تحلیل شخصیة البطل في روایة «قلب اللیل» علی أساس نظریة کارن هورناي
الموضوعات : Contemporary Literature Studiesأردشير جلالي 1 , أردشير صدرالديني 2 , مصطفى يگاني 3
1 - طالب دكتوراه في اللغة العربية وآدابها فرع مهاباد جامعة آزاد الإسلامية مهاباد إيران.
2 - أستاذ مساعد قسم اللغة العربية وآدابها فرع مهاباد جامعة آزاد الإسلامية مهاباد إيران.
3 - أستاذ مساعد قسم اللغة العربية وآدابها فرع مهاباد جامعة آزاد الإسلامية مهاباد إيران.
الکلمات المفتاحية: جعفر, نجیب محفوظ, تحلیل الشخصیة النفسیة, قلب اللیل,
ملخص المقالة :
هناک العلاقة بین الأدب والقوی العاطفیة وذات البشر وقد یمکن أنها توجب إزالة المشاکل النفسیة وتعزیز الإعتدال الروحیة ، فلذلک یمکننا التعرف علی ذات الکاتب ووجوده عن طریق تحلیل الإنتاج الأدبي. تتناول هذه المقالة بتحلیل شخصیة جعفر النفسیة في روایة قلب اللیل علی أساس نظریة کارن هورناي. إن هورناي قامت بإکمال المفاهیم نظریتها أو تنقیحها بوصفها الإخصائية طالبة التجدید في مجال تحلیل فروید النفسي. وجهة نظر هورناي عن الشخصیة هي صدی تجاربها الشخصیة کالباحثین الأخرین وبرأیها الطرق والتقنیات التي یعتمد المرء علیها للأمان تؤدي إلی خلق ثلاثة شخصیة بما فیها الباحث عن العاطفة ، والباحث عن السلطة ، و الباحث عن الوحدة والتفرّد. تمت هذه المقالة بمنهج الوصفي – التحلیلي. نظراً إلی أهم الحوادث في حیاة البطل لروایة قلب اللیل أي جعفر ، نشاهد أن حیاته مملوءة من تصاریف الدهر و هذه المشاکل والحوادث تنبثق من شخصیة جعفر العصبیة. مجموعة القیود غیر ضروري ، الجبر والظلم والقصور ، وتحقیر الطفل و عدم العنایة به تسبب خلق حالة من الغضب ، والإضطراب العمیق و الدائم.
تحلیل شخصیة البطل في روایة «قلب اللیل» علی أساس نظریة کارن هورناي
الملخص
هناک العلاقة بین الأدب والقوی العاطفیة وذات البشر وقد یمکن أنها توجب إزالة المشاکل النفسیة وتعزیز الإعتدال الروحیة ، فلذلک یمکننا التعرف علی ذات الکاتب ووجوده عن طریق تحلیل الإنتاج الأدبي. تتناول هذه المقالة بتحلیل شخصیة جعفر النفسیة في روایة قلب اللیل علی أساس نظریة کارن هورناي. إن هورناي قامت بإکمال المفاهیم نظریتها أو تنقیحها بوصفها الإخصائية طالبة التجدید في مجال تحلیل فروید النفسي. وجهة نظر هورناي عن الشخصیة هي صدی تجاربها الشخصیة کالباحثین الأخرین وبرأیها الطرق والتقنیات التي یعتمد المرء علیها للأمان تؤدي إلی خلق ثلاثة شخصیة بما فیها الباحث عن العاطفة ، والباحث عن السلطة ، و الباحث عن الوحدة والتفرّد. تمت هذه المقالة بمنهج الوصفي – التحلیلي. نظراً إلی أهم الحوادث في حیاة البطل لروایة قلب اللیل أي جعفر ، نشاهد أن حیاته مملوءة من تصاریف الدهر و هذه المشاکل والحوادث تنبثق من شخصیة جعفر العصبیة. مجموعة القیود غیر ضروري ، الجبر والظلم والقصور ، وتحقیر الطفل و عدم العنایة به تسبب خلق حالة من الغضب ، والإضطراب العمیق و الدائم.
الکلمات الرئیسیة: تحلیل الشخصیة النفسیة ، نجیب محفوظ ، قلب اللیل ، جعفر.
المقدمة
یعتقد هورنای بأنّه قد تکوّن أصل و جذر و بنیة" العصبیة" من قبل الأشخاص فی بیئة الطفل. معناه أنّه تزول و تتزلزل ثقة النفس له و نواة وجوده و ذاته من خلال التحقیر و التنزیل و الإرعاب و الظلم و الجور و الإستغلال و الإجبار و الإرغام و التشدّد وعدم الإهتمام بالضعف الطبیعی و الرغبات و المیول الخاصة له. کل القضایاء الذهنیة المتعقّدة التی تخرّب و تهدم کل حیاة الفرد العصبی و المتوتر، تبدأ من تیار واحد. یفهم الطفل تدریجیا و ضمنیا أنّه یجب علیه أن یسالم و یداری بالوجه الذی یکون للأشخاص عنیفا و مؤذیا و موهنا. یوجد ثلاث طرق لتحقیق هذا الهدف. الطریق الأول: إنّه یسعی أن یتصرّف و یشکّل سلوکه بالوجه الذی یکون وفقا لطلب و رغبة الأشخاص الذین حوله . ایضا یقوم بتربیة و تشکیل الأحاسیس و المیول و الرغبات و المعتقدات له بالوجه الذی تلائم و تتناسب مع المیول و الأحاسیس و المعتقدات للآخرین. فعلی هذا، یبدّل الی طفل یخضع للتوقّعات و الإنتظارات و الطلبات للآخرین. هورنای یذکّر هذه الشخصیة کالشخصیة المحبّ.
هورنای یعرف کأخصّائی یطالب إعادة النظر للتحلیل النفسی لفروید ، لأنّه قد أکمل مفاهیم و مضامین نظریة فروید أو قام بإعادة النظر فیها. قام هورنای بإبداء آرائه علی أساس النقطة الثلاث، القلق الأساسی و الإستراتیجیات الدفاعیة و الحاجات التی تتعب و تؤذی النفس .
فی نظریة القلق السیاسی، یعتقد هورنای بأنّ عوامل التربیة و الثقافة تعلی دورا هامّا و موثّرا فی کیفیة تکوّن شخصیة الشخص، لا العوامل الحیاتیة و الوراثیة، و القوّة التی تحرّض و تحرّک الأشخاص، الحاجة الی الأمان، لا المیل الجنسی والشخط . إنّه یؤکّد علی المجتمع و خاصة بیئة الأسرة و طریقة تعامل الوالدین مع الشخص، أکثر من أیّ عامل آخر و یعتقد بأنّ الأشخاص فی بیئة الفرد، یؤدّون الی إیجاد حالة الغضب و القل العمیق والدائم فیه عن طریق العلاقات العنیفة منها: القیود و الحدود غیرالضروریة و التی لا داعی لها والإشادة و الإعجاب الأکثر أو فقدانه، الدعم و المراقبة و الحمایة الکثیرة والنقد و الإنتقاد و اللوم و العتاب و عدم الوفاء و الوعد السیّء و الضغط و الإجحاف و الظلم و التحقیر و عدم الإهتمام و الإرعاب و الظلم و الجور و القهر و التشدّد و عدم الإهتمام بالحاجات و الرغبات و المیول الخاصّة للطفل و العوامل المختلفة کهذا، و هذه الحالة للغضب و القلق العمیق و الدائم تسمّی بالقلق الأساسی. بوجه وجیز، یمکن لنا أن نقول کذا: " ما یودّی الی تفکّک و تشوّش و ارتباک الشخص، یودّی الی ظهور القلق الأساسی فیه "(ورنون و هال،1369: 117 ).
