم تمامًا.
ومن النماذج الأخرى على استغلال تقنية الحذف الآتى: "دق الجرس ثانية، وخرج المؤتمرون يتناولون الشاي والمرطبات تمهيدًا للعودة، صمت، ثم انشغل مع صديق هندي، ثم انتهى اليوم الأول بخيره وشره، كما انتهى اليوم الثاني، وها هو في مجلسه المختار في رحاب الإمام..." (المصدر نفسه: 7)، ويتضح أن استخدام تقنية الحذف هنا كان دليلاً وإشارة على التحقير من أعمال المؤتمر وإظهار الشعور بالملل من برنامج المؤتمر المتشابهة والتي لا تحوي أي جديد يذكر عن مؤتمرات الأعوام السابقة وكأن جدول أعمال المؤتمر محفوظة.
وفي موضع آخر كانت تقنية الحذف تفهم من سياق الحدث وسرد الراوي وليست محددة بفترات زمنية ومن تلك النماذج، الآتية: "... مرت أيام بابلسر الباقية بسلام، تركت "شيرين طيبى" خلفها أريجًا لا ينفد وإن لم يفتقدها حامد، سيما المستعدة لأن تفديه بالحياة أحق بأن توهب لها الحياة... ". (الدسوقي شتا، 1995: 126) ففي النص السابق حذف الراوي الفترة الزمنية الباقية من رحل الوفد المصري لمنطقة "بابلسر"، وتری الباحثة أن الراوي حذف الأيام الباقية من الرحلة دون تحديد مدتها؛ فضمنيًا وبإستخدام اللغة (مرت/ الباقية) يفهم أن هناك حذف زمني لأحداث هذه الرحلة، وتری الباحثة أن هذا الحذف يتناسب مع رؤية الراوي ونظرتها لهذه الرحلة التي ليس لها أي أهمية وماهي إلا عبارة عن حشو وتضييع وقت لجدول الرحلة، كما أن التصادم الذي حدث في بابلسر بين فكر البطل "حامد البيلى" وأفكار الانفتاح الفج في إيران دفع البطل للسكون والسكينة وهذا ما عبَّر عنه بلفظة "بسلام"، ومن المواضع الأخرى في الرواية والتي تشير إلى الحذف الضمني الآتي: "... هكذا الحياة لابد وأن تستمر.. هي باقية تمضي في مسيرتها وليس من ديدنها التوقف. وهكذا فذات مساء خريفي تمّ زفاف سيما على حامد بوكالة مهيار وبشهادة يدالله ومحسنى...." (المصدر نفسه:241)، ففي النص السابق يتبين أن الراوي قد مهد لتقنية الحذف في حديثه عن الحياة وعدم توقفها واستمرارها مهما حدث "الحياة لابد وأن تستمر/ تمضي في مسيرتها/ وليس من ديدنها التوقف" حتى يستخدم تقنية الحدف للإشارة إلى ليلة زفاف "حامد" و"سيما" في قوله: "وهكذا فذات مساء خريفي..." وكأنه حذف فترة وأحداث كانت تدور في البيت الذي لجأ إليه "حامد" بعيدًا عن أعين رجال السافاك ورجال الشاه.
ويتبين مما سبق أن الراوي لم يلجأ كثيرًا إلى استخدام تقنية الحذف في الرواية حيث كانت نماذج ومواضع استغلال هذه التقنية هي الأقل من بين تقنيات إيقاع السرد في الرواية، وتری الباحثة أن هذا يرجع في الأساس إلى طبيعة الرواية ومضمونها، فهي رواية تتناول بطبعها فترة زمنية قصيرة جدًا لا تتعدى العام الواحد فلم تتناول الرواية عقدًا أو جيلًا أو فترات أكبر من ذلك حتى تتنقل للفترات الزمنية وتتجاوز بعضها، كما أن الرواية كانت واقعية لتأريخ وتسجيل جزء من مقاومة ومعارضة الشعب الإيرانى خاصة معارضة رجال الدين لنظام الشاه وهذا جعل الراوي يسرد الأحداث بتسلسلها الواقعي دون القفز بالزمن، وكان توظيف تقنية الحذف في الرواية يعتمد فقط على المرور بفترات قصيرة جدًا في حياة الشخصيات مثل "شيرين طيبى" والأحداث مثل حالة "حامد"بعد مقتل "سيما"، فكان غرض الراوي الأساسي هو الدفع بالحدث أو التأكيد على طبيعة شخصيات الرواية وسماتها.