فی نظریة "الإستراتیجیات الدفاعیة" ، الشخص الواقع فی البیئة العنیفة و غیرالملائمة و المؤذیة، یسعی أن یجد الطرق و الأدوات، لأن یوجد الإنسجام و التنسیق و الهدوء بینه و بین الآخرین و یدافع عن نفسه إزاء شرّهم. الطرق و الأسالیب و الإستراتیجیات الدفاعیة له هی: أنّه یسعی أن یقع نفسه تحت دعم أقوی شخص البیئة و یلتصق به، لأن یسلم من إیذائه و الآخرین. أو یمکن أن یکون متمرّدا و شخطا و محاربا بالوجه الذی لایمکن للأشخاص الآخرین أن یقوموا بإیذائه. الطریق الثالث : یسعی أن یعتزل عن الأشخاص الآخرین و یبعد عنهم و لایقرب من الآخرین روحیا و معنویا"( هورنای، الف 1377: 11 ). الطرق و الحیل و الأسالیب التی یلجأ الشخص الیها ، تؤدّی إلی إیجاد ثلاثة أنواع من الشخصیة، منها: طالب المحبّة و الودّ، و طالب الأفضلیة و الأرجحیة و الذی یختار العزلة.
فی نظریة الحاجات التی تتعب و تؤذی النفس، إعتقد هورنای بأنّ الإستراتیجیات الدفاعیة المذکورة، تبدّل الی الأجزاء و العناصر الثابتة لشخصیة الفرد، و لها شکل سائق و توثّر فی تصرّف و سلوک الشخص.
إنّه ذکر عشرحاجات و سمّاها متعب النفس و الروح ، لأنّها تکون کحلول غیر منطقیة لمشکلات الشخص. هذه الحاجات، هی: الحاجة الی المحبّة و تأیید و تصدیق الآخرین، الحاجة الی الشریک المقتدر فی الحیاة، و الحاجة الی قیود و حدود الحیاة و الحاجة إلی السلطة و القدرة، و الحاجة الی الإستغلال و الإنتفاع و الحاجة الی السمعة و المصداقیة و الحاجة الی الإشادة الشخصیة و الحاجة الی النجاح و العزم العالی و الحاجة الی الإکتفاء الذاتی و الإستقلال و الحاجة إلی الکمال و البعد عن نقد و انتقاد الآخرین. ما یودّی الی أن تصبح هذه الحاجات، غیرطبیعیة، السعی الشدید و الإحساس بالإجبار لإرضائهم کالأداة الوحیدة لدفع و رفع القلق السیاسی(شولتز، 1378: 180 و 179). فعلی هذا، فی شخصیة بطل القصة و الروایة" قلب اللیل" ، یمکن لنا أن نشاهد ثلاث نظریات. شخصیة جعفر بعد توفی أمّه و عندما یذهب الی بیت جدّه ، شخصیة تطالب المحبة و الود. إنّه دخل من بیئة عنیفة و فقیرة فی بیت فخم و غنیّ تحکم علیه القوانین الخاصّة. لجدّ جعفر شخصیة بلامثیلة، و مذهبیة و دینیة و الشخصیة التی تدور حول محور القانون.
سابقة و خلفیة البحث
بالنسبة إلی قصص و روایات نجیب محفوظ، قد تمّت الأبحاث و الدراسات المختلفة التی تتم الإشارة إلیها کما یلی:
1- دراسة المکوّنات الحدیثة فی الروایة الطویلة" السکریة" لنجیب محفوظ، عنوان أطروحة السیدة عاطفة جدی سروآغاجی قوجة، التی قامت بالدفاع عنها فی عام 2015 م فی جامعة محقق أردبیلی. کتب هذا البحث، بنزعة توصیفیة- تحلیلیة و بطریقة الرجوع الی المکتبة و قام بدراسة خصائص هذه الحرکة و تأثیراتها فی الروایة الطویلة "السکریة" ( القسم الثالث الثلاثیة ) لنجیب محفوظ من خلال دراسة الجذور و الأصول الفکریة و الفلسفیة الحدیثة و سعی فی الحصول علی الخطوات التی خطی أوّل الروایات الطویلة العربیة الحدیثة للتنسیق و الإنسجام لها مع المکاتب الفنیة و الأدبیة فی العالم و تقریبها إلی المستوی العالمی و تمتع نجیب محفوظ بالنصیب و النفع و السهم فی هذا التنسیق و الإنسجام. علی حسب عقیدة الکاتب، السکریة لنجیب محفوظ، تشمل أهمّ المکوّنات الحدیثة مثل: الإنسانیة و النزعة الفردیة و التفرّد و الوحدة و العلمانیة و تکوّن المؤسّسات المدنیة و الشک و النزعة العقلیة و النزعة التحصلیة و الإثباتیة و الهروب من التقالید.
2- عنصر بیرنج فی الروایات و القصص القصیرة لنجیب محفوظ (الدراسة: مجموعة قصة و روایة " الشیطان یعظ")، عنوان أطروحة الماجستیر لشهاب ندیمی، الذی قام بالدفاع عنها فی عام 2013 فی جامعة کوردستان.
ظهرت و نشأت القصة القصیرة فی الأدب العربی العاصر، کأهمّ نوع الآداب بعد الشعر و الروایة و القصة الطویلة و شاعت.
نجیب محفوظ، الکاتب المصری، قد لعب دورا هامّا و موثّرا فی نمو و ازدهار هذا الفن. من خصائص القصة القصیرة، وجود عنصر بیرنج الذی استخدمه نجیب محفوظ فی مجموعة قصة و روایة " الشیطان یعز" لتوجیه القصة و الروایة و إیصال النظرة العالمیة إلی القاریء و تصنیف الأحاسیس المشوّشة . تم التنسیق و الإنسجام بین تعارضات القصة و عناصر القصة من خلال المنطق الکونی و الوجودی و إلّا تصبح القصة و الروایة بلاغایة و بلاهدف و تذهب إلی الحکایة و الحدیث و الأسطورة. فی هذا البحث، فی البدایة کتبت القصة و الروایة، بشکل بیرنج ( العلة و المعلول)، ثمّ تمّ إنطباق القصة مع أنواع البیرنجات و حدّد و عیّن نوع البیرنجات المستخدمة فی هذه القصص و الروایات و فی النهایة، تمّت دراسة العناصر البنیویة للخطّة.
3- النقد الإجتماعی علی قضیة الفقر و المرأة فی القصص القصیرة لنجیب محفوظ" عنوان أطروحة مریم عظمة بناه " التی قامت بالدفاع عنها فی عام 2010م، و فی جامعة تربیة معلم سبزوار.
4- "دراسة مضمون و بنیة الروایة الطویلة "اللص و الکلاب"، لنجیب محفوظ" عنوان أطروحة الماجستیر لمحسن صولی، الذی قام بالدفاع عنها فی جامعة کوردستان. تقسّم فترة کتابة نجیب محفوظ إلی ثلاث مراحل: منها: التاریخیة و الإجتماعیة و الفلسفیة. فی ثلاث مراحل، تکون مصر و قضایاها، کالمحور الرئیسی للأفکار و الآراء له. الروایة الطویلة " اللّص و الکلاب" من الأعمال الأدبیة فی المرحلة الثالثة من کتابته، یعنی المرحلة الفلسفیة، التی کتبت فی عام 1962 و بعد ثورة 1952 فی مصر.
فی هذه الروایة و القصة الطویلة، قد جعل نجیب محفوظ، مضامین الحرّیة و الخیانة فی مجتمع مصر کموضوع القصة و الروایة الطویلة له. إنّه یصوّر مشکلات المجتمع الإنسانی المعاصر. العناصر الفنیة لهذه القصة و الروایة الطویلة تعمل علی مضمونها بصحّة. الإهتمام بالعناصر، أدّی الی أنّه یحکم فضاء منطقیّ و عقلیّ و اعتقادیّ علی القصة الطویلة و یکون لأیّ حادث سبب خاص. بین العناصر الموجودة، عنصر الشخصیة خاصّة شخصیّة البطل و آرائه، تلعب دورا أهمّ و أبرز بالنسبة إلی العناصر الأخری، لأنّ نجیب محفوظ یبدیء عن آرائه و أفکاره من خلال هذا العنصر.
ملخص قصة قلب اللیل
القصة «قلب اللیل» حکایة شخص مسمّی بجعفر التي تروي من جانب الشخصیة الرئیسیة (أنا) و راویها هو مدیر دائرة الأوقاف؛ إنّه یشرح القصة منذ رجوع جعفر إلیه لأخذ میراث جده. جعفر هو شخص الذي تلقّن أصول الدین من أمّه في مرحلة طفولیة و بعد وفاة أمه تنتقل إلی بیت جده رجلا مؤمنا وملتزما بالأصول الأخلاقیة الذي یحب إلتزام حفیده بالدین والأخلاق أیضا و عنایته بالأحکام. یستخدم جعفر أوامر جده؛ یصلّي ، ویصوم الشهور المتوالية ، ویقرأ القرآن. جد جعفر یرسله إلی جامعة الأزهر لتواصل دراسته الجامعیة. یتعرفّ جعفر علی عالم جدید غریب شیئا فشیئاً ، ویبعد من الدین ، والقرآن و الصلاة و أمثال ذلک رویدا رویدا. یستمر هذه الحالة حتي یوم من الأیام هو ملازما بصدیقه «محمد شکرون» یمرّا بجانب قطیع من الأغنام و یشاهد بنتاً مع أمها الغجریین. یرغب جعفر بتلک البنت المسمّاة بـ «مروانة» و یعارض جد جعفر مع زواجه بها ، ولکن حبه الکثیر یسبب حرمانه من المیراث وإخراجه من البیت. راوي إزدوج بمروانة الغجریّ بعیدا عن الأهل وبیت جده و لدیه أربعة أطفال ، علی مرّ الأیام ینطفئ نار حبّه الجنوني ویلتفت أنّ لم تبق له السعادة مع مروانة و مایزال تزعجه مروانة بأخلاقها السیء وتعانده فجعفر طلّق حبیبتها. بعد مضي الأیام تعرّف جعفر بسیدة الکریمة والشریفة المسمّاة بـ «هدی صدیق» في الفرقة الموسیقیة ویلتفت إلی رغبتها إلی نفسه وفي النهایة هذه العلاقة تؤدي إلی زواجهما وهما یبدئان الحیاة الجدیدة. هدى فيلسوفة في المنطق السياسیة والعالم الحداثة و قد کانت تطلب تعرّف جعفر علی عالم جدید ومواصلة دراسته الجامعیة، ولکن صدیقه محمد شکرون یسعی أن یسیء ظنّه بهدی رویدا رویدا ویرتابه في أستاذه سعد کبیر في مجال المسائل السیاسیة ممّا یوما دار جدال لفظي بینه واستاذه سعد کبیر و هو یقتل أستاذه سهواً ویسجن. یبقي جعفر محبوسا في السجن عدة سنوات و حینما یطلق سراحه ینتبه إلی وفاة جده و هو تبرّع بکل ممتلکاته لأعمال الخیر. ألآن هو قد جاء من السجن و لیس له مسکنا، متشرداً ، وحیداً و لایکون مطّلعاً علی زوجته وأولاده ، أ هم یکونون حیا أم میتاً ، .... بعد أن یطّلع علی حرمانه من المیراث یغضب و یذهب إلی دائرة الأوقاف لکي یأخذ سهمه من المیراث و تکلّم بشأنه مع الرئیس».
الشخصیة الرئیسة للقصة کالبطل
الشخصیة الرئیسیة للقصة و راویها هو جعفر و له شخصیة دینامیکیة. إنه یعیش مع والدیه ، في یوم من الأیام یواجه بأمه الملبسة بثوب أسود محزونة مغمومة و هو لایدرک سبب هذا الأمر ، ولکن حینما یسأل عن أبه ، تردّ أمه أنّه راح إلی اللّه. جعفر بعد وفاة أبیه یعیش مع أمه. أمه لاتتحمّل الحزن لفقدان زوجه فلاتستیقظ من النوم یوما وتترک جعفر وحیدا. یرجع جعفر إلی بیت جده و تربّی شخصیته تحت إشرافه حمایته و یتلقّی الدرس بإشراف جده و یواصل تعلیماته في جامعة الأزهر. تخطط جد جعفر آمالا له و هو یرغب أنه یکون شخصا متدیناً و لایألو جهدا لإیصاله إلی هذا المقام ، ولکن متزامنا مع ظهور مروانة في حیاته تتغیّر جمیع الأمور. مروانة بنت عجغریّ التي تکون حبیبة جعفر و یترک جفعر جده ودراسته من أجلها و فیُحرم من المیراث. في التالي الحوادث الوافرة تحدث في حیاة جعفر التي تتشکّل شخصیته الدینامیکیة.