2- تقنية الوقفة
تُعد هذه التقنية إحدى التقنيات الروائية الخالصة وهي ترتبط بشكل مباشر بشخصية الراوي وكذلك بدوره في السرد، والبعض يرى أنها امتداد للوصف في الملحة الإغريقية فتقع هذه المقاطع الوصفية خارج الزمن القصصي وإخبارها للمتلقي (قاسم، 2004: 92)، ويقصد بها أن يتوقف الراوي عن الحكي لعرض مشهدٍ ما أو شخصيةٍ أو تحليل رد فعل ومِن ثَمَّ يتوقف الزمن عن السرد تمامًا؛ أي أنها تقنية وصف يمتلكها الراوي داخل النص وعن طريقها يتحدث الراوي للقاريء بعيدًا عن الشخصيات، وعليه فتكون هذه التقنية إحدي التقنيات التي تساهم في الإبطاء من سرعة السرد ليظهر دور الراوي وتحليله للأحداث أو الشخصيات ثم العودة مرة أخرى للسرد. (عامر، 2020: 211-212)
وهذا الأمر يبدأ من بداية الرواية فقد جاء في استهلال الرواية توقّف الراوي في توضيح طبيعة زوار ساحة الإمام الرضا في مدينة مشهد قائلًا: "... في ساحة الإمام الرضا تستطيع أن ترى كل إيران، أن تسمع كل لهجاتها، أن ترى رجال قبائل البختياري والقشقائي بملابسهم وسراويلهم وعمائمهم وأجسامهم الضخمة ونساءهم بجدائل الشعر المستعارة ذات الأشكال الهندسية وبالوشم، فقط عليك أن تنتظر أن تنزاح الطراحة وما أكثر ما تنزاح الطراحة..." (الدسوقي شتا، 1995: 3) ويستكمل توقُّف الراوي في إبراز معرفته بإيران وأهلها قائلًا: "...تستطيع أيضًا أن ترى اللور بهذه الغلظة البادية عليهم والتي تخفى خلفها طيبة شديدة، هؤلاء تستطيع أن تجدهم في كل مكان يقومون بكل عمل وغالبًا ما تبدأ الفكاهات بذكرهم " كان فيه واحد لورى" قدر هو في كل بقاع العالم أن يكون أكثر الناس عملًا هو أكثرهم تعرضًا للسخرية؟ ما علينا، لكن حذار أن تتبسط مع أحدهم أكثر مما ينبغي، أو أن تقترب من حريمهم أو أن يلمح ظل ابتسامة على وجهك وأنت تقترب من مجلسه، فليس هناك من هو أكثر فظاظة من لوري تستثار غيرته، عليك أولًا قبل أن تقترب من حلقة ما أن تسأل عن الموطن، فإن كانت من "رشت" فتقدم ولا حرج، وإن كانت من أصفهان فقد سعد زمانك، أما إذا كانت من طهران فتريث فالعواصم تضم بين حدودها آلاف الأمزجة، ومن هنا فهي خادعة، لكن ما بالي أقدم لك هذه النصائح وماقيمتها وأنت في حرم ديني... " (المصدر نفسه: 3)، يتبين في النصَين السابقَين أن هدف الراوي في الاعتماد على تقنية الوقفة کان إبراز معرفته وإلمامه بالشخصية الإيرانية وطبيعة أهلها وأكَّد ذلك قائلًا: "لكن ما بالي أقدم لك هذه النصائح وماقيمتها وأنت في حرم ديني" فهو يدرك تمامًا أن هذه معلومات ونصائح وليست جزءًا من عناصر سرده بل هي فرض لثقافته وخبرته بإيران وأهلها، فاستخدم الراوي لغة الخطاب المباشر للمتلقي حيث يقول: "تستطيع أن ترى/ عليك أن تنتظر/ تستطيع أيضًا أن ترى/ لكن حذار أن تتبسط.." وهذه العبارات كلها تتفق مع فكرة النصائح التى أشار لها الراوي في نصه.