تحلیل شخصیة بطل القصة (جعفر)
الإضطراب الأساسي
خلال القصة نشاهد مصاحبة شخصیة جعفر و نوع من الإضطراب الأساسي دائما ؛ مجموعة من القیود غیر ضروریة ، والجبر والقصور ، وتحقیر الطفل وعدم الإلتفات إلیه تسبب حالة من الغضب ، والإضطراب الدائم والعمیق. علي رأی هورناي أساس الغضب هو الغضب والإضطراب الدائم. السبب الرئیسي لتشکیل «التضاد الأساسي» هو الشعور بالخطر ، والتزلزل ، والرعب ، والقلق ؛ هذا یعني أن الطفل یشعر بالعجز والتعس والشقاوة و أنّه یبحث عن الطرق والوسائل لخلق السلام والمساومة بین نفسه والآخرین لامحالة لکي یحفظ نفسه من شرورهم ، فلذا یتخذ طرقا سهوا وغیر عمد وبشکل عام یخطط منهج حیاته وتصرفاته بحیث لاتسبب التعارض والنزاع مع الآخرین بقدر المستطاع ، و هو یحاول مطابقة بین تصرفاته والبیئة وتسامح وتماشی اللذین یضایقه و یدفع شرورهم» (هورناي، 1398: 32-33).
الکثیر من الجاجات الموجودة في نظریة الإضطراب الأساسي عند هورناي یوجد في شخصیة جعفر:
الحاجة إلی محبة الآخرین و تأییدهم
تعدّ جعفر بعد موت أمه شخصا وحیداً و عاجزاً. جارهم یعلم أن لجعفر جد غنيّ ، فلذلک ذهب جعفر بجده. في الزیارة الأولی نشاهد حاجة جعفر إلی المحبة:
«مدّ لي یده مادّاً یدیّ ، تصافحنا ، و سری إلی جسدي من ملمسه دفء قال برقۀه: أهلا بک. أجری أصبعه علی الخطوط المکوّنة لوجهي برقّه وعنایة فأنست إلیه ...» (محفوظ، 2015: 613-614). ترجمة: «دستش را دراز کرد، من هم دستم را دراز کردم و نزدیکش شدم. از تماس دستش بدنم گرم شد. او با مهربانی گفت: خوش آمدی. با مهربانی و دقت انگشتهایش را روی خطوط صورتم کشید. من با او مأنوس شدم.»
طبقا لنظریة هورناي لشخصیة الباحث عن العاطفة صفات و خصائص التي تجعله شخصا مطیعا هادئا و مستسلما و بشکل عام شخصا خاضعا ومتابعا للآخرین. هذا النوع من الشخصیة یربّي تمنیاته و تصرفاته ومطلوباته موافقا مع تمنیات الأخرین ومطلوباتهم وتصرفاتهم حسب رغباتهم بقدر المستطاع. هذه الشخصیة قد یحتاج إلی محبة الآخرین وتأییدهم وموافقتهم.
الحاجة إلی البحث عن السلطة
العنصر الثاني من مکونات التعارض الأساسي هو الرغبة إلی البحث عن السلطة. علی أساس نظریة کارن هورناي المیل إلی القدرة قوي في الشخص ، بحیث أنّه یرضي بتضرر الآخرین للحصول علیها. مظهر آخر من مظاهر البحث عن السلطة هو الإيمان بقوة الإرادة اللانهائية. الشخص یظنّ أنّه قادر علی الإیصال إلی شیء ما عن طریق قوة الإرادة (هورناي، 1381: 39).
یوما من الأیام دعا الجد جعفر بعد تعرفه علی مروانة و سأله عن أحوال الجامعة والتعلّم ، ثم ناقشه عن زواجه و قال أنّه قد إنتخب فتاة شریفة له و یرید زواجه معها. جعفر الذي كان محبّا جدًا بمروانة شعر بالحاجة للوقوف على طلب جده ورفضه.
«رجعت إلی حجرتي هائجا فلم یغمض لي جفن حتی ترامي إلی أذان الفجر ، شحنت بقوة جبارة و أردت أن أنهال علی الجدران فأدکها دکا ، إنطلق المارد متحدیا ، صمم علی نیل فتانة ولو علی أنقاض الحی کله لا القصر وحده؛ و ناجیت أبي و أمي طویلا، و ثار غضبي علی جدي بلاحساب، إنه لایرید أن یکفر عن جریرته ومازال غرامه عنیفا بالتسلط والقهر، و في جومة الأفکار النتضاربة نشب الحوار بیني و بین جدي، في حلم أم في هذیان اللیل أو بین النوم والیقظة لا أذکر.
- جدي ... إني أرفض. – ترفض نعمتي؟ - أرفض القهر. – و لو کان مني؟ - و لو کان! – أنت عاق، تخون الجمال والنقاء، في سبیل ماذا؟ - الحریة! – راعیة الغنم. – الدم والتشرد والهواء النقي. – إنه الجنون الذي یخرج به المسوسون من بیت العتیق. – النعیم الحق في الجنون. – إنک إبن والدیک». (محفوظ، 2015: 53-54).
«هیجانزده به اتاقم برگشتم و تا اذان صبح پلک روی پلک نگذاشتم! نیروی عظیمی بر من غلبه کرد. میخواستم به دیوارها حملهور شوم و آنها را به شدت بکوبم. خوی گردنکشی بر من مسلط شد و تصمیم گرفتم حتی اگر خانه و تمام محله بر سرم بریزد آن دختر را به چنگ آورم. چون پدربزرگ نمیخواست دربارۀ گناهش فکر کند و هنوز هم عاشق تسلط و خشونت بود خشم بی حدو اندازهام علیه او برانگیخته شد و با مادر و پدرم مناجات کردم. همه اینها به علت افکار متضاد و خواب و رؤیای شب یا روز که درست نمیدانم، به میان آمد.
- پدربزرگ. من نمیپذیرم. – دست مرا رد میکنی؟ نه، من خشونت را رد میکنم. – حتی اگر از طرف من باشد؟ - حتی اگر! – نافرمان هستی، به زیبایی و پاکی خیانت میکنی؟ آزدی!
- آزادی که نه، بلکه به خاطر همان دختر چوپانه. – خون، آوارگی و هوای پاک. – این جنون خانۀ قدیمیام است که دیوانههایی از آن بیرون میآیند. – راحتی، باعث دیوانگیام شد. – الحق که تو تخم و ترکۀ والدینت هستی. (آل یاسین، 1391: 55-56).
نشاهد أن جعفر یصمم بالزواج مع مروانة بسهولة ودون رضی جده. برأی جعفر الحیاة ساحة الصراع والمجادلة والفائز هو أخبث الناس و أقدرهم. «إحدی من الحاجات الضروریة في البحث عن السلطة هي تسلط الشخص علی الآخرین و تنظیمهم وسیطرته علیهم ، هذه الحاجات تظهر بأشکال متعددة وقد یفرض سلطته علی الآخرین مباشراً (هورناي، 1398: 56).
الحاجة إلی الإعتبار
بعد إنفصال جعفر ومروانة ، عاش جعفر حیاة صعبة أخری. إنّه قد تناول بالغناء وأداء المجالس والمحافل مع محمد شکرون. ذات یوم زار هدی بصفتها إمرءة مثقفة وفي نظرة أولی تشتاق هدی إلی جعفر. لم تستطع هدى إقناع عائلتها بالزواج مع جعفر ، لأنها كانت من عائلة ثرية مجيدة ، ، وتم طردها من الأسرة لزواجها معه في النهاية.. « إن هدی تساعدني ، هي قد کانت مثقفة ومخرّجة من مدرسة خارجیة. قد کانت تعلّم اللغة والأدب و تلقّن اللغة العربیة عند المعلم الخصوصي. إنّها کانت عبقریة جداً وتساعدني أکثر من معلم خصوصي. إنها کانت تقول لي: الشهادة لایفید وحیدة ولکن هي الوسیلة الوحیدة للإشتغال والتوظیف ، إضافة إلیها هي تهتمّ بالدراسة وقبل تغییر مزاجه بسبب الحمل والوحم لم تألو جهدا لمساعدتي أبداً. (آل یاسین، 1391: 88).
الحاجة إلی الثناء والإعجاب
« ویبدو أنّني أحرزت تقدما یستحق الإرتیاح. و کان جدي یدعوني إلی شهود مجالسه العامرة بصفوة رجال الدین والدنیا ، کان یدعوني شهودها وقتا قصیرا یناسب إتعدادي ، و کثیراً ما سمعت القوم و هم ینوهون بأجدادي في مواقفهم المأثورة حتی إمتلأت فخرا بأولئک الرجال الممتازین الذین عرفوا بالعلم والجود ومکارم الأخلاق، بقدر ما تنغض صفوی لغیاب ذکر والدی ، والظلام الذي یغشي أصل أمي ، و کلما تقدم بي العمر عاودت التفکیر في أمي بمرارة ءشدّ وأعمق، و اقتنعت بأن مأساتها – و مأساة والدي بالتبعیة – حادثة غیر معقولة و مناقضة للدین أتعلّمه وأمارسه ، و أن جدي یتصرف أحیانا تصرف من لا دین له؟ لقد ذهبت أمي ، ولکنها أروثتني دینها ومأساتها ، و سوف یرسبان في جانب من نفسي طویلا ، ربّما أطول مما تصورت.
و أغدق جدي علی حبه وحنانه و هو یتابع نجاحي وتقدمي ، قال لي: یا جعفر ، أراک جدیرا بتحدید شباب شجرتنا المبارکة! و قال لي: - سر متأبطاً ذراع الحکمة وافعل ما تشاء. و قال لي أیضاً: - مبارک من یتحلي بوحي الله و أمام المجتهد وسیلة لیتبوّأ العرش؟» (محفوظ، 2015: 34).
الحاجة إلی النجاح والطموح
من خصائص الشخصیة العصبیة هي الحاجة إلی السلطة ، والنجاح والمنزلة وإکتساب الشهرة ، لأنّ وجود مثل هذه الفرص يمثل القوة والسلطة في یومنا هذا. هورناي تعتقد أن الشخص العصبي یجذب إعجاب الآخرین و تأییدهم عن طریق هذه الأعمال ویسکّن حقارته قلیلاً. جعفر یعترف و یعتقد أن دعامات هدی سببت حصوله علی النجاح هذه. علی رغم الرغبات الجنسیة ، والتصرفات الحادة ، والإختلاف بین عمرنا ، و الإختلاف في المستوی العلمي والثقافي تزداد صداقتنا أکثر یوما بعد یوم. لقد تصیر حياتي الفوضوي متعاطياً بالمخدرات حياة مطهرة وكريمة مع تعليم العلم. هذا الأسلوب الدقیق أنقذني من مظاهر الماضیة سخیفة و تافهة وفتح أمامي طرق الحریة التي تصلني إلی القمة مع إلمام یسعد البشر الحرّ ولو یخفیها مع مصائب الحیاة.
تضعیف الشخصية بسبب الصراعات العصبية
من الآثار الهامة التي تسببها التناقضات الداخلية هي ضعف الشخصية و تعتیمها العام. یتلف الشخص العصبي الكثير من طاقته عبثا. یُضاع كثير من طاقته بسبب التناقضات ، و تضیع الجهود الدفاعية غیرها ، أي الجهود التي يبذلها المرء لحل التناقضات. إن کان وجود المرء مفککاً من البدایة وقد کان یفقد وحدة وجوده لن یمکن أنه یرکز جمیع طاقاته في جهة واحدة ویستخدمها لهدف واحد ، قسم من وجوده یرغب إلی شیء ویخالفه قسم آخر منه. هو متعطش للحب بسبب البحث عن المحبة ، و عاجز من الحصول علی المحبة بسبب الحقد والعناد العام مضمرا في وجوده دائماً. یرغب في التقدم والتفوق علی الآخرین بینما یرفض الأعمال الکثیرة بسبب خوفه من المنافسة وإثارة عداء الآخرين. هذا التشویش وفقدان الوحدة ینبثق من الصراعات الباطنیة. إنّ شعور الشخص العصبي ، ورغباته ، وعواطفه ، وعقائده ، وآماله متناقضة جمیعا وتوجب خللا بعضها للبعض ؛ فلذلک إنها تبثّ بسبب الطاقات والأفکار السلبیة وتصبح جهوده عبثا و غیر مثمرا. العامل الهام لبثّ الطاقات هو وجود نفسه المثاليّ. الذي یظنّ نجاحه تماما في فرعه المنتخب بسبب خداع نفسه المثاليّ یقوم بالأعمال المتعددة ویترکها ناقصا ، علی سبیل المثال تعزّم إمرأة أن تكون أماً مثالية في نفس الوقت ، وتعرف آداب الطبخ والضيافة جيداً أیضا، وتفقّد نفسها أیضا ، وکان لها المنزلة الإجتماعیة والسیاسیة أیضاً ، و تکون إمرأة مثالیةً ، و فنانةً ، و أمثال ذلک. من الواضح لا یمکن حصول هذه الأعمال جمیعا ، فلذا لاتفوز في جمیعها و تتلف جمیع طاقاتها عبثا.
في هذا القسم من البحث نقوم بتحلیل شخصیة جعفر من جانب تضعیف شخصیته والمقولات الموجودة في نظریة هورناي.
الأنانیة والکبر یعدّان من مشاکل المرء العصبي الکبیرة في تعامله مع الآخرین ، لأنه لایزال یحاول إستخدام الآخرین أداة لإشباع حاجاته ، و یجعلهم أداة لحصول أهدافه من إرتیاح البال ، وإثارة إهتمام الناس ، وإکتساب الإحترام و ما یماثلها ، بدلا من النظر إلیهم بوصفهم بشراً ذی الحاجات والحقوق الخاصة لهم ، ممّا إن یرید مساعدة الآخرین أو صداقتهم یقوم بها إذا ما تسبب هدوء روحه وإضطرابه. هو یحاول إنتباه الناس لأنّه یرید الشعور بالعظمة. یهزم الناس لرغبته في السیادة والتفوق علیهم. نلخص الکلام طبقا للتحلیل النهائي و نقول المرء العصبيّ یقوم بالأعمال أساسا لمصالحه فقط.