وفي أثناء رحلة بطل الرواية الدكتور "حامد البيلى" من مشهد إلى بابلسر وظّف الراوي تقنية الوقفة لتوضيح مدى تناقض صورة إيران التى سعى نظام الشاه في تصديرها عن تمدن إيران في عهده وحقيقة واقع الشعب الإيراني "... لا يوجد بلد متعدد المستويات مثل هذا البلد، ولا بد أن الطبقة المغلقة على ذاتها في هذا البلد لا تزال تعيش مثلما تعيش عوالم عديدة وكل عالم له لغته وعاداته بل ومذهبه وكل شخصية منغلقة على ذاتها، تعاشر الإيرانى طويلًا وتظن أنك تعرف عنه كل شيء وتكتشف في النهاية أنك لا تعرف إلا ما أراد أن يعرفك إياه، فكيف يمكنك التعرف على أحد يأمره مذهبه بأن يكتم "ذهبه وذهابه ومذهبه" وأن يتقى منك تقاه؟ وهكذا كلما اقتربت من هذا العالم اكتشفت أن لازلت بعيدًا عنه، هل من الممكن أذن لأى نظام هنا أن يقوم اعتمادًا على تبادل آراء أو حرية؟ إيران أقدم ديكتاتوريات العالم كم تحتاج لكي تتخلص من هذا التراث الطويل للديكتاتورية وتستعيد الحرية؟ ما الضمان لجمع كل هذا الشتات؟ تسلط الطبقة أو الشريحة قدر إذن؟ ثم تتجه الأبحاث إلى هذه الطبقة وتكون هناك طبقات أخرى تنمو في الخفاء ثم تظهر فجأة على السطح، هذه ظاهرة متكررة في التاريخ الإيراني .. أي جامع يلم شعث هذه الأجزاء المتفرقة؟ الشاه يقول: الشاهنشاهية أو الفوضي، لكن الشاهنشاهية أخذت فرصتها طيلة خمسة وعشرين قرنًا ولم تلم شتات أي شيء.. ورجال الدين يقولون: الشاه وثن وطاغوت، الاجتماع حول ملك يشبه الاجتماع حول وثن ولا شيء يستطيع أن يجمع هذا الشتات إلا الإسلام.. الإسلام هو الذي وحد البلد وحدة حقيقية ومنحها وجهًا متميزًا وهو قادر في النهاية على جمع الفارسي والكردي والعربي والأذري والبلوشي، لكن القوميين يقولون: لا الإسلام.. فهو في هذه البلد بالذات عامل فرقة وليس عامل وحدة، عنصر حروب ومذهبية ومذابح، أقلية تنظر دائمًا إلى الأغلبية نظرة شك وتثير معارك عفا عليها الزمن، وتطبع الشخصية الإيرانية بطابع التفردية والاستيطان، ثم أن رجال الدين لا يتفقون أبدًا فيما بينهم، تقرأ جدلياتهم فيدور رأسك ثم أنهم بحكم تكوينهم لا يسمحون لأحد بالدخول بينهم، حتى أولئك الذين يحاولون جعل المذهب أكثر حياةً والتحامًا بالناس ينظرون إليهم نظرة شك، قد يستخدمونهم عند الحاجة لكن مرحليًا، يقولون عنهم أنهم ماركسيون متخفون، وهو نفس رأى النظام وينادون بالتشيع الخالص دون تعريف، أي تشيع؟ تشيع ما قبل الصفويين أم تشيع الصفويين؟ أو تشيع الروايات الشعبية؟ شيء محير" (المصدر نفسه: 56- 57)، سعى الراوي في النص السابق إلى استخدام تقنية الوقفة لتوضيح مدى الصراع الفكري والسياسي القائم في إيران في الفترة الأخيرة من عهد الشاه "محمدرضا بهلوى" وتوظيف الراوي هنا لهذا الصراع والجدال تؤكد الفكرة من توظيف تقنية الوقفة ألا وهي إبراز مدى إلمام الراوي بالشأن الإيراني، كما أن توظيف تقنية الوقفة من الناحية الفنية يتناسب في هذا الجزء من الرواية مع إبطاء سرعة إيقاع السرد بظهور السفر الممل إلى "بابلسر".
ولقد وظّف أيضًا الراوي تقنية الوقفة في موضع آخر من الرواية لشرح الحالة الداخلية لإيران في نهاية فترة حكم الشاه "محمدرضا بهلوي" وما كانت تعانيه إيران في ذلك الوقت حيث قال: "... هذا هو الإعلام الحقيقي هنا، هذا هو نبض الناس الحقيقي، أما ما يعرضه التليفزيون أو تبثه الإذاعة فلا يجلب هنا الا الاستهجان، لا يؤبه به، ولا اعتبار له، كل منطقة في هذا البلد جزيرة، جزيرة قائمة بذاتها، تحيط بها حواجز من جنس أو لغة أو مذهب حتى حواجز جغرافية، أنواع عديدة من التفرد داخل كيان متفرد...". (المصدر نفسه: 9)
ولم تكن تقنية الوقفة مرتبطة فقط بإبراز المعلومات السياسية والفكرية في إيران في نهاية عهد الدولة البهلوية ولكن استخدمها الراوي لتوضيح مدى تقيد الحريات على الأدباء بشكل عام في تاريخ إيران الحديث فيقول: "... يعلم أن المصيبة في هذه البلد أن السلطة عندما تسجن أحدًا تسجنه وتسجن معه أعماله، وعندما تقتل أحدًا تقتل معه أعماله واسمه كأنه ما وجد ولا حملته الأرض، تطارده حتى بعد موته، كان هناك شاعر مسكين اسمه ميرزاده عشقي، كان شابًا طموحًا لكن سوء حظه جعله يظهر وقت ظهور الشاه الكبير، وكان لابد أن يصطدما والنتيجة معروفة نتيجة اصطدام أرباب السيف مع أرباب القلم، اغتيل الشاعر وهو في الثانية والثلاثين من عمره، وبعد اغتياله بخمسين عامًا أو يزيد احتج المستشار الثقافى للشاه في مصر على جامعة قبلت تسجيل رسالة ماجستير عن حياة الشاعر وشعره... هكذا يكون العداء وإلا فلا، فمابال براهنى وافغانى قد اختفيا دون كتبهما.. براهنى الذي قدمه السفير الإيرانى بكل فخر في قاعة ايوارت بالجامعة الأمريكية وكان يجلس بجواره متصاغرا.. ينكره أهل صنعته اليوم، وغدا تجمع كتبه يمحى من سجل الوجود، الوجود الذي مضی والوجود الذي سيأتي...". (المصدر نفسه: 33)
وبناء على ماسبق يلحظ أن تقنية الوقفة كانت من أهم تقنيات إيقاع السرد التي تمّ توظيفها في رواية "الفيروز والدم" وحازت على مساحة كبيرة من التوظيف داخل الرواية بداية من افتتاحية الرواية ومع أول فقراتها فرضت تقنية الوقفة سطوتها من بين تقنيات إيقاع السرد في رواية "الفيروز والدم" وذلك يرتبط بشخصية الراوي الذي يُعد عليمًا ومدركًا جيدًا لأبعاد الثقافة الإيرانية من حيث تاريخها وثقافتها وآدابها وعاداتها وتقاليدها وطبيعة الشخصية الإيرانية؛ لهذا نلحظ أن الراوي يتوقف كثيرًا في سرده لتوضيح بعض جوانب الثقافة والشخصية الإيرانية في الرواية، وتری الباحثة أن تقنية الوقفة هذه التي تمّ توظيفها في الرواية تحمل وجهَين؛ الأول إيجابى وهو إبراز شخصية الراوي وتأكيد منه على أن أحداث الرواية ووقائعها هو مدرك تمامًا لها جيدًا أي أنه نوع من أنواع الثقة بين الراوي والمتلقي، والجانب السلبي يتمثل في أن الرواية أصابها في الكثير من المواضع حالة من الإبطاء؛ فلو نظرنا مثلًا إلى استغلال تقنية الوقفة في بداية الرواية يتبين أن استغلالها سلبي لا يخدم الرواية كثيرًا فهي أدخلت المتلقي في حالة من المعلومات والشروحات في حين أن المتلقي يحتاج في بداية الرواية إلى حدث يجذبه ويجعله يندمج في الرواية أكثر من منحه تعليقات وآراء وشروحات.