التظاهر بالحبّ
يلجأ المرء إلى بعض الحيل والخُدَع حینما یرید إستخدام الناس كوسيلة للوصول إلى المنزلة وإستثمارهم. من أهم أعمال المتظاهرة بها هي التظاهر بالحبّ بکل صراحة. یستتر الشخص العصبيّ کثیر من عواطفه ورغباته العصبیة والرغبة إلی الحسد أیضا بثوب الحبّ ، تبعا نفسه یظنّ أن دافعه الرئیسي هو الحبّ. بعبارة أخری المرء العصبيّ (خاصة نوع الباحث عن العاطفة) یعدّ شخصا عاجزا ، تعِساً وفارغاً الذي لایقدر علی العیش دون مساعدة الآخرین ، فلذلک لایزال یلتزم بالإتصال مع الناس ، فهو یتمثّل رغباته الخبیثة بشکل الحبّ الشدید لکي یلجأ إلی الناس کالعشقة ، لأنها تلتفّ حول الشجرة وتتسلق معها لأنّها لا تقدر علی التسلق مباشرة. الباحث عن العاطفة یرضي رغباته الخاصة الکثیرة عن طریق التظاهر بالحبّ ، علی سبیل المثال لم تکد أن تشعر إمرأة باحثة عن العاطفة بالحصول علی النجاح ، والقدرة ، والمنزلة ، والعظمة عن طریق رجلٍ ، حتی تقترب منه بالفور وتتمثّل أنّها تشتاق إلیه و تتصوّر أنها تحبّه بصدق ومفتونا بحبه ، لأنّ دوافعه ورغباته الحقيقية مخفية عنها. الباحثة عن العاطفة تتعلّق نفسها بحبّ الذي تظنّ یدعمها بشكل أفضل ؛ أو تُثني وتُعجب من جانبه بشکل أحسن.
نظرا إلی قصة «قلب اللیل» لنجیب محفوظ نشاهد أن شخصیة جعفر في کلي زواجیه تکون عصبیاً وهدفه الوحید هو الحصول علی مصالحه ، و نشاهد أن الحبّ یفقد حقیقته حینما یکسب جعفر مصالحه ، فنتناول بتحلیل زواجي جعفر الآنَ:
تعلّق جعفر بحبّ مروانة بمجردّ مشاهدتها على شكل فتاة راعية. إنّه یشعر بحاجة في نفسه. لمروانة شخصیة فریدة في القصة بحیث أنّها تسلّط علی جعفر بسرعة:
و ذهبت مع عروسي إلی شقة جدیدة بالخرنفش أکثر أهالي محمد شکرون وساعدني علی تجهیزها ، مکونة من حجرتین وصالة ،و بدت مروانة في ثوبها الجدید ، لا أقول إنّي سعدت بذلک ، وأعترف بأن اللون النحاسي الغامق القدیم کان أصبح جزءاً لا یتجزأ من الصورة التي زلزلت أرکان حیاتي ، علی أن نداءها ظل مستبدا طاغیا وسیطر علی سیطرة کاملة حتی إعتبرت نفسي أسیراً في ید قوة لاتعرف الرحمة ولاالهوادة ، ومن ناحیتها کانت فاتنة بفطرتها کلسان من اللهب ، و معتزة بنفسها ویقومها تکاد تسبغ قداسة علی التراب الذي منه جاءت کوردة بریة ، حتی حیاؤها الأنثوي کان غشاء شفافا لا ضعفا متأصلاً أو رخاؤة طبیعیة ، ومنذ اللحظة الأولی شعرت بأنني حیال أنثی قویة لا عمر لها تتدفق منها الفتنة والسحر والنحدي ، و أنني أستسلم في رحابها کاشفا عن ضعفي بقوة وعنف ، و أنني أجری کمطارد أو مجنون فاقد الوعي والحذر ، واشتهر أمري بین صحبي الجدد فطلقوا «علی الرجل السعید» و «الرجل الضعیف السعید» وانهالت علی التحذیرات والوصفات معا. (محفوظ، 2015: 63).
کما ذکرنا سابقا یمکن أن توجد لشخصیة واحدة ثلاث شخصیات بسبب التناقضات الباطنیة. شخصیة جعفر تکون هکذا. نشاهد روحه بوصفه الباحث عن العاطفة خلال زواجه مع مروانة. ظهور العنایة بالحبّ والعلاقات الجنسیة یعدّان من الخصائص البارزة للشخصیة الباحث عن العاطفة. «قد تظاهر بالحب کأن لم یوجد شیئاً إلا الحبّ في العالم» (هورناي، 1398: 52)، ولکن الإختلاف بین رغبات الشخص العصیي و حاجاته سببت مانعا لإشباعها دائما ، لكن في الشؤون الجنسية والحب ، يمكن أن يلبي حاجاته العصبية والمتضاربة ، ولا يفقد صداقة محبوبه ؛ علی سبیل المثال یقول إلی زوجته أو صدیقه: «علیک أن تطیع أمري لأنّني أحبک و أنت تتعلّق بي و .... یجب تناسب تصرفاتک وسلوکک حسب رغبتي. (همان:52). تُشاهَد هذه الرغبات في زواج جعفر الأول مع مروانة أیضاً. مروانة بنت عاصیة ، والعجغري ،وعصبيّ و لم تطابق مع تصرفات جعفر العصبية أبداً.
«ها هي ذي مروانة إمرأة قویة، متحدیة ، وسلیطة اللسان طویلة الید کأنما خلقت لتقاتل.
و قلت لها مرة. – للرجل إحترمه. ثم قالت بوحشیة. لایوجد رجال خارج عشش الترجمان. فقلت محزونا: - أ هذا جزاء من أعد لک البیت والأثاث؟ فصاحت بي:
- إني أکره رائحة البیوت!
- و أوغلنا السیر في إیام الجفاف والوحشیة. تابعني محمد شکرون بأسي ، وقال:
- -إنّي أخاف الحبّ الجنوني وأفضل الإعتدال. فقلت بحزن لم یدرک مداه: - إن ضحیة الشهوة العمیاء. – الحیاة الزوجیة تمرّ بحالات مرضیة حتمیة تحتاج إلی الأطباء. (محفوظ، 2015: 67).
- مروانه، قوی، مبارزهجو و در درازدستی و ترکتازی بیمتا بود مثل اینکه برای مبارزه و درگیری خلق شده بود.
- یکبار به او گفتم: - مرد احترام داره. گفت: زن هم احترام داره. غمگینانه گفتم: آیا جواب خوبی مردی که برای تو خانه و وسایل آسایش فراهم کرده همینه؟ سر من داد کشید: - من از راحتی و آسایش در خانه متنفرم.
- در روزهای ملالآور، تنهایی و جدایی به راه خود ادامه دادیم. محمد شکرون با نارحتی مواظب من بود. گفت: - میانهروی را دوست دارم و از عشق جنونآمیز میترسم. با اندوهی که اندازۀ آن را درک نمیکرد گفتم: - من قربانی هستم. – زندگی زناشویی از دورههای بیمارگونه سختی میگذرد. این دورهها نیاز به درمان دارند. (آل یاسین، 1391: 69).