3- تقنية التصوير البطيء
تعتبر هذه التقنية هي التقنية المعاكسة لتقنية الحذف، فإذا كان الحذف يعمل على إسقاط فترات زمانية ويتجاوزها لفترات أخرى فهو يعمل بذلك على تسريع الحدث والسرد، أما التصوير البطىء فتعمل على الإبطاء حيث يتعمد الراوي في عرض الحدث الذي لا يستغرق زمنًا طويلًا ويشعرنا بثقله على الشخصيات ويكون ذلك بطريقتين؛ إما بالاستخدام اللفظي الذي يدل على ذلك أو بتوظيفه داخل النص الروائي في عدد كبير من الصفحات، ومن ثَم تتشابه هذه التقنية مع تقنية الوقفة في أنهما يعملان على الإبطاء من سرعة السرد (عامر، 2020: 212-213)، ويتميز التصوير البطيء "بتزامن الحدث والنص حيث نرى الشخصيات وهي تتحرك وتمشي وتتكلم وتتصارع وتفكر وتحلم فالمشهد يمثل الانتقال من العام إلى الخاص". (قاسم، 2004: 95)
وقد وظفت تقنية التصوير البطىء في رواية "الفيروز والدم" بالطريقتين السابق ذكرهما، ومن نماذج الطريقة الأولى والتي يقصد بها استخدام الألفاظ التي تدل على استغراق زمن طويل للحدث، الآتي: " كان يعلم أنه نائم، وكان يريد أن يستيقظ من هذا النوم الثقيل، لكن شيئًا ما يشده إلى الفراش، عادة اكتسبها منذ صباه كان يقضي وقتًا طويلًا في الفراش يأكل في نفسه، متأملًا..بين النوم واليقظة يمر بخاطره خيال "سيما" تلك الزهرة الرائعة التى نبتت في جهنم، فهل تترك لها النار تحيط بها أريجها وجمالها؟ إن هو إلا لقاء عابر، فكم من الجميلات لمعن في حياته كالشهب، ثم لفّهم الليل العميق في ظلماته ومضين دون أن يتركن إلا الذكرى.. فلماذا تلح سيما على خاطره؟ وما هذا الخيط الخفي الذي يربطه بها؟ يحاول أن يبعدها عن ذهنه، لكن ما هذا البشر الذي يجتاح وجوده كلما أبصرها؟ ما هذا العبق الذي يحيط به كلما تذكرها؟ ما هذا الشعور الطاغي الذي يمتلكه بأنه كان يعرفها منذ زمن بعيد موغل في القدم.. وأن هذا اللقاء في قاعة المؤتمرات لم يكن اللقاء الأول بينهما؟ أنعشه ذكرها وطرد الأفكار المشئومة من رأسه.. مهما كان الأمر فهي رحلة تنتهي سوف يعود إلى بلده. تأخذه الحياة، فلا يلتقى بهذه الأرض إلا عندما يخلو إلى كتبه. نهض من فراشه فوجىء بأن نومه قد امتد فترة طويلة..." (الدسوقي شتا، 1995: 35)، يلحظ في الموضع السابق من الرواية أن الألفاظ مثل "النوم الثقيل/وقتًا طويلًا/ متأملًا/ فوجىء بأن نومه امتدّ فترة طويلة" أعطت للمتلقي الشعور ببطء الوقت حيث أصبح وقت استيقاظ البطل "حامد البيلى" وقتًا طويلًا ومثقلًا بالشعور المختلط مابين الحزن والحب والخوف واليأس، وفي الحقيقة كانت هذه الألفاظ وهذا التصوير ذو دلالة كبيرة ومتناسبة مع حالة البطل الشعورية في هذا الوقت.
وأيضًا برزت نماذج أخرى اُستخدمت فيها تقنية التصوير البطىء معتمدة على استخدام اللغة وتعدد الأفكار وليس عدد الصفحات الطويل ومن تلك النماذج، الآتى:
"- تأخرت عليك يا دكتور.. ما الذي أوقفك هنا؟ ألم يكن موعدنا أمام السينما؟ / - أهلا.. حيينى أولا.. فلولا هذا اللقاء لهلكت.. أنا هنا منذ يومين مرا علي كدهر.. ماذا فعلت في يا سيما؟ /- اسمي صديقه.. لا تنس شيئا والا كانت العواقب وخيمة" (المصدر نفسه: 156)، ففي النموذج السابق نرى أن استخدام عبارة "أنا هنا منذ يومين مرا علي كدهر"، فالعبارة تبث للمتلقي بمدى طول المدة الزمنية ومدى الإبطاء الذي مر على الراوي في تلك الفترة حيث إن لفظة "الدهر" هنا أدت إلى المزيد من الإبطاء، ومن النماذج الأخرى على استخدام الألفاظ في توظيف تقنية التصوير البطيء النموذج التالى: ".. كان عرض الصور المتحركة قد بدأ، ما إن أجلسه الدليل مكانه حتى تنفس الصعداء، نظر حوله فوجد المكان شبه خال، نظر إلى الشاشة دون أن يرى شيئًا، كل ذرة في جسده تنبض أولى به أن يتحكم في نفسه... مرت الدقائق بطيئة حتى شك في أنها سوف تأتى، لكنه لم يلبث أن أحس بها تدخل وملاءتها تحف الأرض..." (المصدر نفسه: 159)، كانت جملة "مرت الدقائق بطيئة" بما تحمله من مفارقة بمدى ثقل الوقت على الشخصية الرئيسة "حامد البيلى" وهذا الثقل الزمني كان متناسبًا ومتوافقًا مع حالة الخوف والارتباك التي كانت تعيشها الشخصية في هذا المشهد، والنموذج الثالث لهذا النوع من التصوير البطيء المعتمد على اللغة وألفاظها يظهر في النموذج التالي: "وضعت أصبعها على شفتيه وقالت: - أليس هو المطلع الذي قابلتني به ليلة حديقة التفاح؟ في فندق مشهد.. كانت ليلة جميلة./ - يخيل إلي أنها مضت منذ عهد بعيد ... من يصدق أنها كانت منذ شهر وبضعة أيام فحسب" (المصدر نفسه: 242)، يتشابه هذا النموذج مع النموذج الثاني -السابق له - في أن مفارقة المدة الزمنية هي التي توحي بالثقل وطول الوقت والمتمثلة في المفارقة والتضاد بين " منذ عهد بعيد" و" أنها كانت منذ شهر وبضعة أيام".
والجدير بالذكر أن هناك بعض النماذج لتقنية التصوير البطيء التي وردت في الرواية لكنها لم تكن تحمل ألفاظًا مباشرة وصريحة للتعبير عن طول الزمن وثقله ولكن كان يفهم من خلال مضمون الأحداث مثل رحلة "بابلسر" فتبدأ الرحلة كما جاءت في الرواية كالتالي: "فجر مشهد ندى النسمات، ثمة مطر خفيف سقط في الفجر فغسل المدينة التي لا تزال نائمة متحررة من الخوف ناجية من الضيم مستريحة من السلطة والنظام والسافاك..." (المصدر نفسه: 46) وجاء في موضع آخر في السرد الخاص برحلة "بابلسر" الآتي " – هانت4؟ يقال أننا لن نصل إلى بابلسر إلا بعد منتصف الليل وإذا كنت ستعطل السائق في كل استراحة بحديثك وقهوتك فلن نصل إلا ظهر الغد وسوف تتحطم عظامنا في هذا الطريق الجبلي" (المصدر نفسه: 54)، فالواضح من النص أن الرحلة استغرقت وقتًا طويلًا وكان هذا الوقت مملًا بالنسبة للكثير من الوفد المصري، وهذا الأسلوب في طريقة التصوير البطيء لم يظهر بوضوح في رواية "الفيروز والدم" على العكس من استخدام التصوير البطيء عن طريق الألفاظ الصريحة.