في طیات العیش مع مروانة ما الذي تأثّر علی شخصیة جعفر بشدة هو الشعور بالإستهانة. زوجة جعفر وأهلها یستهزئونه کثیراً ، فهذه السخریات سببت إلی إکراهه زوجته. برأی هورناي «ضعف الثقة بالنفس و عدم إصالتها یوجب الخوف من الإذلال والإستهانة» (هورناي، 1398: 131).
في الحقیقة هناک اللحظات الخادعة في الحیاة حتی في الأیام السعادة ، ولکن ما هي اللحظات الخادعة ؟ ها هي اللحظات التي تنفصل أنت من الحیاة ، تقیم علی تلّ بجانب الشاطئ و تنظر فیها بدهشة ، في هذه اللحظة کنت أشعر بأن شخص یستهزئني ویخدعني...
کنت سألت نفسي ما حدث؟ أو نظرت إلی مروانة بدهشة وإشتعلت نار الإنتقام في باطني ، ما معناه؟ کأنّني أکرهها فجأة ، ولکن لم یکن هذه اللحظة إلا لحظة مؤقتة کشدّ العضلات ، ثم عاد تدفق الحياة إلى مسارها الحلوة ممزوجة بالحبّ العمیق والدائم. أعجب بصبر نفسي بسبب تحمل التشویش ، إنّها کانت تمشي حافیة وکانت مقاومة بشدة وتحارب العاصفة. کانت تمدّ یدي لزیارة أمها والشیخ الخرف في حیّ الشیاطین لکي یضحم هذا الشیخ و یقول: - أ لیس الأفضل أن تستخدم في المسجد بوصفک إمام الجماعة؟
أو کان یدعو للطفل في بطن مروانة و یقول: - أنت شرفنا فکن قاتلا. نحن تعبنا من زیادة اللص والسارق بیننا! أو کان یقوم بإستهزاء نسبنا و یقول: - یکون جدک راوي من؟ أنا جدک الحقیقي. أنا أقدم لک زوجة جمیلة.
للخوف من عدم إهتمام الآخرین ، والخوف من الإستهانة والإذلال عواقب في الشخص العصبي. أولا تستنتج منه عدم تقرب المرء من الآخرین ، في الثاني یوجب الحقد والتشائم ، ثالثاً یشدد المشاکل والمصائب المسبقة تماما. «هذه المخاوف تسبب خوف المرء من طلب شیء ، لاینمو الأهداف الحقیقیة والعظیمة في نفسه ، لایجرؤ أن یقترب من اللذین یشعر بتفوقهم علیه من جانب واحد ، ولایجرؤ أن یجعل نفسه جذاباً أو یحاول لإعجاب الناس أو یبحث عن حرفة أحسن. ما إن قام بهذه الأعمال حتی یحضر شبح الإستهانة والإستهزاء والإهمال بالفور و تسمّر في مکانه» (هورناي، 1398 :133).
تُشاهَد کراهة جعفر من الحیاة في زواجه الأول بوضوح وسبب جمیع الحوادث یعود إلی شخصیة جعفر العصبیة. مروانة لاتهتمّ بوجود جعفر أبداً ولاتعني به وحرفته و شخصیته في حیاتهما المشترکة. «ثمرة حیاتنا المشترکة هي أربعة أولاد. الحیاة تدفقت بعد خمود اللهاب الأولی ثم جاءت أیام العزلة والإنفصال.
قد کنت مسروراً حینما کان یقول الناس أنظروا هذا الشابّ الذي ترک البیت المتنعم ویغني أغنیة الحبّ والحریة.
هورناي تعتقد أن المرء یستخدم الخداع الخاصة لوصوله إلی أهدافه عن طریق الآخرین وإستثمارهم. من هذه الخداع هي التظاهر. الشخص العصبي یقوم بالترویج الذاتي والإدعاء والتظاهر دون إطلاعه علی نیاته الحقیقیة عفویاً لأن الناس لایدرکون نیاته الإستثماریة والأنانیة . من أهم هذه التظاهرات هي التظاهر بالحبّ» (هورناي، 1398: 144).
بدأت حیاة جعفر و مروانة مظاهرا بالحب. إعتقد جعفر أن الطریقة الوحیدة لخروجه من بیت جده هي الزواج مع مروانة ویعلم زواجه معها یوجب رفضه من جانب جده. إنّه یبحث عن الحب في وجود مروانة ولکن تبدّل هذا الحبّ إلی الکراهة بسرعة جدا و إنفکّت حیاتهما المشترکة.
- تبدّل حیاتنا إلی الیأس!
أي شاهدت تغییر حیاتنا المشترکة إلی النزاع والمشاجرة مضمرا و واضحا أحیانا. حینما کانت تشفي مروانة من حالة الجنون المهیّجة کانت تصیب بالسخط والضجر.
عندما کانت تغضب تنکسر الأدوات الموجودة حولها ، تنشق ملابسي ، وترمي أغنیاتي من النافذة ، وتصرخ في وجهي و تبدأ معرکة ونزاعاً. أصرخ في وجهها:
المرء العصبي یستترّ الکثیر من عواطفه وأمیاله العصبیة ورغبته إلی الحسد أیضا مع الحبّ ، ولکن یتصور نفسه بصدق أنّ دافعه الحقیقي هو الحبّ ، فلذلک یجبر أن یتوسّل بالناس دائماً. یعتقد جعفر أن حالة من الجنون ترتبطه بمروانة ، حینما کان یبدأ بالتقلیل فقد الحبّ و مالت حیاتهما إلی الزوال. «- یتصلني حالة من الجنون إلیها ، حینما زالت تلک الحالة وجدت نفسي مع إمرأة غریبة ولایوجد سبب لدي لمصاحبتها. قد زاد جنوني دون الشک نظرا إلی مشاعري الخفیة ، وهاجها. قلت بنفسي: - تزول حالة الجنون ولکن هناک الأولاد الذین یسببون طول حیاتنا المشترکة ، ولکن لم یکونوا قادرین علی حفظها تجاه الجوع. ما کانت مروانة إمرأة مثالیة بل هي کانت مهیجة فقط ، ما کانت أماً و لا ربّة المنزل ، بل هي خُلقت لکي تلد رجالا و ربّما لصوصاً.
في المرحلة الثانیة من الحیاة ، یزدوج جعفر بهدی مرأة غنیة و یحصل علی جمیع آماله بدعمها ، یواصل دراسته ، یطلق سراحه ، ویدخل في السیاسة ، وتنقلب شخصیته ، ولکن هذا التقلب یسبب تضعیف شخصیته مرة أخری بقدر ما یزعج جعفر من عنایة هدی إلی سعد کثیراً ،حینما یراودهما سعد کبیر أستاذ جعفر بعد أن أصبح جعفر محامیاً و یشکّ في هدی.