أما عن توظيف تقنية التصوير البطيء عن طريق استخدام عدد صفحات كثيرة للحدث الواحد يصبح مشهد رحيل البطل "حامد البيلى" وهو في مطار " مهر آباد " مستقلًا طائرةً للعودة إلى القاهرة من أطول المشاهد التي أخذت عددًا كبيرًا من الصفحات داخل الرواية حيث بدأ المشهد من صفحة 344 حيث كانت بداية المشهد كالتالي: "كان حامد قابعًا في كرسيه بمطار "مهرآباد".. ها هي السفينة توشك على المرسيي الأخير.. إن هي إلا بضع دقائق ثم ينادی على إقلاع طائرته... لكَم يحس بالخوف من هذه الدقائق الأخيرة.." (المصدر نفسه: 344)، وينتهي المشهد والرواية كاملة في صفحة 347 بالنص التالي: ".. ها هي طهران من أعلی مغسولة الأضواء بالدموع ترقد مقهورة.. والطائرة تبتعد بأقصي سرعتها وكأنها خائفة بدورها.. أضيئت أنوارها.. فمد ساقيه.. وأغمض عينيه.. ما أحلى النوم في أمان..أتراه أن نام أو استيقظ يستطيع أن يحلم بسواها؟"، فمشهد السفر والرحيل بالفعل وقتيًا لا يتجاوز كل هذه المساحة التى استغرقها الحدث في الرواية حيث أن الراوي نفسه أشار إلى أنها "بضع دقائق" لكنها استغرقت وقتًا طويلًا جدًا من التوظيف، وربما هذا التصوير البطيء للحدث يدلّ على مدى ارتباط شخصية البطل "حامد البيلى" بإيران، ومدى حجم الذكريات الكثيرة التي كان يسترجعها في هذه الدقائق التي مرت عليه وقتًا طويلًا.
يتبين أن توظيف التصوير البطيء في الرواية كان متناسبًا مع المواقف والمواضع التي وظف فيها الراوي هذه التقنية فقد كان توظيفها بدوافع فنية ودلالية وفق الراوي في الكثير منها في إدراكه لوظيفة هذه التقنية التي ساهمت في إبراز بعض الجوانب الشعورية التي كان يشعر بها بعض شخصيات الرواية.
النتائج
من أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة هي:
1- أن تقنية الاسترجاع الروائي في رواية "الفيروز والدم" كان الهدف الرئيس منه كشف ماضي شخصيات الرواية قبل زمن السرد حتى تتضح كل أبعاد شخصيات الرواية للمتلقي حتى يربط بين أفعال الشخصيات الحالية وماضيها وما به من مواقف وأحداث.
2- أن تقنية الاستباق الروائي كانت أقل توظيفًا من تقنية الاسترجاع الروائي في رواية "الفيروز والدم" وهذا يرجع إلى طبيعة الرواية التي تركز على أحداث قريبة للواقع وتوازي أحداث تاريخية في أكثر فترات التاريخ الإيرانى الحديث والمليئة بالأحداث المتسارعة؛ لهذا فلم يكن منطقيًا التنبؤ بالمستقبل وما سوف يحدث فيه في ظل الأحداث.
3- ومن خلال توظيف تقنية الاسترجاع والاستباق الروائي يتضح أن الرواية اعتمدت على تقنية الاسترجاع الروائي أكثر من تقنية الاستباق الروائي وهذا يتناسب مع طبيعة الرواية وأحداثها وكانت تقنية الاسترجاع الروائي عاملًا مؤثرًا في إبطاء تسارع أحداث الرواية؛ حيث كان الراوي يلجأ إلى تقنية الاسترجاع الروائي مما كان يجعل الرواية تتوقف ويعود زمن السرد إلى الخلف مما يؤدي إلى إبطاء تسارع إيقاع أحداث الرواية.
4- الراوي لم يلجأ كثيرًا إلى توظيف واستخدام تقنية الحذف في الرواية؛ وتری الباحثة أن هذا يرجع في الأساس إلى طبيعة الرواية ومضمونها، فهي رواية تتناول فترة زمنية قصيرة جدًا لا تتجاوز العام الواحد، كما أن الرواية واقعية وتسجيل جزء من مقاومة ومعارضة الشعب الإيرانى خاصة معارضة رجال الدين لنظام الشاه وهذا جعل الراوي يسرد الأحداث بتسلسلها الواقعي دون القفز بالزمن.
5- أن تقنية الوقفة نجدها بداية من افتتاحية الرواية فرضت سطوتها من بين تقنيات إيقاع السرد وذلك يرتبط بشخصية الراوي الذي يُعدّ عليمًا ومدركًا جيدًا لأبعاد الثقافة الإيرانية من حيث تاريخها وثقافتها وآدابها وعاداتها وتقاليدها وطبيعة الشخصية الإيرانية؛ فنراه يتوقف كثيرًا في سرده لتوضيح بعض جوانب الثقافة والشخصية الإيرانية في الرواية، وتری الباحثة أن تقنية الوقفة هذه تحمل وجهان؛ الأول إيجابي وهو إبراز شخصية الراوي تأکد المتلقي علی أن الراوي مدرک تماماً أحداث الرواية ووقائعها؛ فهذا يؤدي إلی نوع من أنواع الثقة بين الراوي والمتلقي، والجانب السلبي يتمثل في أن الرواية أصابها في الكثير من المواضع حالة من الإبطاء؛ فمثلًا استغلال تقنية الوقفة في بداية الرواية سلبي لا يخدم الرواية كثيرًا؛ لأن المتلقي يحتاج في بداية الرواية إلى حدث يجذبه ويجعله يندمج في الرواية أكثر من منحه تعليقات وآراء وشروحات.
6- أن توظيف التصوير البطيء في الرواية كان متناسبًا مع المواقف المعنية فقد كان توظيفها بدوافع فنية ودلالية ساهمت في إبراز بعض الجوانب الشعورية التي كان يشعر بها بعض شخصيات الرواية.
المصادر والمراجع
برنس، جيرالد. (2003م). المصطلح السردي (معجم المصطلحات). ترجمة عابد خزندار. الطبعة الأولى. القاهرة: المشروع القومى للترجمة - المجلس الأعلي للثقافة.
جنيت، جيرار. (1997م). خطاب الحكاية بحث في المنهج. ترجمة محمد معتصم وآخرون. الطبعة الثانية. القاهرة: المشروع القومى للترجمة - المجلس الأعلي للثقافة.
خبشي، فاطمة زهرة ومحمد تحريشي. (2017م). انزياح الزمن في رواية " أصابع لوليتا". مجلة آفاق علمية. العدد الثالث عشر. صص 160-175.
الدسوقي شتا، إبراهيم. (1995م). الفيروز والدم. الطبعة الأولى. القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1992م). المعجم الفارسي الكبير. الطبعة الأولى. القاهرة: مكتبة مدبولى.
رشيد، أمينة. (1998م). تشظي الزمن في الرواية الحديثة. الطبعة الأولى. القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب.
روشنفكر، كبری وفرشته آذرنيا. (2017م). الزمن الروائي في رواية "رماد الشرق" لواسيني الأعرج. فصلية إضاءات نقدية بين الأدبين العربي والفارسي. العدد 25، صص 9-43.
سرباز، حسن وزميلاه. (2015م). المفارقة الزمنیة فی روایة "المصابیح الزرق" لحنا مینة. مجلة الجمعية الإيرانية للغة العربية وآدابها. العدد 34. صص 83-104.
عامر، عزة عبداللطيف. (2020م). الراوي وتقنيات القص الروائي دراسة تطبيقية على نماذج من الرواية المصرية 1933- 1997م. القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب.
عبدالله زاده، فؤاد، وزملاؤه. (1402 ش). دراسة زمن السرد في رواية "فرانكشتاين في بغداد وفقًا لنظرية جيرار جينيت". فصلية إضاءات نقدية بين الأدبين العربي والفارسي. العدد 49. صص 61-77.
قاسم، سيزا. (2004م). بناء الرواية دراسة مقارنة في ثلاثية نجيب محفوظ. الطبعة الأولى. القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب.
لحمداني، حميد. (1991م). بنية النص السردي. بيروت: الدار البيضاء.
نزال نزال، رياض منشد، وزملاؤه .(1404 ش). المفارقة الزمنية بين الماضي الجميل و الحاضر البائس في رواية نحيب الرافدين (دراسة لتقنيتي الاسترجاع والاستباق). مجلة الجمعية الإيرانية للغة العربية وآدابها. العدد 74. صص 56-87.
[1] - الخلية يقصد بها الجماعة المعارضة.
[2] - الهيام أو الحب الساداتي الشاهنشاهي هو إشارة إلی العلاقات الطیبة بین أنور سادات وشاه إیران.
[3] - اغتیالي وقتلي.
[4] - تعبیر فی مصر یقصد به "هل اقتربنا؟".