- التظاهر بالحسن ، والتضحية بالنفس والرحمة
التظاهر الثاني هو التظاهر بالحسن ، والتضحية بالنفس والرحمة الذي یرتبط بالتظاهر بالحبّ جداً. هذه التظاهرات تختصّ بشخصیة الباحثة عن العاطفة و تعزز من مصدرین، واحد منهما تمّ عن طریق النفس المثاليّ الذي یقول له «کن حسنا، ضاحیاً ، رحیما ، ورئوفا» و هو یجبر أن یتظاهر به و الأخری هو الحاجة إلی إخفاء الرغبات العدوانیة والتفوق المخفیة علی الناس في ضمیر الشخصیة الباحثة عن العاطفة. إنّه تظاهر بالرحمة والسلم بدلاً من إظهار رغباته العدوانیة (هورناي، 1398: 143).
- التظاهر بالشوق إلی التعلیم والمعرفة
التظاهر الثالث هو التظاهر بالشوق إلی التعلیم والمعرفة و بشکل عام التظاهر بالرغبة والشوق إلی کل الأمور. معظم الذین يتظاهرون بالعلم والمعرفة هم الذین یخنقون قواهم العاطفية والروحية و يعتقدون أن مواصلة الحياة لا يمكن إلا من خلال الذكاء والمعرفة. إنّهم یبالغون في التظاهر بالعلم والشوق إلی جمیع الأمور بقدر أنهم یتظاهرون بالشوق إلی جمیع الموضوعات والحذاقة فیها (هورناي، 1398: 145). واصل جعفر دراسته بعد الزواج بهدی وتشجیعها ونحج فیه جداً وأصبح محامیا ناجحاً ، الشوق إلی التعلیم قد ضاعف في نفسه.
- عدم الثبات في العقیدة والموضوع المحدد والثابت في الحیاة
من آثار التناقضات الباطنیة الأخری هي ضعف المرء لإتخاذ النظر والموقف المحدد والثابت عن الحیاة ، فلذلک هو یحصل علی نوع من الإعتماد علی الآخرین و عدم القدرة علی الإختیار ، علی سبیل المثال إنّه لایشاهد حقیقة صفات الآخرین وخصوصیاتهم بل یحللها علی حسب حاجاته الباطنیة. الشخصیة الباحثة عن العاطفة إفترض الناس حسناً و الشخصیة الباحثة عن التفوق إفترضهم عدواً وخبیثاً علی حسب حاجاته الباطنیة ، علی هذا یستنتج الباحث عن العاطفة نتائجاً من تصرفات الشخص وأقواله و الباحث عن التفوق یستنتج نتائجاً أخری منها. من حیث لایزال تتغیر حاجات الشخص العصبي و تتناقض ، فیتغیر رأیه عن الناس دائما. الآن یری شخصاً حسناً ، بعد لحظة ، بمجرد أن يرى أدنى قسوة وعدم اهتمامه به ، يتغير رأيه تمامًا. بعبارة أخری الشخص العصبي الذي تزلزل التناقضات الباطنیة أساس شخصیته یقدر علی تقدیم الرأي القاطع حول موضوع ما نادراً. الحاجات العصبیة لاتزال تسوقه إلی هنا و هناک. ما إن یشعر الباحث عن التفوق علی الناس بدعمه من جانب مجموعة معينة بشكل أفضل ، جتی يلجأ إلیها بالفور ، ولم یکد أن يرى الإهمال والقسوة منها ، حتی ینصرف منها و یبحث عن داعم أفضل منها. الباحث عن التفوق علی الآخرین یبحث عن موقع ما لکی أعلن نفسه أفضل ، و خندق لکي یحرب فیه أفضل. یمکن أن یظهر الباحث عن العاطفة عقیدة أو یکون موافقا مع رأی أو موقف ما ، ولکن لم یکد یبیّن شخص نافذ أو محبوب عنده رأیا خلافا لرأیه حتی یغیّر رأیه أیضا ، ولکن یتوسّل بالمنطق و الحیل والمراوغة مرة أخری تبریراً لتزلزلاته العفویة ، مثلا یقول مصلحتنا هکذا حتی الآن ولکن یقتضي الأمر بشکل أخر من الآن فصاعدا... أو رأیي عن هذا الشخص أو هذا الموضوع کان هکذا ولکن إنّکم تدرکونه خطأ و أمثال ذلک.
تکون شخصیة جعفر هکذا في قصة «قلب اللیل». جعفر بعد إفتتاح مکتبه للوکالة و إشتغاله بالوکالة ، دخل إلی عالم السیاسة و تأثر به.
النتائج
لجعفر في قصة قلب اللیل شخصیة عصبیة والسقیمة والنحیلة. مضت فترة طفولیته بصعوبة و له المصائب الکثیرة بما فیها وفاة أبیه ، وملابس أمه السوداء ، ووفاة أمه في البیت ، ووحدته ، وذهابه إلی بیت جده وحیاته الجدیدة متنعما ، ودخوله إلی الجامعة ، وحبّه إلی البنت الغجريّ والزواج معها ، والرفض من جانب جده ، وترک الدراسة والجامعة ، والمیل إلی الغناء ، وعدم توافقه مع مروانة وطلاقها ، وتشرده مرة أخری ، والسوق إلی الغناء مرة أخری ، وتعرفه علی هدی ، وحبّه بها وزواجه معها ، ومواصلته بالدراسة ، وإشتغاله بالوکالة ، ودخوله في عالم السیاسة ، وعزمه لبناء حزب جدید ، والنزاع مع سعد کبیر وقتله ، وحبسه ، و أمثال ذلک. نظرا إلی أهمّ الحوادث في حیاة جعفر نشاهد أنّه لایزال تصاحب بالتصاریف الدهر التي قد تأصلت في شخصیه العصبیة. جمیع القیود غیر ضروریة ، الضغط والظلم والقصور بحقه ، والإستهانة به وإهماله تسبب حالة من الغضب والإضطراب المستمرّة والعمیقة.
مراجع
1. الياسين، كاظم، (١٣٩١)، دل الشاب، ترجمة قلب الليل نجيب محفوظ، طهران: شاهين شهر.
2. سبيربر، مانيس (1379)، التحليل النفسي للاستبداد والاستبداد، مترجم: د. علي صاحبي، طهران: منشورات أدب و دانيش.
3. جومية، م. (۱۹۵۹)، ثلاثية نجيب محفوظ؛ ترجمة نظمی لوقا، قاهرة: دارالمصر.
4. شولتز، دوان وآلان سيدني (2013) نظريات الشخصية، ترجمة يحيى سيد محمدي، طهران: هوما للنشر والتحرير.
5. كادن، ج.، إ. (2010)، ثقافة الأدب والنقد، ترجمة كاظم فيروزماند، طهران: شادكان.
6. محفوظ، نحيب (2015)، قلب الليل، القاهرة: دار المصري.
7. كارين هورناي (2018)، تناقضاتنا الداخلية، ترجمة محمد جعفر مصفى، طهران: بهجت.
8. هورناي، كارين (1369)، غضب عصرنا، ترجمة إبراهيم خاجي نوري، طهران: شرق.
9. هورناي، كارين (2006)، علم نفس المرأة، سهيل سميعي، طهران: فينيكس.
10. هورناي، كارين (1381)، العصبية والتنمية البشرية، ترجمة محمد جعفر مصفى، طهران: بهجت.